حين عرض كمال الشيخ على شكري سرحان أداء دور سعيد مهران في " اللص والكلاب " ، ذهب الأخير لشراء الرواية ، فتحها، قرأ أول سطر فيها ووجد جملة :" خرج وفي جوفه نار". أغلق الكتاب وقرر أن يؤدي الدور، وطوال الفيلم لم يفقد شكري سرحان ذلك الإحساس الذي صاغه محفوظ في اقل من خمس كلمات ، ولعل لسعة النار بدت واضحة أحيانا في مواقف الفيلم إجمالا، سواء كانت هذه المواقف ذات طابع دموي أو رومانسي , لقد اضاف دور سعيد مهران الكثير لشكري سرحان حتى ان اسم سعيد مهران كان يطارده من الجماهير كلما تواجد فى مكان عام . كان هذا الفيلم بحق نقطة تحول كبيرة بالنسبة لكل ابطاله , فبجانب انه اثبت صقل موهبة ابن النيل , المصرى الاصيل شكرى سرحان , كان ايضا نقلة كبيرة فى حياة شادية الفنية حيث دخلت عالم الإنتاج السينمائى بفيلم "اللص و الكلاب" الذى أشتركت فى بطولته أيضاً فى دور فتاة غانية تقدم يد العون لهارب من العدالة يسعى للإنتقام من شركاء الماضى.و قد خرجت الفتاة الدلوعة الشقية و أوضحت بهذه التجربة قدراتها الفنية المختلفة و إمكانياتها فى التنوع . اما بالنسبة لكمال الشناوى , فقد بدأت البصمات الحقيقية له فى هذا الفيلم حيث قدم دور رؤوف علوان المثقف الانتهازي، والمسؤول الحقيقي عن جرائم اللص سعيد مهران (شكري سرحان). بدا الشناوي في الدور الذي يكاد يلخّص أدواره التي لا يخسر فيها أبداً، سواء كان شريراً أو طيباً هنا كان شريراً بجاذبية لا تقاوم، فتحكّم في مصير ضحاياه المباشرين وغير المباشرين, من المفارقات أن شادية، التي قدمت أمامه عدداً كبيراً من الأدوار، لم تلتق به طوال مشاهد «اللص والكلاب». ربما لأنه لم يكن في الفيلم ذلك الرومانسي الذي أحبته شادية في عشرات الأفلام. من المفارقات الطريفة و الاخلاقية ايضا اثناء تصوير الفيلم إنه في المشهد الذي يضبط فيه رؤوف... سعيد مهران متلبسا بسرقة الساعة ودار بينهما حوار كان شكري سرحان يحدث كمال بشكل متعال أثناء التصوير وكأنه لا يقبل أن يكون خادما لصا, وقبل إعادة المشهد، ذهب كمال الشناوي لشكري سرحان وكمال الشيخ وقال لهما : المفروض أنه اليد العليا والقوية في المشهد وأن سعيد اللص هو الضعيف وليس العكس، وبالفعل احترم وجهة نظره ... وقال كمال لسرحان ايضا: أنا أفعل ذلك من أجل التمثيل يا شكري... لكنك أستاذي الذي أحبه وأقدره كثيرا إلى أن ابتسم شكري سرحان وضمه وقال «إنت اللي أستاذي يا كيمو». لمزيد من مقالات وسام أبوالعطا