رغم أن فصل الربيع من أبهى فصول السنة، إلا إنه يعرف بموسم ازدهار الكآبة والتى تصيب بعض السيدات نتيجة التغيرات الجوية، حيث إن هناك تغيرات تحدث للمرأة نتيجة التقلبات المناخية، يزداد فيها النشاط العصبى، مع ملاحظة الشعور بالسعادة ثم تقلّب المزاج والإحساس بالضيق دون أي سبب واضح، ونتيجة لذلك فلقد أكد الباحثون أن المرأة أكثر عرضة للإصابة بمرض الاكتئاب من الرجل.. ويرجع د.مجدى دهب أستاذ الأعصاب بطب الأزهر هذه التغيرات فى المزاج إلى التغيرات الهرمونية التى تصيبها وما يصاحبها من نقص هرمون الأستروجين، واضطراب نظام النوم (الأرق) متأثرا بتغير مادة الميلاتونين المنظمة لدورة النوم واليقظة، فضلا عن تذبذب الحالة الانفعالية، مما يدفعها أحيانا إلى الغضب والثورة لأقل الأسباب، وكذلك يبدو تفكيرها مشوشا غير منظم، ينعكس في أخذ قرارات غير منطقية في بعض الأوقات، هذه الأعراض تظهر في بداية تغير الفصل، وتصيب في الأغلب الشخصية الاكتئابية الهوسية، لكن نسبة كبيرة من السيدات لا يهتممن بما يحدث لهن ويتعاملن مع الموقف بجهل قد يؤدى إلى تدهور الحالة إلى ما هو أبعد من أعراض موسمية. ومن جانب آخر فإن عدد النساء اللواتى يتم تشخيص إصابتهن بمرض الاكتئاب يعادل ضعف عدد الرجال، وهناك العديد من العوامل البيوكيميائية و الوراثية والبيئية يمكن أن تكون المسببة لهذا المرض كتغيرات فيزيائية للمواد الكيميائية التى توجد فى دماغ الإنسان بشكل طبيعي، وهى «ناقلات عصبية» لها علاقة بالمزاج، وتلعب دورا فى الإصابة بالمرض وأيضا الخلل فى التوازن الهرموني فى الجسم، أما هذا بالإضافة للعوامل الوراثية حيث تشير بعض الأبحاث إلى أن ظهور الاكتئاب أكثر انتشارا لدى الأشخاص الذين لديهم أقارب مصابون به، أما العوامل البيئية فتتمثل فى المصاعب التى يواجهها الإنسان ويصعب عليه تقبلها أو التكييف معها، مثل فقدان شخص عزيز، أو مواجهة مشاكل اقتصادية. وعلى الرغم من أن المرأة أكثر تعبيراً عن حالتها النفسية من الرجل وأكثر قبولاً للمساعدة الطبية النفسية فقد أشارت الأبحاث إلى أن معدل الاكتئاب لدى المرأة ضعف معدله فى الرجل، وذلك طبقا للتكوين العاطفى للمرأة والتغيرات البيولوجية التى تتغير معها كيمياء الجسد والمخ، ويزداد هذا الوضع مع الحمل والولادة وبعد انقطاع الدورة وبالتالى تعانى المرأة من آثار انخفاض مستوى هرمون الاستروجين فى الدم، وعلى الرغم من أن هذه النسب العالية للإصابة بالاكتئاب تصيب المرأة، فإن كثيراً من الحالات لا يتم تشخيصها لأن المرض ربما لا يظهر فى صورة صريحة ولكن على هيئة شكاوى جسدية مثل الصداع المستمر وآلام بالجسد واضطرابات فى وظائف الجهاز التنفسي أو الهضمي وغيره، وهذا يجعل الأمر يتداخل مع اضطرابات عضوية أخرى مع أنها فى الأصل حالة اكتئاب نفسى ولكنه متخف فى صورة أعراض جسمانية، وحين لا توجد فرصة للتعبير عن الاضطرابات الوجدانية بشكل مباشر فإن الجهاز النفسي للمرأة يحول جزءاً كبيراً من الاكتئاب إلى أعراض جسمانية لكى تحظى هذه الاضطرابات الجسمانية بالاهتمام. ويضيف د.مجدى أن المرأة تقع تحت ضغوط شديدة تسبب لها اكتئاباً مزمناً وربما عقداً نفسية، وأن من أهم مصادر اكتئاب المرأة هو الرجل ومعاملته السيئة لها، والاستهزاء بما تقوم به سواء كان فى العمل أو في المنزل، وهذا ما أشارت إليه دراسة أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بالقاهرة، ولأن المرأة سهلة الوقوع في براثن الاكتئاب، نظراً الى تكوينها الجسدي والنفسى فنجدها قد تصاب به لاسيما بعد الزواج لأنه مرحلة حاسمة فى حياتها. ويشير طبيب الأعصاب أن أعراض الاكتئاب لدى الرجال تختلف تماما عنها لدى النساء، فعندما يتعرض الرجل لضغط عصبى فإنه يحاول التصدي له بتكثيف ممارسته للرياضة أو تركيز اهتمامه على العمل وأنشطة الإنترنت، وذلك لكي يصرف ذهنه عن المتاعب النفسية التي يعاني منها ، ونظرا لقلة اعتراف الرجال بما يعانون من أعراض تشير إلى متاعبهم النفسية، لا يتم تشخيص وعلاج الأمراض النفسية لديهم بشكل كاف، ومن ثم تظهر أعداد الإصابة بالاكتئاب لدى الرجال أقل منها لدى النساء. وعلى الرغم من انه ليس هناك طريقة للوقاية من الاكتئاب، إلا أنه يمكن اتخاذ بعض التدابير للسيطرة على التوتر، من خلال ممارسة النشاط البدنى، فكلما قل مستوى نشاط المرأة البدني وزادت ساعات جلوسها، زاد احتمال إصابتها بالاكتئاب، فالجلوس لفترات طويلة دون بذل أي مجهود حركي.. يعطي المرأة الشعور بالانعزال التام والإحباط.. والتوتر النفسي، بينما قضاء الوقت في نشاط بدني يقوي ثقة المرأة بنفسها ويمنحها الإحساس بالسيطرة والإقبال على الحياة.