جاءت رسالة الإسلام لتحض على كل فضيلة، وتنادى بالتخلى عن كل رذيلة، وحذر القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة فى أكثر من موقع من ترويج الشائعات أو التطاول على الآخرين. وبعد ظهور مجموعة كبيرة من الشباب تقوم بتجريح المرشحين على الشبكة العنكبوتية وإطلاق ألفاظ جارحة (الهاشتاج) لبعض المرشحين لرئاسة الجمهورية والشخصيات العامة. أكد علماء الدين أن هذا العمل ترفضه الشريعة الإسلامية، ويعد سلوكا مشينا وانحطاطا سلوكيا وأخلاقيا وذلك لأن المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، وليس المسلم ببذىء أو لعان أو فاحش، ولابد أن يصون المسلم لسانه. وحذر علماء الدين من التعاون مع هؤلاء المروجين للفتنة والأكاذيب فى نشر هذه البذاءات الجارحة التى تسىء إلى مستخدمها أولا، ومراعاة لمشاعر الناس وحرماتهم، والتصدى لمن أساء وا إلى أنفسهم ووطنهم ودينهم، ووجب عقابهم شرعاً.يقول الدكتور أحمد محمود كريمة، أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، إن الكتابة على الحوائط وتلويثها واستخدام الشعارات المسيئة على الشبكة العنكبوتية ليست من الإسلام فى شىء لقول الله تعالي: (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم، ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن،) وقوله :«ولا تنابزوا بالألقاب»، وقال جل شأنه: (ويل لكل همزة لمزة) وقال سبحانه وتعالى: (هماز مشاء بنميم) وقال النبي، صلى الله عليه وسلم، (إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام) وتدل هذه النصوص وما يماثلها على حرمة الإساءة إلى الخلق، بالغمز واللمز والسب والشتم بكل الصور، وقد بين النبى، صلى الله عليه وسلم، حقيقة المسلم الحق، والمؤمن الصدق، بقوله: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) وهذه الكلمات الخادشة للحياء تدل على عدم حياء فاعلها، ومعلوم أن الإسلام جوهره الحياء، فيقال لهؤلاء المعتدين: (إذا لم تستح فاصنع ما شئت) والإضرار بالناس وإيذاؤهم، واتخاذ وسائل المعايرة والمعايبة تدل على تدنى الأخلاق، وانحطاط سلوكى، لا يفعله إلا الذين لا يقدرون حدود الله، ولا يراعون مشاعر الناس، ولا حرمات هذه الأذية النفسية، والتعليقات الساخرة على الشبكة العنكبوتية التى تنبئ عن سوء أفعالهم، وتدل على فقدهم أدنى مكارم الأخلاق، ونهى عنها الشرع، ومن الواجب على المواطن الحر، أن يبادر بإصلاح هذا الفساد الاجتماعى، والتدنى الأخلاقي، لأن ذلك من باب تغيير المنكر، وهذه الأفعال الرديئة حرام.. حرام، والقاعدة الفقهية تقول: (ما أدى إلى الحرام فهو حرام)، ويجب الأخذ بشدة على مرتكبى هذه الجرائم المسيئة للدين والوطن. ويؤكد الدكتور أحمد حسين، وكيل كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن الإسلام يبغض ويكره التنابز بالألقاب، وونهانا عن الظن بالسوء فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ)، ونصحنا رسولنا الكريم وحذرنا قائلا:«أيما امرئ قال لأخيه ياكافر، فقد باء بها أحدهما، إن كان كما قال وإلا رجعت عليه«، أما اللمز فذكر ما يعده الذاكر عيباً لأحد مواجهة، فهو المباشرة بالمكروه، فإن كان بحق فهو وقاحة واعتداء، وإن كان باطلا فهو وقاحة وكذب. والتنابز: نبز بعضهم بعضا، والنبز بسكون الباء: ذكر النبز بتحريك الباء، وهو اللقب السوء، وظاهرة التنابز مصحوبة بنوع من الفجور فى الخصومة لم يسبق له مثيل فى سالف هذه الأمة، من نفر من المشايخ وصغار طلاب العلم ، وما رأيناه على الشبكة العنكبوتية من سب وهمز ولمز فهذا نهى عنه الإسلام وهو محرم شرعاً، ولا ينبغى لأى شخص يؤمن بالله ورسوله أن يفعل هذا الأمر، فالمسلم من سلم الناس من لسانه ويده. علاج المشكلة وطالب من شاركوا فى مثل هذا العمل المشين بالتوبة إلى الله والندم على هذا الفعل والعزم على عدم العودة له أبدا، والاستغفار لمن أخطأ الإنسان فى حقه، وعلينا أن نستخدم الشبكة العنكبوتية فى الأغراض المفيدة، وليست فى إهانة الناس وسبهم أو توجيه التهم والإهانات إليهم، ويتساءل كيف بلغت هذه الأعداد وبهذه النسبة فى كلام يؤذى الآخرين؟ لابد من أن تكون هناك ضوابط على الشبكة العنكبوتية وأن نحترم بعضنا البعض، لأن هناك ألفاظا غير مستحبة تؤذى نساءنا وأولادنا، فهذه الشبكة العنكبوتية يجب الاستفادة منها وليس أن نهاجم بها بعضنا البعض، ولابد أن يعود الشباب الذين أصبح شغلهم الشاغل هو أذية الناس وسبهم، والتنابز فيما بينهم إلى الله وأن يراجعوا أنفسهم، ويعرفوا أن هذا الأمر ليس من الإسلام فى شىء. وجب العقاب شرعا وفى سياق متصل يقول الدكتور رمضان عبدالعزيز، رئيس قسم التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر، إن الإسلام يأمر باحترام الناس جميعاً بصرف النظر عن اختلافهم معنا فى العقيدة أو فى الفكر، ومادام أمرنا الإسلام باحترام الآخرين الذى يختلفون معنا فى العقيدة وفى الفكر ينبغى كذلك أن يحترم الإنسان الشخص الذى يختلف معه، ويتعامل معه من منطلق حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم الذى قال فيه (يا معاذ اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن)، فقول المصطفى صلى الله عليه وسلم وخالق الناس بخلق حسن يفهم منه أن المراد بالناس هو( جميع الناس)، سواء أكانوا مؤمنين أو غير مؤمنين، فما بالك بالمسلم الذى يؤمن بما أؤمن به من أركان الإسلام، وهنا نجد المصطفى صلى الله عليه وسلم، يقول: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)، وفى حديث آخر: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره) وبناء على ذلك فالذين يسبون غيرهم بهذه الألفاظ المسيئة قد أساءوا إلى أنفسهم أولا لأنهم خالفوا تعاليم الإسلام، وأساءوا إلى وطنهم ثانيا، لأنهم حرضوا الناس على الإساءة وعلى أن ينطقوا بكلام سيئ، كما أنهم أساءوا إلى دينهم ثالثا لأنهم يظهرون أمام الآخر الذى لا يؤمن بالعقيدة الإسلامية أن الدين الإسلامى لا يحترم أبناءه ولا يحترم أتباعه فكيف بالذين يخالفون هذه العقيدة. وأضاف: إن هؤلاء الذين يسيئون إلى الغير يجب معاقبتهم شرعاُ من منطلق قول النبي، صلى الله عليه وسلم: (لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخوانا)، أى تعاملوا وتعاشروا معاشرة الأخوة فى المودة والرفق والشفقة والتعاون.