دقت طبول "الانفصال" فى أوكرانيا أمس عبر قيام مجموعة من المسلحين باحتلال المطار العسكرى فى سيفاستوبول بمنطقة القرم التى يؤيد أغلبية سكانها الرئيس المعزول فيكتور يانوكوفيتش، فى الوقت الذى تعهدت فيه الولاياتالمتحدة بدعم الحكومة الجديدة فى كييف. وفى تحول درامى للأحداث، قام مسلحون تدعمهم عربات نقل أفراد مدرعة بالسيطرة على محيط المطار العسكرى فى سيفاستوبول بمنطقة القرم الاوكرانية، لكنهم لم يدخلوا صالات الركاب وسمحوا باستمرار العمل بشكل طبيعى فى المطار. وقال شاهد عيان لوكالة "رويترز" إن المسلحين يرتدون زياً عسكرياً كاملاً ويحملون بنادق هجومية ومدافع آلية ويتحركون بحرية دخولاً وخروجاً من برج المراقبة. وذكر أحد المسلحين لوكالة الأنباء "نحن هنا لإقرار النظام العام. لا نريد أن يأتى متطرفون بالطائرات من كييف .. أن يأتى أشخاص من أوكرانيا إلى هنا ويحدثون مشاكل". وجاء هذا التحرك بعد ساعات من سيطرة مسلحين على المبانى الحكومية فى القرم (جنوب شرق أوكرانيا) ورفع العلم الروسى عليها فى تحد للحكومة الأوكرانية الجديدة. ومن جانبه، اتهم آرسين أفاكوف وزير الداخلية الأوكرانى القوات الروسية بشن "غزو مسلح" على منطقة "القرم". وقال أفاكوف إن القوات الروسية أغلقت قاعدة جوية عسكرية، ودخلت إحدى مطارات المنطقة، فيما وصفه بأنه "غزو مسلح واحتلال واستفزاز عسكرى مباشر لسيادة الأراضى الأوكرانية". فى المقابل، نفى الأسطول الروسى فى البحر الأسود مشاركة قواته فى السيطرة على المطار العسكرى أو محاصرته بمنطقة شبه جزيرة القرم فى أوكرانيا. لكن الأسطول قال إنه كثف الإجراءات فى "وحدات مكافحة الإرهاب" لحماية مناطق تمركز الأسطول فى القرم وأماكن معيشة أفراد وأسر الجنود "نظراً للوضع غير المستقر". وبالنسبة للتفاعلات السياسية فى كييف، صوت البرلمان الاوكرانى أمس على قرار يدعو الولاياتالمتحدة وبريطانيا الى ضمان سيادة أوكرانيا. وضمنت الولاياتالمتحدة وبريطانيا وروسيا استقلال أوكرانيا فى اتفاقية بودابست الموقعة عام 1994 لقاء تخليها عن الاسلحة النووية بعد سقوط الاتحاد السوفياتى التى كانت جزءاً منه. ويطلب القرار من الدول الضامنة "تأكيد التزاماتها" حيال أوكرانيا وبدء "مشاورات فورية (معها) من أجل خفض التوتر". وحث البرلمان الأوكرانى موسكو على وقف أى تحركات من شأنها تقويض سلامة أراضى البلاد. وعلى صعيد التفاعلات الدولية، اتصل جو بايدن نائب الرئيس الأمريكى أمس الأول برئيس الحكومة الانتقالية فى أوكرانيا ارسينى ياتسينيوك، وأعرب له عن "الدعم التام" للولايات المتحدة للقادة الجدد فى الدول الأوروبية. وأكد بايدن أن الولاياتالمتحدة ستقدم دعمها التام لأوكرانيا عندما تعتمد الاصلاحات الضرورية لتعافى الاقتصاد ومواصلة المصالحة واحترام الالتزامات الدولية والسعى إلى اقامة علاقات مفتوحة وبناءة مع جيرانها. وجاء اتصال بايدن برئيس الحكومة الأوكرانية بعد ساعات على اتصال اجراه جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى مع نظيره الروسى سيرجى لافروف حول تصاعد التوتر فى شبه جزيرة القرم. وقال كيرى إن روسيا تعهدت ب"احترام وحدة تراب أوكرانيا". كما أكدت روسيا أنها لا تقف وراء الاضطرابات فى جمهورية القرم فى جنوباوكرانيا، بحسب ما ذكر كيري. وأوضح وزير الخارجية الأمريكى أن لافروف "صرح بأن المناورات العسكرية القائمة لا علاقة لها بأوكرانيا وكانت مبرمجة سابقاً، كما جدد تأكيد تصريح بوتين بأن روسيا ستحترم الوحدة الترابية لأوكرانيا". وفى أول ظهور علنى له منذ أكثر من أسبوع، أكد الرئيس الأوكرانى المخلوع فيكتور يانوكوفيتش أمس أنه "لم تتم الإطاحة به" وإنما اضطر لمغادرة البلاد بسبب تلقيه تهديدات، مشددا على أنه "سيواصل النضال" من أجل مستقبل أوكرانيا. وقال يانوكوفتيش، للصحفيين فى مدينة روستوف اون دون فى جنوبروسيا قرب الحدود الاوكرانية، إن السلطة فى أوكرانيا اصبحت فى أيدى "شباب من الفاشيين الجدد"، وأن الترهيب والفوضى يعمان الآن فى بلاده. واعتبر أن السياسات "غير المسئولة" للغرب هى سبب الأزمة فى أوكرانيا، وقدم اعتذاره إلى الشعب الأوكرانى لأنه لم يصمد بما فيه الكفاية لمواجهة الوضع. إلى ذلك، أصدرت الحكومة السويسرية امراً بتجميد ودائع عشرين مسئولاً أوكرانيا معظمهم من الوزراء فى الحكومة السابقة بما فى ذلك ودائع يانوكوفيتش وابنه الكسندر اللذين اطلقت السلطات القضائية تحقيقا ضدهما بتهمة "تبييض أموال". ويملك الكسندر يانوكوفيتش الذى تقدر ثروته باكثر من 500 مليون دولار، فى جنيف شركة وساطة تحمل اسم "ماكو تريدينج" متخصصة ببيع الفحم الأوكراني. فى الوقت نفسه، جمدت النمسا الحسابات المصرفية التى يمتلكها 18 أوكرانياً يشتبه فى انهم ربما ارتكبوا انتهاكات لحقوق الانسان فى الاضطرابات السياسية أو الفساد فى بلادهم.