يعتبر السلام الوطنيNational Anthem لأى دولة هو الراية أو العلم الخاص بها ، الذى يلتف حوله الحاكم والمحكوم ، والذى يوقظ الشعور الوطني. ويستهدف العزائم ويبث روح الأمل والنضال من أجل الوطن، وهو أيضا الملاذ للتعبير عن القومية فى المحافل الدولية، حيث يقتصر أداء السلام الوطنى فى استقبال الرؤساء والوفود الأجنبية على العزف الموسيقى فقط دون غناء للنشيد الوطني، بالرغم من أن لكل دولة فى العالم أغنية أو نشيدا أو معزوفة موسيقية تعزف عالميا بوصفها سلاماً وطنيا لها, حيث يرجع تاريخ بعض هذه المؤلفات للقرن الثالث عشر الميلادي, إلا أن معرفتنا بالسلامات الوطنية ترجع الى زمن حديث نسبياً ، فلم تكن تسمى بذلك الأسم حتى مطلع القرن التاسع عشر, ففى عام 1745 م قامت فرقة موسيقية إنجليزية بأداء مقطوعة "حفظ الله الملك" بتوزيع جديد لموسيقى يدعى آرنيArne كأغنية وطنية فى المسرح الملكى فى لندن, ومنذ ذلك الوقت أصبحت هذه الأغنية تتردد كأغنية شعبية فى جميع أنحاء إنجلترا فى كل المناسبات الملكية حتى ظهرت فى التاريخ أول اشارة لكلمة "السلام الوطني" National Anthem بعد حوالى ثمانين عاماً فى تقريرعن "المهرجان الموسيقى الكبير يورك" لجروس Gross عام 1825م حيث أشار إلى تلك العادة الحديثة "نشيد حفظ الله الملك" وتعريفها بالسلام الوطنى وسرعان ما أتبع إنجلترا كثير من البلاد الأخرى فى ذلك المجال , فوضعت كل منها سلامها الوطنى ، وكثيرا من هذه السلامات تعتبر فى الواقع إبتهالاً خاشعاً لله والعناية الالهية من أجل الحفاظ على الشعب والوطن ورخائه وهدايته وحريته . ويرجع تاريخ نشأة السلام الوطنى فى مصر إلى رافدين مهمين هما : الأغانى الوطنية فالنشيد الوطنى فرع من فروع الأغنية الوطنية, والرافد الثانى هو نشأة وتطور الموسيقى العسكرية المصرية التى تؤدى السلام الوطنى فى الأستقبالات والمناسبات الرسمية للدولة . حيث انشأ محمد على أول مدرسة للموسيقى العسكرية " مدرسة الخانقة 1827م " , لتعليم المصريين العزف على الآلات الحديثة للفرق العسكرية, وقد جلب لها الآلات الموسيقية اللازمة والمعلمين من فرنسا وألمانيا , وفى عصره أنشئت أول مطبعة للمدونات الموسيقية, وقد أثبت المصريون كفاءتهم العالية فى التعليم الموسيقى والعزف وقاموا بتأليف مقطوعات مصرية ومارشات عسكرية, وأزدهرت الموسيقى العسكرية أكثر فى عهد الخديو "إسماعيل" حيث أنشئت أدارة موسيقات الجيش المصرى فى عصره , وكان يديرها مشاهير الموسيقيين العالميين أمثال الإيطالى "روجرد ليوكافالو" . كما أنشأ إسماعيل دار الأوبرا المصرية ، وتذكر بعض المراجع أنه كلف الموسيقار الإيطالى العالمى " فيردي" بتألف أول سلام وطنى لمصر بجانب تأليفه لأوبرا عايدة ليفتتح بها دار الأوبرا بمناسبة الأحتفال بأفتتاح قناة السويس، حيث استمر العمل "بالسلام الملكي" الذى يعتبر أول سلام وطنى لمصر من عام 1869م إلى ما بعد ثورة 1952م حتى أوقف العمل به عام 1958م, وأعلن عن مسابقة عامة لاختيار سلام وطنى جديد, وقد تقدم للجنة نحو 170 لحنا, وتم اختيار نشيد " الله اكبر" للملحن "محمود الشريف" كلمات "عبدالله شمس الدين", ولكن تدخل الرئيس "جمال عبد الناصر" واختار نشيد الشعب " والله زمان يا سلاحي" للملحن كمال الطويل كلمات "صلاح جاهين" وغناء أم كلثوم حيث قال: (كيف تغنى أم كلثوم ولا يصبح نشيدها هو النشيد الوطني), وقد استعان الملحن كمال الطويل بالموزع الموسيقى أندريا رايدر للكتابة الأوركسترالية للسلام الوطنى لفرقة الموسيقات العسكرية, وقد عمل بالسلام الوطنى الثانى لمصرعلى لحن "والله زمان يا سلاحي" لكمال الطويل من عام 1960م إلى ما بعد حرب أكتوبر 1973م حتى تم تغيير السلام الوطنى مرة أخرى فى عام 1979م ، بعد أن كلف الرئيس "محمد أنور السادات" الفنان "محمد عبد الوهاب" لإعادة صياغة نشيد "بلادي" لفرقة الموسيقات العسكرية وهو من ألحان سيد درويش كلمات يونس القاضى ليصبح السلام الوطنى الثالث لمصر وهو مازال السلام الوطنى حتى الآن. د.علاء فتحي استاذ الموسيقى العربية