تحتاج البلاد في الفترة الراهنة إلى تكاتف أفراد الشعب مع جميع مؤسسات الدولة، خاصة مؤسستى الجيش والشرطة، فهما الضامن الرئيسى للوحدة الوطنية،وحماية الدولة من التجسس الخارجى وكشف شبكاته. وأيضا دورهما فى حفظ الأمن الداخلى ومحاربة الفساد بكل أشكاله، ولذلك فإن محاولة بعض الدعاة المحسوبين على الجماعات الإرهابية التحريض على الجيش والشرطة من خلال خطبهم ودروسهم في المساجد لزرع الكراهية والعنف ضدهم خيانة، بل ذهب البعض الى إصدار فتاوى بقتل أفراد الجيش والشرطة وكأننا فى حرب مع دولة معادية. علماء الأزهر يحذرون من شيوع تلك الفتاوى ويؤكدون أن التحريض ضد الجيش والشرطة خيانة للدين والوطن، وان المعتدين بغاة يجب قتالهم، وأن استهداف قوات الأمن عمل إجرامي مرتكبه آثم. ويؤكد الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية, حرمة التحريض ضد قوات الأمن أو استهداف مقار وجنود القوات المسلحة والشرطة, وان تلك الأعمال الإجرامية الجبانة ليست من الإسلام في شيء, ولا تصدر إلا ممن باع دينه بدنياه وضل السبيل. علماء الأزهر يؤكدون بطلان تلك الفتاوى التي تستبيح القتل باسم الدين, وأن الاعتداء علي جنود مصر الأوفياء الذين حملوا أرواحهم علي أكفهم من أجل الحفاظ علي حرمة مصر وأرواح شعبها وكرامتهم, يعد خيانة لله وللوطن تستحق أقصي عقوبة, وتستوجب تطبيق حد الحرابة علي المجرمين. ويقول الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم، عميد كلية أصول الدين جامعة أسيوط، إن هؤلاء الذين يحرضون على قتل رجال الجيش والشرطة مخطئون خطئا عظيما، ويجب أن يمنعوا من الخطابة إن كانوا يخطبون الجمعة، وأن يحولوا إلى أعمال إدارية، وإن كانوا يدرسون فى أى موقع من مواقع التعليم فيجب أيضا أن يعزلوا من ذلك ويحولوا إلى أعمال إدارية، فليس من المعقول أن يحرضوا على هدم مؤسسات الدولة، ثم إن مؤسسة الجيش هى المؤسسة الوحيدة الآن القادرة على توحيد البلاد ولو أننا عملنا على هدمها كما يفعل هؤلاء الناس لانهدمت الدولة والبلاد العربية كلها، والمطالع للأمر يجد أن أعداء الأمة العربية والإسلامية قد هدموا الجيش العراقى ثم الجيش الليبى، وهم يحاولون الآن هدم الجيش السوري ثم الجيش المصري حتى لا يبقى في المنطقة إلا الجيش الإسرائيلي، ونرى أن ذلك يدخل فى دائرة الخيانة للوطن. وأضاف: إن ذلك لا يمنع من محاسبة أى مسئول يخطىء، فخطأ البشر لا ينسحب على المؤسسات، والعجب كل العجب أن تصدر هذه الفتاوى ممن ينتسبون إلى الأزهر، فالأزهر برىء من هدم المؤسسات، بل وبرىء من قتل أى إنسان كائنا من كان إلا لحكم قضائى نهائى، فهذا هو الأصل الذى يجب أن يرتكز عليه الجميع، كما هو فى الدول المتقدمة ، ثم إننى أقول أخيرا هل رأينا فى أى دولة من دول العالم من يعمل على هدم المؤسسات، وأقول للجميع أفيقوا حتى لا تحدث الكارثة وهى إن شاء الله لن تحدث لأن مصر فى عناية الله عز وجل ومحفوظة بحفظ الله عز وجل ، ثم بأزهرها الشريف صاحب الفكر الوسطى الذى يقبله الناس فى شرق الدنيا وغربها. المرابطون في سبيل الله من جانبه أوضح الدكتور أحمد محمود كريمة, أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر, أن هؤلاء المرابطين علي الحدود والمدافعين عن الوطن, هم من ورد فيهم حديث الرسول صلي الله عليه وسلم:( مثل المجاهد في سبيل الله, والله أعلم, بمن يجاهد في سبيله كمثل الصائم القائم, وتوكل الله للمجاهد في سبيله, بأن يتوفاه أن يدخله الجنة, أو يرجعه سالما مع أجر, أو غنيمة, ومن أبشع وأفظع الجرائم الاعتداء علي الجنود بتنوع رتبهم ومهامهم لما في ذلك من فتنة وإضرار بالمسلمين وتثبيط لهمم المدافعين عن أمن الوطن, قال الله تعالي: (لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا. ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا)، وروي أن رسول الله بلغه أن ناسا يثبطون الناس عن الجهاد في سبيل الله, فبعث نفرا من أصحابه, وأمرهم أن يحرقوا عليهم البيت, ففعل ذلك طلحة بن عبيد الله, والجندية بتنوع رتبها في الجيش والشرطة شرف عظيم, ويجب علينا جميعا إعانتهم وتأييدهم ومساعدتهم, ويحرم إضعافهم أو الاعتداء علي أبدانهم أو منشآتهم, لما في ذلك من أضرار جسيمة تلحق بسيادة الدولة, وأمنها الخارجي والداخلي, ويجوز لقوات الجيش والشرطة مقاومة المعتدين عليهم بكل سبيل بالقتل والتدمير, لقول الرسول صلي الله عليه وسلم: (من حمل علينا السلاح فليس منا). مواجهة الفتاوى المغلوطة وعن دور المؤسسات الدينية في مواجهة تلك الفتاوى المغلوطة، أوضح الدكتور سعيد عامر رئيس اللجنة العليا للدعوة بالأزهر، أن وزارة الأوقاف بالتنسيق مع الأزهر الشريف حددت موضوعات خطبة الجمعة على مدار الشهر مع كتابة العناصر والأدلة ومختصر الموضوع بما يتلاءم مع مقتضيات العصر والمستجدات، وبما يوفر الأمن والأمان ويدعم الاقتصاد للبلاد والعباد، وهذه الخطة والمراقبة الدقيقة عليها، قضت على ما كان يقوم به البعض من الانحراف فى الخطاب الدعوى، ومن ثبت عليه مخالفة هذه التعليمات يعرض نفسه للمسائلة القانونية ، فمنهج الإسلام «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ»، ومنهج الإسلام «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ» ، وقدوتنا في ذلك من قال فيه ربنا «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين»، وحدثنا عن نفسه صلى الله عليه وسلم وعن مهمته العظيمة فقال «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وعليه لا يحق لأحد أن يتطاول على قادة الجيش وأفراده وقادة الشرطة وأفرادها فضلا عن أن يكون ذلك من إمام وفوق منبر في داخل المسجد.