لماذا أشعر بأنهم مجموعة من الانتحاريين يفجرون أنفسهم في اللغة وفي المشهد الشعري..؟! شعراء قصيدة النثر يتصادمون مع بلدوزرات قصيدة التفعيلة وما قبلها ويحلمون مع بودلير بشعر يتوافق مع الحركات الغنائية للروح ومع تموج الأحلام ورجفات الوعي.. هم أشبه بالمنشقين السوفيت, تمردوا علي دولة قوية في عز مجدها ولكنهم انتصروا بعد حين وتفكك الاتحاد السوفيتي.. فهل تلاقي دولة الشعر العربي المصير نفسه.. جون تتر.. الشاعر السوري يقول: سرق المارة الشاحبون كل الضوء.. حجرة النوم الأخيرة.. فضاء دون عصافير أو نجوم.. ألن تعود الأشياء هادئة لنبتسم قبالة مرآة صدئة.. أمام أنثي.. والبدوي المسرور بالقطة الكهربائية تحرك ذيلها الأبيض الصغير.. إنه جيل من الشعراء يبحث عن تفرده وتمرده ويدفع الثمن من تعتيم وإزاحة وخلافه.. وتجلس عزة حسين علي كرسي هزاز وتقول: البهجة.. تحرجني كثيرا.. هذه الكلمة.. كبدلة عرس متربة.. يفاجئني وجودها القديم.. بينما علي منصور يستفزك بالعادي وغير المدهش فتدهش.. رجل في الخمسين راح يفكر.. تري فيما يظنون راح يفكر نعم؟! نعم.. لقد راح يفكر فيما ينبغي عليه أن يفكر.. رجل في الخمسين.. أما فارس خضر فمازالت الصبابة تداهمه بصور شعرية جديدة.. البنت التي تشبه العذراء.. بلا هالة نورانية حول رأسها.. ولا ورود تدور حول قدميها ولا أردية ملائكية.. فقط بحزنها الكثيف وعينيها الكابيتين.. تغزل كل يوم ثوبا للتعاسة.. ثم تجرف الحنين من صدرها.. ملتقي قصيدة النثر يحرض علي التجريب والتجديد ولا ينسي إسهامات جماعات سابقة مثل جماعة الفن والحرية وجاليري..68 كلها أسهمت في إيجاد تيار ثقافي رفيع يسعي إلي تحرير الجماعة الثقافية من فعل الاحتكار والهيمنة كما يقول محمود قرني.. إنهم شعراء من العالم العربي وليس من مصر فقط.. عزيز ازغاي المغربي يقول: لسوء حظ الدماثة اشتريت وردة بأكثر من رائحة.. ومن فرط أناقتك.. رحت ترتب للشك صدءا.. يليق بالمتاحف.. ثم فتحت أزرار قميصك لقطارات القراصنة.. بعد أكثر من قرنين فهمت أن الحذر ليس مسئولا عن إنضاج الأخطاء.. الأشياء عادة ما تكذب.. الأقلام والحواس ليست دائما في الجوار كأنها علي فرس ليس بحاجة إلي حصان.. قصيدة النثر فيها براح وقدرة علي المناورة أكثر وتناسب والاختراع الجديد الذي هو.. المدونة الشعرية عم الانفجار العرفي وشعرية الأفكار.. لينا الطيبي السورية تقول التفاحة: ليست امرأة.. ولا الشجرة في سقوطها.. الحائط إذا يتداعي لا يشبه النساء.. نيوتن وحده يدرك أن قانون الجاذبية لا يصلح لكل الأوقات وأن المرأة عندما تنضج لا تشبه سلال التفاح وإذا سقطت التقطت بأصابعها السماء.. نيوتن وأنا نعرف أن النضج لا يعني دائما وقوعا وأن المطر وحده ليس كافيا لقشعريرة تدوم.. المنشق الأكبر أيضا هو المصري أحمد الشهاوي يدعو إلي ملتقي شعر عربي في مصر فيأتي إليه عشرات لامعون من استراليا وحتي المغرب.. أحمد يسعي أيضا إلي تحرير الشعر للنهاية حراك ثقافي رائع يعيد الحيوية إلي الإبداع المصري والعربي ولكن هذه التجربة تحتاج إلي انفتاحات طموح علي المنجز الشعري العالمي في أمريكا اللاتينية وأوروبا.. وتحتاج إلي التمويل والموالاة بمعني توالي الجهود المصممة علي إبداع جديد تستحقه مصر. [email protected]