فى كل أزمة هم من يملكون الحل... أُناس اختصهم المجتمع القبلى فى الصعيد بالقضاء العرفى للمصالحات وردم بؤر الدم التى تتفجر مابين حين وأخر. مجموعة من مشايخ وعواقل أسوان وإن شئت الدقة قل عنهم أنهم القيادات المقبولة ذات القدرة على الإقناع وفك لوغاريتمات الثأر سواء بالدية أو القودة تجدهم يوما فى قنا وآخر فى الأقصر وثالثاً فى قرى أسوان .. وهبوا حياتهم لتنفيذ أمر الله "وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما" دون أن ينتظروا كلمة شكر من مجتمع يكاد الرعب يحيط به من كل جانب أجاويد الخير ... هكذا يطلقون عليهم فى الصعيد وهكذا هم بالفعل يجودون بالخير ليعم السلام والأمان بين الناس . وعلى الرغم من بشاعة ما شهدته مدينة أسوان هذا الإسبوع مابين الدابودية وبنى هلال ، وسقوط 26 قتيلا مصريا ، بدأت لجنة الأجاويد فى السعى نحو الصلح مابين الطرفين ، من خلال خطوات محسوبة فى ظل ارتفاع عدد الضحايا من كل جانب وأجاويد الخير فى الصعيد هم بمثابة قضاة عرف، يحكمون ويصلحون من خلال عادات وتقاليد القبائل التى تختلف من قبيلة إلى أخرى ، لذا يكون هناك حرص شديد على تمثيل جميع القبائل بشخصيات مقبولة لدى الجميع . وتعتبر القودة هى أشهر مراسم الصلح فى جرائم الثأر بالصعيد ، فبعد التوصل لاتفاقية السلام بين الأطراف المتنازعة ،يشهد العامة على هذه القودة ، فيدخل من عليه الدور فى الثأر ،سواء القاتل أو واحدا من أفراد أسرته ، حافى القدمين ،عارى الرأس ،حاملا كفنه على يده، ومتقدما نحو عائلة وقبيلة القتيل قائلا : يابخت من قبل وعفا ... فإن قبلت العائلة ذلك، يرد كبيرها قبلنا وعفونا وعفا الله عما سلف ،و هنا يتم نحر الفدو ،سواء كبش أو جمل ،كنوع من الفداء عن رأس القاتل ، فيصبح حينئذ رجلا من رجال القبيلة وفى حمايتهم ، له مالهم ، وعليه ما عليهم أما الدية فهى الأقل عرفا فى الصعيد حيث تراها القبائل عيبا كبيرا وجرحا لكرامتهما ، ولذلك فإن طرحها غير . وعودة لأجاويد الخير فى أسوان الذين بدأوا خطوات الصلح الفعلية بين الدابودية وبنى هلال ، من خلال الهدنة والتزام الهدوء بين الطرفين ، فيقود فريقهم الشيخ كمال تقادم رئيس لجنة المصالحات بالمحافظة وعضو مجلس الشورى ، ومعه الدكتور منصور كباش رئيس جامعة أسوان ورئيس لجنة تقصى الحقائق حول الأحداث المؤسفة ، الدكتور جابر عوض سيد عميد المعهد العالى للخدمة الاجتماعية وعضو مجلس الشعب السابق ممثلا لقبائل العبابدة ، الدكتور أحمد المهدى رئيس الاتحاد النوعى لجمعيات الجعافرة ،صالح مشالى عضو مجلس الشورى السابق ، الشريف عبد الوهاب أبو غريبة من قرية الرقبة بدراو ، العمدة صلاح إبراهيم عمدة الكوبانية ، جابر أبو خليل عضو مجلس الشعب السابق ، إبراهيم البرنس القيادى الشعبى بقرية بنبان ، وسينضم لهم السيد إدريس الشريف ورئيس المجلس العالمى للأشراف وأكد الدكتور منصور كباش أنه يرى جنوحا للسلم والأمان مابين الطرفين ، فالجميع يتوجس خيفة والكل ألمه ماحدث فى هذه الكارثة غير المسبوقة ، لذلك حرصنا على تهدئة الأوضاع ودفن الجثث وأداء واجب العزاء. كلنا مصريون .. هكذا بدأ صالح مشالى عضو مجلس الشورى السابق حديثه ، وقال إن الصعيد يعرف تماما إن دفن جثث القتلى فى حوادث الثأر والخلافات ،تمثل نسبة 50% من الحلول ، لذلك سعينا لدفن جثث الدابودية وبنى هلال قبل أن تتفاقم الأمور وتتعقد أكثر وأكثر ، ويرى أن الحلول قادمة وإنه لابد من الصلح الشامل الذى لاينقص حقوق طرف عن الأخر ، فالطرفان يعيشان فى منطقة واحدة منذ زمن طويل ، ولم تحدث بينهما سوى خلافات عادية بسبب الجيرة ولعب الأطفال ، وللأسف والكلام لمشالى فإن الانفلات وانتشار السلاح بعد ثورة يناير ، أوجد هذه الروح الشرسة والعنيفة التى يجب أن يتصدى لها رجال الدين وقال إبراهيم البرنس عضو لجنة المصالحات والقبائل العربية إن خطوات أجاويد الخير الذين سيسعون نحو الصلح مابين الدابودية وبنى هلال ،ستتضمن أولا التحقق من أسباب ودواعي اندلاع الأزمة ،والتأكد من المتسبب فيها. وعن إمكانية طرح حلول الدية أو القودة للتوصل لاتفاق يرضى عنه الطرفان ، قال البرنس إن ذلك خطوة لاحقة ، فما يهم أجاويد الخير الأن هو التزام الهدوء، وعدم اعتداء أى طرف على الأخر ،ووقف تبادل الاتهامات على شاشات الفضائيات وفى وسائل الإعلام، لمنح الفرصة أمام لجنة المصالحات للعمل فى هدوء وبنفس لغة السلم والاستقرار ،أكد الدكتور أحمد المهدى رئيس الاتحاد النوعى لجمعيات الجعافرة بأسوان إن الأجاويد مجموعة من الشخصيات ذات قيمة اجتماعية تتحلى بالصبر ولديها القدرة على التوفيق مابين أى أطراف متنازعة من خلال القضاء العرفى وقبول الأطراف ما تقضى به رضاءا واقتناعا ، تطبيقا لشرع الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام .