كيف نساوي بين فريقين, أحدهما يسعي إلي الحفاظ علي أمن الوطن, ويسهر علي حمايته من الإرهابيين الذين يحلون قتل كل من يختلف معهم في الرأي؟! وهل يمكن أن يتساوي المجند أو الضابط الذي يقوم بمهمته في الدفاع عن أمن الوطن ويحرس في سبيل الله مرابطا علي الثغور, مع الإرهابي الذي يروع الآمنين ويستبيح الدماء ويخرب الممتلكات العامة والخاصة؟! وإذا كان الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية, قد اصدر فتوي رسمية تؤكد حرمة استهداف مقار وجنود القوات المسلحة والشرطة, وان تلك الأعمال الإجرامية الجبانة ليست من الإسلام في شيء, ولا تصدر إلا ممن باع دينه بدنياه وضل السبيل. فإلي أي فتاوي يستند أتباع شيوخ الفتنة ودعاة التكفير؟! علماء الأزهر يؤكدون بطلان تلك الفتاوي التي تستبيح القتل باسم الدين, وأن الاعتداء علي جنود مصر الأوفياء الذين حملوا أرواحهم علي أكفهم من أجل الحفاظ علي حرمة مصر وأرواح شعبها وكرامتهم, يعد خيانة لله وللوطن تستحق أقصي عقوبة, وتستوجب تطبيق حد الحرابة علي المجرمين. ويقول الدكتور أحمد محمود كريمة, أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر, ان هؤلاء المرابطون علي الحدود والمدافعين عن الوطن, هم من ورد فيهم حديث الرسول صلي الله عليه وسلم:( مثل المجاهد في سبيل الله, والله أعلم, بمن يجاهد في سبيله كمثل الصائم القائم, وتوكل الله للمجاهد في سبيله, بأن يتوفاه أن يدخله الجنة, أو يرجعه سالما مع أجر, أو غنيمة, ومن أبشع وأفظع الجرائم الاعتداء علي الجنود بتنوع رتبهم ومهامهم لما في ذلك من فتنة وإضرار بالمسلمين وتثبيط لهمم المدافعين عن أمن الوطن, قال الله تعالي: لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا. ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا, وروي أن رسول الله بلغه أن ناسا يثبطون الناس عن الجهاد في سبيل الله, فبعث نفرا من أصحابه, وأمرهم أن يحرقوا عليهم البيت, ففعل ذلك طلحة بن عبيد الله, والجندية بتنوع رتبها في الجيش والشرطة شرف عظيم, ويجب علينا جميعا إعانتهم وتأييدهم ومساعدتهم, ويحرم إضعافهم أو الاعتداء علي أبدانهم أو منشآتهم, لما في ذلك من أضرار جسيمة تلحق بسيادة الدولة, وأمنها الخارجي والداخلي, ويجوز لقوات الجيش والشرطة مقاومة المعتدين عليهم بكل سبيل بالقتل والتدمير, لقول الرسول صلي الله عليه وسلم: من حمل علينا السلاح فليس منا. وأضاف الدكتور كريمة: أن هؤلاء المجاهدين والمرابطين في سبيل الله الذين يحرسون أمن الوطن, هم من ورد فيهم قول الله تبارك وتعالي اصبروا وصابروا ورابطوا وقال عنهم النبي صلي الله عليه وسلم: رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها, ولقد فضل الله المجاهدين علي القاعدين أجرا عظيما, وجهادهم مشروع في الدين والحق, ومن قتل منهم فهو شهيد في سبيل الله, قال تعالي: ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون الآية 169 من سورة آل عمران. والشهيد الحق جزاؤه عند الله, لأنه لم يسع لأعراض أو أغراض الدنيا. أما ما يحدث في قتال البغاة وهم الخارجون من المسلمين عن طاعة الحاكم الحق والممتنعون عن أداء الحق الواجب الذي يطلبه الحاكم, فمن قتل من أهل العدل كان شهيدا لأنه قتل في قتال مشروع, قال الله تعالي:(وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما علي الأخري فقاتلوا التي تبغي حتي تفيء إلي أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين) وأما من مات من البغاة, فهو من موتي المسلمين وتجري عليه أحكام موتي المسلمين, وجرائم البغي, والحرابة, ليست جهادا, بل هي جرائم مخلة بالأمن العام والدماء والأعراض والأموال ولها عقوباتها الدنيوية والأخروية. من جانبه يؤكد الدكتور سعد الدين الهلالي, أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر, إن الذين قتلوا من شهداء الشرطة والجيش في ساعة الالتحام مع الأعداء أو الظالمين من المسلمين أو غيرهم من المسلحين هم شهداء في الدنيا والآخرة, وتسري عليهم أحكام الشهادة بأنهم يدفنون بثيابهم ودمائهم التي تشفع لهم يوم القيامة, أما أهل البغي والخارجون علي المجتمع والرافضون لاتجاه العامة فهؤلاء اختلف الفقهاء في حكم موتهم, فيري الكثيرون أنهم أهل شقاء, ولا يصلي عليهم, لأنهم ماتوا علي صفة الظلم, ويري بعض الفقهاء أنهم يعاملون معاملة سائر الموتي, ولا يطلق عليهم صفة الشهيد, لأنهم من الظالمين الخارجين عن الجماعة العامة ويصلي عليهم, ويغسلون لأنهم من أهل لا إله إلا الله محمد رسول الله.