بطبعنا كشعب مصري أصيل لا مثيل له في صفاته.. نهوى التناقضات ونتقنها بحرفية نُحسد عليها، فعلا كل حاجة وعكسها.. في ظروف لا حصر لها نفعل مالا نقول.. فعلى سبيل المثال تجد الواحدة منا تنتقد تصرفات غيرها وقد ضاقت بها ذرعا، في الوقت الذي تغرق هي في العيوب نفسها «شوفتي لابسة ايه، شوفتي كمية المايك آب اللي على وشها».. أقل التناقضات النميمة التي خاضت فيها حالا في التو واللحظة قبل أن تتشدق بجملة «مش يسيبوا الناس في حالهم.. يادى التطفل»! في إحدى تلك المتناقضات.. كنت في رحلتي اليومية بالمترو -صديقي الصدوق- ركبت أنا وعفاريت أفكاري، وقد حلفت أن تعكنن عليّ تفاصيل اليوم دون سبب.. وزاحمت عفاريتي، عفاريت الباعة «السريحة» في عربات المترو وخاصة السيدات.. وقد تحالفو ضدي يومها باجتماع أغلبهم في توقيت واحد تقريبا وفي عز الزحمة وبصوت غوغائي موحد أقرب ل «سينفونية بعرور التاسعة».. وكالعادة بعدت نفسي عن أي احتمالات للغضب.. فلست سريعة الانفعال في المواصلات إلا قليلا، وخشيت أن أتعرض لواحد من هذا القليل في ذلك اليوم، فخبأت نفسي داخل «جيم كاندي كراش في السريع».. وفي اثناء انشغالي بهدم آخر مربع زجاجي في اللعبة، وجهت جارتي الجالسة إلى جواري سريعا أول طلق ناري طائش بمداخلة جماعية مع عامة الحضور تقول فيها: «يكش تلمكم الحكومة في ساعة صُبحية مايبانلكم صاحب».. ولتنطلق الأطلقة النارية والمشاركات الحشرية واحدة تلو الأخرى توافق صاحبة الضربة النارية الأولى الرأي، بأن بائعي المترو زادوا فعلا عن الحد. ورغم ضيقي من هؤلاء الباعة احيانا غير إنني أتقبلهم عن المتسولين الذين لا صنعة لهم سوى استعطاف الناس بكل أساليب الملل «المحروقة في 560 فيلم عربي قديم»، فأجد لهم مئة عذر وعذر لسبب وجودهم على هذا الحال في المترو، على الأقل هم يرتزقون ويتعبون مقابل مايحصلون من جنيهات في اليوم.. وقبل نزولي إلى محطتي.. ركبت واحدة من البائعات المتجولات وجال صوتها ودار في المترو تروج ل «شنط ماكياج ودبابيس سحرية وتوك وكحل مش بيهبب ومش بيسيح تحت العين، آه والله وبتجربهولك كمان».. لكن صوت صاحبتنا – صاحبة الطلقة الاولى - كان أعلى منها: «ايوا يابتاعة الشنط.. شنط الميك آب دي بكام؟ وريني التريكواز دي كدة»!.. صدق أو لا تصدق اشترت التريكواز.. وآخرى فوشيا.. وقلمين كحل!