ناجى الشهابى أول من يسجل حضورا بقاعة الشيوخ: الانضباط أول رسالة للمواطنين    تعرف على عقوبة عدم التصويت في الانتخابات البرلمانية    محافظ الدقهلية منح مهلة أسبوع واحد لأصحاب (التاكسي) لإعادة معايرة العداد طبقًا للبنديرة الجديدة    استقرار نسبي في أسعار الفراخ اليوم السبت 18 اكتوبر 2025فى المنيا    وزير المالية: الفائض الأولي يزيد على 170 مليار جنيه خلال الربع الأول من 2025/2026    السبت 18 أكتوبر 2025.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع اليوم    باقى 12 يوما على تأخير الساعة 60 دقيقة حسب التوقيت الشتوى    اليونيسف: غزة بحاجة إلى 600 شاحنة مساعدات و50 شاحنة وقود يوميًا لتفادي الكارثة الإنسانية    طقس اليوم السبت.. أجواء حارة نهارا وبرودة في الليل    تموين الفيوم تضبط 119 مخالفة تموينية متنوعة تشمل سولار وسلع غذائية منتهية الصلاحية    مصرع 3 أشخاص وإصابة 15 شخصا فى حادثى سير بالطريق الصحراوى بالبحيرة    مظلات الباراموتور.. 48 ساعة من البهجة والمتعة من ارتفاع حوالى 1000 قدم فى سماء الأقصر.. سماء مملكة المعابد والمقابر التاريخية تتزين بالمظلات بمشاركة 100 أجنبى من 15 دولة.. والمحافظ يشارك الضيوف الحدث.. صور    ماريان خورى تفتتح فعاليات سينى جونة بمهرجان الجونة السينمائى    بعد نجاتها من حادث سير.. نجوى إبراهيم تكشف تطورات حالتها الصحية (فيديو)    مواقيت الصلاة اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    جولة لمدير الرعاية الصحية بالأقصر بوحدة طب أسرة طيبة لمتابعة خدمات المواطنين    بدء تقديم خدمات كهرباء القلب بمستشفيى بنها ودمنهور التعليميين    نجاح عمليتين دقيقتين لجراحة الوجه والفكين بمستشفى شربين المركزي في الدقهلية    الأونروا: أكثر من 8 آلاف معلم في غزة مستعدون لمساعدة الأطفال على العودة إلى الدراسة    عمرو الليثي يستضيف والد أشهر عروس على "السوشيال ميديا" غدا    ترامب يدعو كييف وموسكو إلى التوقف عند هذا الحد وإنهاء الحرب    «الحوض والظهر».. المعد البدني السابق للأهلي يكشف سبب إصابات أشرف داري    إحالة عاطل للجنايات بتهمة سرقة متعلقات أصحاب السيارات بمصر الجديدة    بمشاركة وزراء وخبراء، جامعة القاهرة تطلق اليوم مؤتمرها الدولي الأول للذكاء الاصطناعي    طريقة عمل البطاطا الحلوة بالبشاميل، تحلية مغذية ولذيذة    في محاكم الأسرة.. عناد الأزواج يُشعل معارك الولاية التعليمية    ترامب يفرض رسوما جمركية جديدة على الشاحنات والحافلات    لص يستخدم كلب شرس لسرقة المارة بالإكراه    تشييع جثمان تلميذ الإسماعيلية ضحية زميله اليوم من مسجد المطافي    زيلينسكي: وقف إطلاق النار هو الخطوة الأولى في تحقيق السلام    «شوفنا حاجات غريبة».. أحمد شوبير يعلق على احتفالات مولد السيد البدوي    الأهلى يضع «عبدالمنعم» ضمن المرشحين لدعم الدفاع فى يناير    لا ترهق نفسك بالتفاصيل غير الضرورية.. خظ برج الجدي اليوم 18 أكتوبر    أنغام تُشعل أجواء قطر بأمسية غنائية استثنائية (فيديو)    ذات يوم.. 18 أكتوبر 2006.. وفاة الكاتب المفكر محمد عودة.. «الفقير» الذى اغتنى بلمة المريدين ومؤلفات ومواقف تحمل أمانة الكلمة وضميرا يقظا لم تخترقه أى إغراءات    تشكيل الهلال المتوقع لمواجهة الاتفاق في الدوري السعودي    تشكيل بايرن ميونخ ودورتموند المتوقع في كلاسيكو ألمانيا    أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 18 أكتوبر 2025    أمير الغناء العربي يلتقي جمهوره في أبو ظبي مساء 26 أكتوبر    وزير الري: مواصلة إدارة الموقف المائي بصورة ديناميكية وفقا للرصد اللحظي في أعالي النيل والتنبؤات الهيدرولوجية    نائب وزير الصحة تتفقد وحدة طب أسرة الذراع البحري وتعقد اجتماعًا تنسيقيًا لضبط معدلات الولادات القيصرية في الإسكندرية    استقرار أسعار اللحوم في المنيا اليوم السبت 18 أكتوبر 2025    اليوم.. الحكم على 37 متهما بقضية "خلية التجمع"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 18-10-2025 في محافظة قنا    رد صادم من متحدثة البيت الأبيض على سؤال بشأن قمة ترامب وبوتين يثير جدلًا واسعًا    الجنائية الدولية ترفض طلب إسرائيل بإلغاء توقيف نتنياهو وجالانت    الصين توافق على محادثات تجارية جديدة مع الولايات المتحدة في أقرب وقت ممكن    مواعيد مباريات اليوم السبت 18 أكتوبر والقنوات الناقلة    الزمالك يواجه ديكيداها الصومالي في مستهل مشواره بالكونفدرالية الأفريقية    تعادل مثير بين سان جيرمان وستراسبورج في الدوري الفرنسي    عبد البصير: المتحف المصري الكبير سيفتح أبوابه في توقيت مثالي لتعزيز السياحة    حكم التعصب لأحد الأندية الرياضية والسخرية منه.. الإفتاء تُجيب    هل يجوز للمريض ترك الصلاة؟.. الإفتاء تُجيب    المصري هيثم حسن يقود تشكيل ريال أوفييدو أمام إسبانيول في الليجا    تراجع عيار 21 الآن بالمصنعية.. سعر الذهب اليوم السبت بالصاغة بعد الانخفاض الكبير    ِشارك صحافة من وإلى المواطن    القطط فى مصر القديمة.. الرفاق الذين أصبحوا آلهة    العلماء يؤكدون: أحاديث فضل سورة الكهف يوم الجمعة منها الصحيح ومنها الضعيف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرية الحوار و قوانين حياة المجتمعات
نشر في الأهرام اليومي يوم 27 - 03 - 2014

انشغل علماء النفس السياسى بدراسة ظاهرة تفكك وتماسك الجماعات القومية والدينية والسياسية, وغيرها,
وخلصوا إلى عدد من القوانين العلمية التى يمكن من خلالها التنبؤ بمسار حياة الجماعة بل والتدخل لإنقاذ تلك الحياة أو تدميرها, و لعله ما يستوقف النظر إقدام بعض الجماعات - بزعم التشدد فى الحفاظ على قوتها و تماسكها - على أنماط من الفكر والسلوك تنتهى بالجماعة إلى التفكك و الاندثار, ولعل أبرز تلك الأنماط هو تبنى الجماعة لفكرة أن الجماعة المتماسكة هى التى يلتزم أفرادها بنمط فكرى واحد، و أنه ينبغى إغلاق الأبواب أمام تسلل الغرباء أو أفكارهم الغريبة .
لقد كان الاتحاد السوفيتى على سبيل المثال - يبدو شامخا فى عالم القطبين الكبيرين, فى مواجهة القطب الآخر المتمثل فى الولايات المتحدة الأمريكية, وكان ثمة تشابه بين القطبين لعل الكثيرين لم يتوقفوا أمامه حيث كان الانتباه مشدودا إلى أوجه التناقض بينهما. لقد قامت الولايات المتحدة الأمريكية على امتزاج مهاجرين يحملون العديد من الثقافات المتباينة, وفى المقابل فقد قام اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية على بنية بشرية متعددة القوميات. وكان طبيعيا أن تبذل السلطة على الجانبين جهدا كبيرا لصهر أبنائها تحت مظلتها.
واختارت قيادة الاتحاد السوفيتى إطارا عقائديا صارما للصهر و التوحيد, وإدانة أى اجتهاد يختلف مع تأويلها للعقيدة الماركسية مهما حاول أصحابه إعلان التزامهم بمبادئ تلك العقيدة ووضعت قيودا صارمة أمام التسلل من الاتحاد السوفيتى أو إليه، و انهالت الاتهامات بالمراجعة والردة لتطال وأصحاب «الشيوعية الأوروبية»، و تيتو زعيم يوجوسلافيا, وماو زعيم الصين, فضلا عن كاوتسكى وتروتسكى وغيرهم من زعماء الاتحاد السوفيتى نفسه.
واختارت قيادة الولايات المتحدة المبالغة فى تأكيد حرية المواطن إلى حد حريته فى حمل السلاح, وحقه فى اعتناق ما شاء من عقائد, والتحول من عقيدة لأخرى, والتهجم على العقائد جميعا، فضلا عن منحها الحق المطلق فى الحصول على الجنسية لكل مولود على أرضها. وبدا أن الانتماء الأمريكى مهدد بالاندثار.
وانعكس ذلك بطبيعة الحال على حيوية المجتمع على الجانبين. لقد أدى تغليظ العقاب للمرتدين و المراجعين من المارقين على التأويل الرسمى للعقيدة الماركسية, إلى غياب ذلك الجدل الضرورى بين الموافقين والمعارضين, ومال الكثيرون للأخذ بما يشبه التقية, وامتلأت صفوف الحزب الشيوعى بالمنافقين والخائفين والطامعين ممن يرفعون أصواتهم صارخين بولائهم للحزب و التزامهم الحديدى التأويل الرسمى للعقيدة, مبقين آراءهم «الرجعية المنحرفة» دفينة فى صدورهم, لا يهمسون بها إلا لخلصائهم, ومن ثم ظلت تلك الأفكار بمنأى عن المناقشة والتصحيح, بل وأدى ذلك الخفاء إلى استحالة معرفة القيادة للحجم «الحقيقي» لأتباعها المخلصين.
وانهار الاتحاد السوفيتى فى النهاية من الداخل, وعاد الحزب الشيوعى إلى حجمه الحقيقى بعد أن انفضت جماهيره الغفيرة من حوله ليتجه كل فريق صوب انتمائه المختار. ومما لا شك فيه أن إغلاق الباب أمام الحوار المفتوح حول أسس العقيدة الشيوعية بالنسبة لأبناء الاتحاد السوفيتى كان عاملا مهما وإن لم يكن بطبيعة الحال - العامل الوحيد فى انهياره.
وفى المقابل, ما زالت الولايات المتحدة قائمة بتناقضاتها الداخلية الحادة, مستمرة فى الحياة رغم سياستها الخارجية العدوانية التى تلقى معارضة داخلية وخارجية, ورغم كل «فوضي» الآراء والأفكار. وقد يكون ضمن عوامل ذلك البقاء حقيقة أكدتها دراسات علم النفس السياسى التى أشرنا إليها مؤداها أن تخلخل الانتماء لا يتوقف فحسب على حجم الظلم الواقع على أعضاء الجماعة, بل يرتبط أيضا بمدى اليأس من إمكان التغيير. وأن حرية التعبير عن الآراء مهما يكن جموحها هى الضمان الحقيقى للاحتفاظ بذلك الأمل فى إمكان التغيير, فى حين أن تجريم التعبير عن تلك الأفكار يدفع بها بعيدا عن التصويب فضلا عن أنه يرسخ لدى أصحابها قناعة بصوابها, ولا يجعل أمامهم إلا أن يولوا ظهورهم للانتماء للجماعة, متمنين زوالها إذا ما عجزوا عن تفجيرها بالثورة, وإن الانتماء للجماعة لا يقاس بعدد من يعلنون انتماءهم لها إلا فى إطار توافر حرية الاختيار والمفاضلة, وأن تشديد العقوبة على الأفكار المخالفة لا يكفل أمنا ولا استقرارا.
ترى هل من سبيل لاستيعاب كلمة العلم وحكمة التاريخ؟ هل من سبيل للتسليم بأن إطلاق حرية التعبير حتى عن تبنى أفكار «جامحة» يمثل ضمانا أساسيا لنقاء صفوف المنتمين للأفكار «الصحيحة»؟ وأن المجبرين على النفاق أشد خطرا على تماسك الجماعة من المعارضين علنا لتوجهاتها؟ ألم يحن الوقت لإدراك حقيقة أن الخوف من العقاب يعد مصدرا رئيسا لشيوع رذيلة النفاق التى تنهى عنها الشرائع السماوية جميعا, بل وتنفر منها نفوس البشر كافة؟ و أن تغليظ عقوبة الخروج على الفكر السائد إنما يعنى إسباغ عضوية الجماعة على المنافقين, فتفيض سجلات «المؤيدين» بكثرة لكنها كغثاء السيل؟.
لمزيد من مقالات د. قدري حفني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.