مع استمرار غياب جيش قوى موحد وقوات أمن فعالة تزايد وجود وخطر الجماعات الارهابية والمتشددة فى شرق ليبيا وجنوبها، مهددا أمن مصر ودول الجوار الأخرى حتى أن وزير دفاع فرنسا وصف الجنوب بأنه بات وكرا للأفاعى. ينبع القلق الذى يتطلب أن نستعد له فى مصر بأقصى امكاناتنا لمنع تسلل الارهابيين الى أراضينا عبر حدودنا مع ليبيا البالغ طولها 1150 كم من عجز الحكومة الليبية عن السيطرة على الأوضاع ووجود أكبر مخزون سلاح غير مؤمن فى العالم داخل ليبيا يشمل ما يتراوح بين 3000 و8000 منصة إطلاق قذائف وصواريخ محمولة على الأكتاف وأنظمة صواريخ قادرة على اسقاط طائرات مدنية وعسكرية بالاضافة الى نحو 200 ألف مسلح بعضهم، خاضع شكليا لاشراف الحكومة وآخرون يعملون لحساب جماعات ارهابية ومتطرفة مثل تنظيم القاعدة. ويقول شهود عيان إن الأسلحة تباع على الأرصفة من المسدس الى الكلاشينكوف. قبل تصريح الوزير الفرنسى جان ايف لو دريان الذى أعرب فيه عن قلق بلاده المتزايد لتحول الجنوب الليبى الى وكر أفاعى يحصل منه المتشددون على السلاح ويجندون الأفراد فى غياب مقومات الدولة،كانت حكومة طرابلس قد أعلنت الحرب على الارهاب وطلبت من المجتمع الدولى والأمم المتحدة مساعدتها فى محاربة التنظيمات الارهابية التى تضم عناصر محلية وأجنبية، وتشن حربا على مدن بنغازى وسرت ودرنه وغيرها. ولم تحدد الحكومة، التى واجهت هجوما على ثكنة عسكرية فى بنغازى واقتحام أكبر قاعدة عسكرية جوية فى الجنوب واغتيال السفير الأمريكى واختطاف رئيس الوزراء السابق واستيلاء مسلحين متمردين على موانىء تصدير البترول، نوع المساعدة المطلوبة. لكن نائب رئيس لجنة الأمن القومى فى البرلمان صالح جعوده قال ان اللجنة تعتزم طلب نشر قوات من المغرب والأردن وماليزيا ودول أخرى تحت مظلة الجامعة العربية لمساعدة القوات الليبية على نزع سلاح الميليشيات ومواجهة تنظيم القاعدة. وسواء حدث تدخل عسكرى خارجى أم لا، يتزايد خطر تحول ليبيا التى تبلغ مساحتها نحو مليون و750 ألف كم2 الى وكر لتنظيم القاعدة والجماعات المتطرفة المتحالفة معه بالمنطقة.فاذا حدث تدخل سوف يفر معظمهم عبر الحدود البالغ طولها 4383 كم الى الدول المجاورة ومنها مصر عبر المسالك الصحراوية والجبلية الوعرة كما حدث فى مالى، وهو ما يتطلب أن نحتاط له بشدة. وإذا لم يحدث تدخل خارجى،وهو الأرجح لأنه ليست هناك دولة مستعدة للزج بقواتها فى مستنقع لا قرار له، فسوف ينعم الارهابيون والمتطرفون بالاقامة فى ليبيا والتخطيط منها لعمليات ارهابية ضد الدول التى لا توافق سياساتها هو أهم، مستخدمين أطنان السلاح التى نهبوها من مخازن القذافى بعد سقوطه فى 2011. فالوقت مازال طويلا أمام عودة هيبة الدولة وقدرتها على احتواء الميليشيات المسلحة مثل الزنتان أو السيطرة على الجماعات المتطرفة مثل أنصار الشريعة التى اعتبرتها الولاياتالمتحدة جماعة إرهابية. فى مواجهة هذين الاحتمالين تدخل خارجى أو عدم تدخل ليس أمامنا الا أن نعزز اجراءات المراقبة لحدودنا مع ليبيا والسودان سواء باجراء منفرد أو فى اطار تحرك جماعى لدول الجوار، كما طالب الوزير الفرنسى. فالدول الغربية عازفة عن التدخل خشية التورط فى مستنقع مثلما حدث فى أفغانستان والعراق، ومن المرجح ألا تتدخل دول الجوار خوفا من العواقب وربما فضل بعضها بقاء الارهابيين والمتطرفين داخل ليبيا على التدخل الذى سيدفعهم للهروب الى أراضيها والانتقام منها. وربما يكون الخيار الأفضل هنا أن تعزز كل دولة مجاورة لليبيا رقابتها وسيطرتها على حدودها المشتركة بالتنسيق، وتبادل المعلومات فيما بينها وبمساعدة دول كبرى معنية بمكافحة الارهاب مثل فرنساوالولاياتالمتحدة وبريطانيا بالمعلومات الاستخبارية والمعدات المتطورة والتدريب اللازم للتصدى للارهابيين. لمزيد من مقالات عطيه عيسوى