لم تعد الأزمةتتمثل فى أن انتاج مصر من الثروة السمكية لا يتناسب مع طول شواطئها ولم يصل إلى المعدلات العالمية لكن،الأخطر أن الصيادين يتعرضون للموت حرقا وخنقا وغرقا لاستخدامهم مراكب غير مؤهلة للعمل فى ظل الظروف الصعبة بالإضافة إلى عدم شعورهم بالأمان وحرمانهم من ابسط الحقوق «معاش وتأمين صحي», مما يدفع البعض منهم إلى الهجرة غير الشرعية والقبض عليهم من قبل السلطات داخل أو خارج مصر . والمؤسف ان مافيا الصيد الجائر التى لا تفكر الا فى الربح تدفع الصيادين الغلابة الى العمل خارج المياه الاقليمية دون ترخيص أو تجهيزات والنتيجة السقوط فى شباك الموت وهو ما تجلى فى عدد من الوقائع المؤلمة مؤخرا منها مصرع 6 صيادين خنقا أثناء عودتهم من أعالى البحار إلى ميناء الأتكا بالسويس الجمعة الماضى . مطالب وحقوق للصيادين أهملتها الدولة أهمها هو فض الاشتباك بين اختصاصات الوزارات المتعددة على الثروة السمكية بشكل عام، وإعادة النظر فى رعاية الصيادين وحفظ حقوقهم . الربان أحمد نصار- نقيب الصيادين بكفر الشيخ - يرى أن هناك معوقات تسهم فى زيادة أزمة الثروة السمكية بشكل عام، أهمها هو عدم إجراء مسح دقيق وشامل لتحديد مناطق الصيد فى البحرين الأبيض والمتوسط، بصفتها مناطق تجمع وتكاثر ونمو الأسماك، وأدى ذلك إلى عدم وجود خرائط سمكية لكل نوع منها تحدد طبيعة القاع وأماكن تجمعات الأسماك ومواسمها ونوعيتها واقتصادياتها، ومن المعوقات كذلك الإضرار بالمخزون السمكى نتيجة الصيد طوال العام بوسائل صيد مخالفة، وعلى مسافات قريبة من السواحل، إضافة إلى أن معظم مراكب الصيد غير معدة الإعداد الكافى فى الإبحار خارج المياه الإقليمية، من حيث صغر قوة موتورها وعدم وجود وسائل تبريد وتجميد حديثة، و كذلك عدم وجود أجهزة تحديد أعماق أو تجمعات الأسماك، والتى لا توجد إلا فى المراكب الكبيرة. ويطالب أحمد نصار لحل أزمات الصيد المتكررة بوقفه بكل أنواعه لمدة شهرين من كل عام فى الفترة من 15يونيو وحتى 15اغسطس , وعدم استثناء أى صياد أو مركب لأى سبب من الأسباب حتى يكون هناك التزام من الجميع، علما بأن هذا الوقف سوف يوفر ما يعادل مليون طن من السولار وينبغى – كما يشير نصار - الاهتمام بالإحصائيات السمكية واستخدام أحدث الطرق اللازمة لتوفيرها، حيث تعتبر هذه الإحصائيات هى الأساس والمؤشر للمنتج والمستثمر والباحث لأى مشروع استثماري، وكذلك العمل على حماية البيئة من التلوث نتيجة إلقاء المخلفات الصناعية والزراعية والبشرية، مع العمل على فتح ميادين صيد جديدة مع دول الجوار ذات المصايد الغنية كاليمن والسودان والصومال وإريتريا وتونس وليبيا وذلك بإقامة اتفاقيات ثنائية دون الاعتماد على الاجتهادات الفردية. الثروة السمكية بمصر لا أب لها، ومسئوليتها مشتتة بين الوزارات، فعلى سبيل المثال هناك وزارة الزراعة وتتبعها الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، وشركة المصايد والمعدات، وزارة التضامن الاجتماعى وتتبعها الشركة المصرية لتسويق الأسماك، وزارة البحث العلمى ويتبعها معهد علوم البحار، وزارة الداخلية وتتبعها شرطة المسطحات المائية، وزارة الصناعة ويتبعها مصنع تعليب وتجميد الأسماك، وكل ذلك أدى إلى تضارب القرارات وعدم التنسيق، وخفض الكفاءة الرقابية وتشتت المسئولية. مسطحات مائية د. محمود حسين - رئيس هيئة الثروة السمكية - يوضح إن أنتاج الثروة السمكية فى مصر ثابت منذ 5 أعوام دون زيادة رغم اننا نطل على البحرين الأبيض والأحمر بنحو 3000 كيلو متر، بخلاف البحيرات الداخلية والبحيرات الشمالية، وهى مسطحات مائية كبيرة جدا، وهناك خطط لاستغلالها الاستغلال الأمثل لتكون لنا ميزات على مستوى العالم فى إنتاج الأسماك، علما بأن مصر تمتلك مساحات بالمياه الاقتصادية تبلغ 200 ميل بحرى لا يتم استغلالها من قبل الصيادين , وطالبنا كثيرًا بتطوير أسطول الصيد للدخول فى المياه الاقتصادية وعدم التقيد بالإقليمية التى زادت بها كثافة الصيد وأصبح هناك استنزاف لمخزوناتها السمكية أضف إلى ذلك والكلام للدكتور محمود حسين أن حالة الانفلات الأمنى أعاقت كثيرا من جهود التنمية وعدم تنفيذ وقف الصيد بالبحر المتوسط مما أثر على المخزونات السمكية ، وكذلك عدم الالتزام بالحرف المخصصة لكل مركب . ويشير إلى أن هناك خطة للهيئة فى فرض السيطرة على البحرين فى الفترة القادمة لتنفيذ قوانين الصيد بالتزامن مع حل المشاكل الخاصة بقطاع الصيد لتوفير البيئة المناسبة لعمل الصيادين، مع الاهتمام بدراسة المخزونات السمكية حتى تكون هناك ادارة علمية للمصايد الطبيعية فى الفترة القادمة، وتطوير الموانئ المقامة حالياً وإنشاء أرصفة ببعض الموانئ لاستيعاب عدد المراكب وتطوير الخدمات المقدمة للصيادين بها، مع العمل على توقيع برتوكولات واتفاقيات مع دول الجوار ليكون العمل مقننا لتلك المراكب .و يبلغ إنتاج مصر من الثروة السمكية نحو 77 ألف طن سنويا من البحر الأبيض و55 ألفا من البحر الأحمر، وقد وافقنا على الصيد فى المياه الاقتصادية، وهناك مشروعات للاستزراع السمكى تنوى الهيئة تنفيذها. المحافظون والنواب مشكلتنا دائما مع المحليات والمحافظين ...هكذا أشار محمد الفقى رئيس الاتحاد التعاونى للثروة المائية، فحين نطالب بوقف الصيد، أو يتم توقيع عقوبة، نفاجأ بالمحافظين أو أعضاء مجلس الشعب بالسعى لحل هذه الأزمة، مع أن هدفنا هو الحفاظ على المسطحات المائية، فنحن لدينا ما يقرب من 3500 مركب تعمل فى البحرين الأبيض والمتوسط. وفى ميناء البرلس يشكو الصيادون من ضيق اللسان وقصر الرصيف وهذا مما يعوق الصيد ويؤدى إلى شحوط العديد من المراكب، والكراكات التى تعمل فى أوقات قليلة فى السنة. ويشكو حمدى شرابى نقيب الصيادين ببرج البرلس من القرار 190 لسنة 83 الخاص بإنشاء الهيئة العامة للثروة السمكية، حيث يرى أنه قانون مجحف ويجور على الصياد، ولابد من إعادة تقييم مهن الصيد مرة أخرى، فمعظم المراكب الآن تعمل بالمخالفة لما تم الترخيص عليه، ولابد من إعادة هيكلة هذه المهن حتى نستطيع مواجهة التحديات، ونبتعد عن الصيد الجائر، فكل فترة يتم حجز بعض الصيادين بسبب الصيد غير الشرعي. ويرى عادل عبدالعاطى - رئيس نقابة صيادى الإسكندرية - أن أسباب تدهور الثروة السمكية هى أن هناك مجموعة من الصيادين يقومون بالصيد الجائر، والقضاء على « الزريعة » ، فصيدها يتم بتصريح من الثروة السمكية ويتم نقلها وهذا يؤثر على نمو الأسماك فى البحر، وهناك سبب آخر هو أن مراكب الجر من المفترض أن تعمل على بعد خمسة كيلو مترات من الشاطئ حتى لا تقضى على الزريعة ونمو الأسماك فى البحر. وما يحدث من الصيد الجائر سببه عدم وجود أسماك فى البحر ولذا فإن صاحب المركب يغامر بها وعماله بالصيد فى مناطق الدول الأخرى الإقليمية، لذا فإن حل هذه المعادلة يحتاج تطوير وسائل ومراكب الصيد مع الحزم فى مواجهة الصيد الجائر وقتل الزريعة.