في ظل السياسة الجديدة التي تنتهجها حكومة المهندس إبراهيم محلب بنزول المسئولين إلي ميدان العمل وعدم الاكتفاء بالتقارير والمكاتبات الروتينية.. دعا علماء الدين جموع الشعب إلي مؤازرة الحكومة بالعمل والجد والاجتهاد لزيادة الإنتاج، والكف عن الإضرابات والاحتجاجات التي تعطل عجلة الإنتاج وتضر بالاقتصاد المصري، وتفسد عمارة الأرض. كما طالب العلماء الحكومة الجديدة بتقدير جهود العاملين والاستجابة لمطالبهم المشروعة في حدود الإمكانات المتاحة، حتى تنهض مصر وتتغلب علي الظروف العصيبة التي تمر بها. وحذر الدكتور طه أبو كريشة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، من الدعوات المتكررة للإضرابات عن العمل وما يصاحبها من مظاهرات واحتجاجات واعتصامات فئوية، الأمر الذي يترتب عليه تعطيل لعجلة الإنتاج وتوقف حركة الحياة فى الشوارع والميادين خاصة فى تلك الظروف الاقتصادية الطاحنة التى تمر بها البلاد حاليا، مشيرا إلي أن تلك الافعال غير المسئولة تؤدى الى مضيعة الوقت والجهد والنشاط فى وقت نحن فى أمس الحاجة اليه، ليتحقق التقدم والتنمية، ويعيش الجميع فى خير ونماء، موضحا ان على الكل مسئولية انقاذ الوطن من كبوته التى يعانيها حاليا فى جميع المجالات. إتقان العمل وطالب الدكتور طه أبو كريشة، جميع الموظفين والعاملين بالدولة لاسيما أصحاب الحرف والمهن بأن يتقن كل عمله ويؤديه بإخلاص، لان ذلك مرده عظيم عند الحق سبحانه وتعالى فى الدنيا قبل الآخرة، وقد سجل القرآن الكريم ذلك فى قوله تعالى «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات إِنَّا لَا نُضِيع أَجْر مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا»، مشيرا إلى أن كل عامل أو موظف بدلا من الوقوف فى الإضرابات والاعتصامات وتعطيل حركة الإنسان، عليه أن ينشغل بالعمل مع الإتقان والإحسان فى عمله باعتبار ذلك فريضة، تؤدى إلى استقرار المجتمع بما يعود بالنفع العام على كل الأفراد. وأوضح أبو كريشة، أن الإسلام الحنيف أعلى من قيمة العمل النافع للفرد والمجتمع، وحث على كسب الرزق الحلال وطلبه فى كل بقاع الأرض بمختلف المجالات، وقد أكد القرآن الكريم ذلك في أكثر من آية، منها قوله تعالى«هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها..«، موضحا أن عمارة الكون لا تكون بالقول النظرى فقط دون عمل نافع، بل تحتاج الى جد واجتهاد فى الإطار والوسائل الشرعية التى أوضحتها الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة، فقد قال تعالى«وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ«، كما أن هناك أحاديث كثيرة تدعو إلى طلب العمل الصالح منها قوله عليه الصلاة والسلام فى الحديث الصحيح «لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ عَن عُمُرِه فيما أفناهُ وعن جسدِهِ فيما أبلاهُ وعن عِلمِهِ ماذا عَمِلَ فيهِ وعن مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وفيما أنفقَهُ»، فحينما يعلم الإنسان انه مسئول يوم القيامة أمام الله تعالى عن هذه الأمور التي من بينها اكتساب المال الذى يتأتى عن طريق العمل، فانه يدرك أن عليه الاجتهاد والحرص على التحرى عن العمل الصالح والنافع، البعيد كل البعد عن الأعمال المشبوهة التي تورد صاحبها موارد الهلاك فى الدنيا والآخرة. مرحلة حرجة وفى سياق متصل، أكد الدكتور عطية مصطفى، أستاذ الثقافة الإسلامية بكلية الدعوة بجامعة الأزهر الشريف، أن هناك حقائق مقررة فى القرآن الكريم والسنة المطهرة تتعلق برسالة الإنسان فى هذه الحياة، ذلك لان الإنسان لم يخلق عبثا، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، قال عز وجل فى كتابه الكريم «أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيم»، موضحا ان هذه الرسالة هى رسالة جامعة بين عبادة الله تعالى واعمار الأرض التى يعيش فيها الإنسان، مؤكدا أن ما يحدث حاليا على ارض الواقع، من إضرابات عن العمل واعتصامات ومطالبات فئوية، هو افساد وتعطيل لرسالة الإنسان على الأرض، لان الله سبحانه أمر بإعمار الأرض وليس تعطيل حركة الحياة فيها. وأشار إلى أن المرحلة والفترة الحرجة التى يمر بها الوطن حاليا تتطلب ان نكف عن الأفعال التى من شأنها أن تعطل عجلة الإنتاج، وتعوق مسار التنمية، مطالبا فى الوقت نفسه الذين ليس لديهم عمل بالبحث عن عمل يتكسبون منه، كما على الحكومة ان تضع برامج زمنية لتشغيل الشباب والعاطلين حتى تقضى على البطالة، وينخرط الجميع فى دولاب العمل النافع الذى يعود خيره على الفرد والمجتمع. وشدد على ضرورة أن تكون هناك توعية بين العاملين لتوضيح خطورة تلك الإضرابات والاعتصامات على اقتصاد الدولة، وذلك من خلال مختلف وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة، وأيضا على علماء الدين والأئمة والدعاة دور كبير فى ذلك، بحيث تتم تلك التوعية عبر دروسهم الدينية فى المساجد، أو عقد ندوات فى أماكن تجمعات العمال والمصانع، موضحا فى الوقت نفسه انه يجب على الحكومة، عدم إغفال مطالب العمال المشروعة، وعمل خطط وبرامج زمنية لتحقيقها فى حدود الإمكانات المتاحة للدولة فى هذه الظروف.