ماأحوجنا أن نلتزم أخلاق رسولنا الكريم التي ما شقي العالم إلا بابتعاده عنها، ولِمَ لا وهو الذي شهد له ربه تبارك وتعالى قائلا:{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [سورة ن:4]، حيث كان صلى الله عليه وسلم من سماته الأخلاقية التواضع. فأول ذنب عُصي الله تعالى به هو الكبر والعياذ بالله؛ إذ استكبر إبليس أن يسجد لأبينا آدم عليه السلام، كما قال ربنا سبحانه: {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ * قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ} -[سورة ص: 75-76 ]، وعلّم لقمان الحكيم ولده التواضع قائلا: {وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً} [الإسراء: 37]، وقال له أيضًا: {وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 18]، وقال عليه الصلاة والسلام "إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا..." وكان من تواضعه صلى الله عليه وسلم، أنَّه إذا مرَّ على الصِّبيان، سلَّم عليهم، حيث روى البخاريُّ ومسلم عن أنس رضي الله عنه: "أنَّه مرَّ على صبيان فسلَّم عليهم، وقال: كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يفعله"، هذه خلق نبوي عالٍ ما أحوجنا إليه مع نشئنا الصاعد كي نصنع منهم رجالاً، وكي نشعرهم بذواتهم وننمي شخصياتهم، كان نبينا الكريم بالرغم من انشغاله ومسئولياته يسلم على الصغار، فانظر اليوم كيف يعامل كثير من الناس الأطفال الصغار؟ زعيق وصريخ وتعالٍ وتنكر.... إلخ، ومن هنا نجد المشكلات لا تنتهي وشكاوى الآباء من الأبناء ما أكثرها.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يزور الأنصار، ويسلِّم على صبيانهم، ويمسح رؤوسهم، فقد روى أنس رضي الله عنه قائلاً: "إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخالطنا حتى يقول لأخٍ لي صغير: يا أبا عُمَيْر، ما فعل النُّغَير؟". وكان في بيته صلى الله عليه وسلم يشارك في خدمة أهله، كما روت عائشة -رضي الله عنها- أنه "كان في مِهْنَةِ أهله - تعني خدمة أهله-، فإذا حضرت الصَّلاة خرج إلى الصَّلاة"، أين نحن من رسول الله في بيوتنا، كثير من الناس اليوم يوقظ زوجته وقد تكون مرهقة متعبة كي تصنع له كوبًا من الشاي!! وكان مِن تواضعه صلى الله عليه وسلم: استجابته للدَّعوة، وقبوله الهديَّة مهما قلَّت قيمتها، فقد روى البخاريُّ مِن حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لو دُعِيت إلى ذراع أو كُرَاع لأجبت، ولو أُهْدِي إليَّ ذراع أو كراع لقَبِلت"، أما نحن اليوم فحالنا كله تسيطر عليه المظاهر والشكليات في احتفالاتنا ودعواتنا إلا من رحم ربي. لمزيد من مقالات جمال عبد الناصر