تعرضت مصر على مدى ال 62 عاما الماضية، الى ستة أحداث جسام هددت بشكل أو بآخر أمنها القومى سلبا أو ايجابا، و يمكن إيجازها فى العدوان الثلاثى الأنجلو فرنسى الاسرائيلى عليها، عقب تأميم قناة السويس يوم 26 يوليو عام 1956 ودحر العدوان نتيجة الاستيعاب العميق للرئيس جمال عبدالناصر حقائق التوازن الدولى وقتذاك، وبعدها بنحو عشر سنوات، وتحديدا يوم الاثنين الخامس من يونيو عام 1967 تعرضت مصر نتيجة تكالب العالم بأسره عليها لهزيمة عسكرية مروعة قصمت ظهرها، وفى الوقت الذى راهن هذا العالم على استسلامها لشروط إسرائيل، خرج الشعب المصرى فى مظاهرات حاشدة يعلن رفضه الهزيمة ويطالب برفع آثار العدوان، فكانت حرب الاستنزاف 1967 1970، التى يمكن الزعم بأنها كانت المقدمة الطبيعية لما تلاها من أحداث أدت فى النهاية الى ما حدث يوم السبت السادس من أكتوبر عام 1973، عندما لخص الرئيس الراحل أنور الساندات المشهد بأكمله تحت قبة البرلمان يوم 16 من نفس الشهر بعبارته الشهيرة: «إن القوات المسلحة قامت بمعجزة على أى مقياس عسكرى عندما أفقدت العدو توازنه فى 6 ساعات.. ومن ثم يمكن القول إن هذه القوات كانت إحدى ضحايا نكسة 1967، ولم تكن أبدا سببا من أسبابها»، بعدها بنحو ثلاث سنوات وثلاثة أشهر، وتحديدا يومى 18 و19 يناير عام 1977 تفجرت انتفاضة الغذاء فى القاهرة فكانت مؤشرا قويا بحدوث اختلالات خطيرة فى المبدأ الرابع من مبادئ ثورة 23 يوليو الستة، التى تمحورت حول «ثلاث قضاء» و«ثلاث اقامة»، الأول القضاء على الاستعمار وأعوانه، والثانى القضاء على الاقطاع والثالث القضاء على سيطرة رأس المال على الحكم، والرابع اقامة عدالة اجتماعية، والخامس اقامة جيش وطنى قوى والسادس اقامة حياة ديمقراطية سليمة، ولو تناولنا هذه المبادئ بالتحليل عام 2014 فسوف نرصد على الفور، أن المبادئ الأول والثانى والخامس قد صمدت لغوائل الزمن، وان المبدأ السادس لم يطبق منذ عام 1952 وحتى الآن، وأن ثورتى 25 يناير 2011، و30 يونيو 2013 تفجرتا نتيجة عدم المواءمة بين ثلاثية السياسة والاقتصاد والاجتماع، ومن ثم تطبيق المبدأين الثالث والرابع. إن +مصر تواجه فى الوقت الراهن مؤامرة دولية خطيرة تستهدف أمنها القومى والعمل على اسقاطها، كمقدمة للهيمنة على الشرق الأوسط الكبير، وساعتها سوف تفقد الحرية قيمتها، بيد أن المشيئة الإلهية كانت لها حسابات أخري، فبحلول الاثنين الموافق العاشر من فبراير 2014 اجتمع التنظيم الدولى للجماعة فى أنقرة مع مندوبى مخابرات 7 دول هى أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسرائيل وتركيا وقطر، بهدف منع المشير السيسى من الوصول الى سدة الحكم فى مصر، ومن ثم فلعلها فرصة مناسبة للإشادة بالأجهزة الرقابية فى مصر التى تعمل فى صمت كحائط صد للحفاظ على أمنها وأمانها، والتى وفرت باقتدار كل الأدلة الدامغة من خلال تسجيلات صوتية ونحو خمسة آلاف وثيقة عن نشاط الجماعة قبل وفى أثناء توليهم حكم مصر. والمشهد حاليا يمكن اختزاله فى أن سلطة الدولة فى حالة حرب على جميع الجبهات، مع مخططى الظلام لوأد المؤامرة، وكل مؤسساتها عانت وتعانى خسائر مادية وبشرية متزايدة على مدى الساعة، وهو أمر يستوجب حشد كل طاقات الأمة بوعى واقتدار لمقاومة الفتنة، وهذا لن يتأتى إلا اذا توافرت الظروف لهذه المؤسسات للعمل ضمن خطة محكمة تعتمد على بعد النظر وشمولية النظرة، وهذا لن يتحقق إلا اذا انضم الشعب كطرف فاعل لجيشه وشرطته لمقاومة الإرهاب وتعليق الاضرابات والاحتجاجات الفئوية مؤقتا لحين انتخاب الرئيس القادم، والذى أوضح أنه سوف يبادر بعقد مؤتمر موسع يضم أساطين خبراء الاقتصاد فى مصر لوضع روشتة للإصلاح الاقتصادى فيما هو قادم من سنوات، كما حدث فى مؤتمر عام 1982 الذى حضره الدكاترة عبدالمنعم القيسونى وعبدالعزيز حجازى واسماعيل صبرى عبدالله وعلى لطفى وكمال الجنزوري، والذى أرجح أنه سيتحول الى خطاب تاريخى شامل الى الأمة، سيتصف بالشفافية وسيتضمن خطوات الاصلاح السياسى والاقتصادى والاجتماعى الذى سينقل مصر مما هو كائن الى ما يجب أن يكون.. فهل يضن شعب مصر المناضل على وطنه بهذه التضحية حتى لا تتحول الثورة الى فرصة ضائعة؟ لواء د. إبراهيم شكيب