فتحى عبد الحميد محمد إبراهيم، فلاح، عمره 35 سنة، يعيش مع زوجته وولديه بقرية القراموص مركز أبو كبير محافظة الشرقية، وهى تبعد عن محافظة القاهرة حوالى 90 كيلو. البساطة هى عنوان حياة فتحي، بداية من تعاملاته، ووصولا إلى بيته الريفى المتواضع، الذى يعيش فيه مع أسرته الصغيرة، وهو فى نفس الوقت محل عمله. فتحى لم ينل أى قسط من التعليم، لم ييأس، أو يعتمد على غيره، بل قرر أن ينشيء مشروعه الخاص، فأنشأ فى بيته ورشة صغيرة لصناعة أوراق البردى من خلال أدوات ومواد بدائية بسيطة، لا تتخطى أسعارها 2000 جنيه، فهناك غرفة فى البيت لكل مرحلة، فهذه لمرحلة التشريح، وثانية لمرحلة الرص، وثالثة لمرحلة الكبس ورابعة لمرحلة التجفيف. وحسب كلام فتحى فإن شتلات البردى يفضل زراعتها فى فصل الربيع، حتى تعطى محصولا أفضل، كما أنها تحتاج لمياه كثيرة مثل نبات الأرز، ويتم جنى المحصول بعد حوالى شهرين من الزراعة، ويتم جنى وتقطيع عيدان البردى بآلة حادة، حتى تظل جذورها مثبتة فى الأرض لتنبت شتلات جديدة لتنتج عيدانا أخري. فتحى عبد الحميد، يعمل فى هذا المشروع منذ 7 سنوات تقريبا، ويرى أن الإقبال على ورق البردى قل تدريجيا، خاصة بعد الثورة، بعد تأثر السياحة فى مصر، حيث إن القرية يوجد بها جمعية تعاونية لانتاج وتسويق البردي، يشرف عليها الدكتور أنس مصطفى أحمد، وهو من أدخل زراعة البردى للقرية، ويتم بيع أوراق البردى التى تصنع فى القراموص فى عدد من الدول الأوربية مثل إيطاليا وأسبانيا وفرنسا، ويحظى ورق القراموص بشهرة كبيرة فى هذه الدول، وعندما تقام معارض هناك يكون هناك اهتمام بمنتج القراموص من البردي، علاوة على أن القراموص هى المورد الرئيسى لورق البردى لكل صالات العرض فى القاهرة وشرم الشيخ والغردقة والأقصر، والتى يبلغ عددها ما يقرب من 500 صالة عرض. ووفقا لفتحى فإن أسعار ورقة البردى تتراوح بين جنيه و10 جنيهات، وذلك حسب مقاس الورقة، أى أن دخله الشهرى بعد المصاريف يصل إلى 3 آلاف جنيه، قابلة للزيادة أو النقصان، وهو دخل جيد جدا حسب كلامه، أسرة فتحى هى حالة ضمن مئات الأسر فى قرية القراموص، والتى تعمل فى زراعة وصناعة البردي، حيث تضم القرية ما يقرب من 15 ألف أسرة معظمها يعملون فى زراعة وصناعة البردي. الجميل فى القراموص، هو أن الجميع يعمل، وأنها لا توجد حالات بطالة بين الشباب سواء المتعلمين أو غيرهم، لأن كل فرد بطبيعة الحياة يتعلم المهنة من أسرته. ويعد الدكتور أنس مصطفى أحمد، وهو أستاذ الفنون الجميلة بجامعة حلوان، هو أول من أدخل هذه المشروع إلى قرية القراموص، وأحضر شتلات البردى من الإدارة العامة لحدائق القاهرة، وبدأ بزراعة قطعة صغيرة من الأراضى حتى أصبحت الآن آلاف الأفدنة، فى البداية قام الدكتور أنس بعمل مشروع ضخم، يضم ما يقرب من 200 من ابناء القرية، وقام بتعليمهم كيفية زراعة وتصنيع أوراق البردى من خلال أدوات بسيطة ودون تكلفة تذكر، وبعد أن تعلم أهالى القرية المهنة، وشعروا أن مكسبها جيد، أنشأ كل فرد مشروعه الخاص، وبمرور الوقت تزايدت أعداد الأسر التى تعمل فى صناعة البردى ومعها أيضا قلت البطالة فى القرية، وتوافد على القرية عدد كبير من أبناء القرية المجاورة بحثا عن فرصة عمل فى القراموص.