وكأن الفرح أبى أن يكتمل ليغتال الحزن حلم العمر ويحوله إلى كابوس يدوم أياما وسنوات ولو أن عدوا أراد أن يختطف فرحة أسرة ظلت طوال شهور تجهز لها ما إستطاع أن يفعل بها. ذلك لتغتال رصاصة القدر الحلم الذى تبدد وتحولت الضحكات إلى صرخات والزغاريد إلى بكاء ففى وسط غمرة الاحتفال يأتى طائر الأحزان فيخيم على المكان ويالقسوة القدر فبنفس الأيدى التى تعبت لتجعل هذا اليوم يوما مشهودا للأسرة والأقارب كانت النهاية الحزينة ثلاثة أشهر كاملة ظل محمد وأسرته يستعدون لحفل زفافه الذى كانوا دائما ما يحلمون أن يكون يوما مشهودا من أهالى منطقة منشأة القناطر التى يقيمون بها فكان العريس يسارع الزمن لتأتى ليلة العمر التى كثيرا من حلم بها وبعد عامين من الخطبة وأشهر من تعب التجهيزات حانت اللحظة التى تنتظرها الأسرة كلها ووسط حضور اهالى المنطقة والاقارب إنطلق حفل الزفاف وسط حالة من السعادة والفرح تغمر الجميع وتباروا فى استقبال ضيوفهم بحفاوة معلنين عن أن الدنيا قد ابتسمت و أن الأحزان قد اندملت وما هى إلا دقائق سمح فيها القدر لهذه الأسرة أن تفرح وكأن الدنيا قد استكثرت الفرح عليهم فأخذ أصدقاء العريس يده وطلبوا منه أن يرقص أمام المعازيم والحضور فهو ملك تلك الليلة معبرين له عن فرحتهم به ودمعت عينا الأب لا يعلم أحد هل هى دموع الفرح أم دموع الفراق عندما اصطحبه نجله ليرقص معه بعد ان قبل يديه معبرا عن امتنانه له معلنا عن فضله عليه فخفق قلب الأب لفرحة ابنه وكاد أن يخرج من صدره فى لحظة مؤثرة احتضنا بعضهما ووسط أعين الناس وكاميراتهم التى راقبت تلك اللحظة وسجلتها وحاول العريس خلالها أن يعلن أن أباه هو صاحب الفضل عليه وكأن سهم الأحزان يعرف طريقه ففى وسط الزحام حضر شقيق العريس مطلقا رصاصات حاول أن يعبر خلالها عن فرحته ليسكت الجميع بعدها عندما استقرت إحداها داخل صدر الاب لتكتم أنفاس الجميع ويعم الصمت المكان و تتحول الفرحة إلى أحزان والموسيقى والغناء إلى صراخ وعويل فقد انتهت رقصة الموت وتحول الحلم إلى كابوس وبين يديه التى أطلقت الرصاص حمل الإبن أباه يهرول بحثا عن مستشفى لإنقاذه والدماء تسيل منه بينما الدموع تنهمر من الابن إلا أن القضاء كان قد نفذ فبين يدى الابن مات الأب برصاصة الفرح الذى تحول إلى أحزان فى ليلة لن تنساها منشأة القناطر بالفعل كما أرادوا فترك العريس عروسه ورحل الأب عن الدنيا وهرب الابن خوفا من العقاب وتبدلت الألوان بالسواد وأصبح العريس لا يعلم هل يفرح بيوم زفافه أم يحزن هل هى فعلا كانت ليلة العمر أم جرح لن يشفى منه وذكرى مؤلمة ففى اليوم الذى حلم فيه بالفرح تجرع كأس الأحزان وبدلا من أن يستقبل المهنئين حضر إليه المعزون من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار فما هى إلا لحظات ما بين الرقص فرحا و الصراخ ألما فيوم أراد أن يسعد مات أبوه وهرب شقيقه و إسودت الدنيا وكأنها ترفض فرحته. وتلقى اللواء محمود فاروق مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة إخطارا من المستشفى بوفاة الاب وبدموع تسبق الكلمات قرر العريس أمام اللواء جرير مصطفى مدير المباحث الجنائية أن شقيقه أطلق الرصاص خلال حفل زفافه فأصابت إحداها والده الذى توفى فور وصوله للمستشفى ولم تفلح محاولات إنقاذه حيث انتقل العميد حسام فوزى رئيس مباحث قطاع أكتوبر إلى سرادق الفرح الذى تحول بعد ساعات إلى سرادق عزاء وهرب الابن المتهم منه ويكثف ضباط البحث الجنائى جهودهم للقبض عليه حيث أمر اللواء كمال الدالى مساعد وزير الداخلية لقطاع أمن الجيزة بسرعة القبض عليه وضبط السلاح المستخدم فى الحادث و أخطرت النيابة التى تولت التحقيق.