بعد فشل المفاوضات مع إثيوبيا كان لابد من البحث عن حل بديل يخرج مصر من مرحلة الفقر المائى التي وصلت إليها. لذا تم الأنتهاء موْخرا من إعداد 295 خريطة تحوى معلومات كاملة عن الكونغو للبدء في مشروع تنمية أفريقيا وربط نهر الكونغو بنهر النيل عن طريق شق قناة تصل نهر الكونغو بأحد روافد نهر النيل في السودان. المشروع بالفعل قادر علي ان يوفر لمصر95 مليار متر مكعب من المياه سنويا, ويؤدي إلي زراعة80 مليون فدان تزداد بالتدرج بعد10 سنوات إلي112 مليار متر مكعب, كما أنه سيوفر لمصر والسودان والكونغو 320 مليون فدان صالحة للزراعة بالأضافة الي طاقة كهربائية تكفي ثلثي قارة إفريقيا بمقدار18000 ميجاوات, أي عشرة أضعاف ما يولده السد العالي عن طريق مجموعة من السدود الصغيرة علي المسار الجديد. .جدير بالذكر ان فكرة هذا المشروع قد ظهرت للمرة الأولي فعلياً في 1980، عندما كلف الرئيس الراحل محمد أنور السادات كلاً من الدكتور إبراهيم مصطفي كامل الخبير الهندسي في مجال مياه النيل، والدكتور إبراهيم حميدة رئيس مركز بحوث الصحراء والمياه السابق، بالقيام بجولة ميدانية في الكونغو لتقديم تصور عن الطبيعة الجغرافية للنهر، وبعد تقديم المشروع إلي الرئيس السادات، أرسلته الحكومة المصرية إلي شركة «آرثر دي ليتل» الأمريكية المتخصصة في تقديم الاستشارات الاستراتيجية لتقديم التصور والتكلفة المتوقعة، ثم ردت بالموافقة.. لكن المشروع توقف فجأة ثم عاد وطفا علي السطح مجدداً في أعقاب أزمة مصر مع سد النهضة. من المقرر لهذة القناة ان تزود مصر ب95 مليار متر مكعب من المياه سنويًا، أي ما يعادل ضعف الحصة الحالية (55.5 مليار متر مكعب). وبالرغم من أن هذه الكمية قد تكون بمثابة ثروة مائية جديدة تحتاجها مصر كثيرًا إلا أنها لا تمثل سوى فائض ضيلة جدًا من مياه نهر الكونغو الذي يهدر منه حوالي ألف مليار متر مكعب من المياه في المحيط الأطلسي كل عام. وبحسب تقديرات هيئة الثروة المعدنية فإن العمل على حفر قناة نهر الكونغو يمكن أن يكتمل في غضون 24 شهرًا، بتكلفة 8 مليارات جنيه مصري، أي ما يقرب من 1.16مليار دولار، ويشمل هذا التقدير حفر القناة، وبناء أربع محطات ضخ، وجميع وسائل النقل ودعم البنية التحتية للمشروع. وهذه التكلفة ضئيلة بالمقارنة بعرض الصين (25مليار دولار) لإنشاء أكبر ميناء في شرق إفريقيا بكينيا. ولكن يقف الوضع الجغرافي والسياسي لدولة جنوب السودان عقبة أساسية أمام انطلاق مشروع ''نهر الكونغو''، إذ لن تستوعب جنوب السودان الزيادة الكبيرة في كميات المياه التي يحملها نهر النيل الأبيض، ما يستوجب عليها استكمال وتوسيع قناة كونجلي (360كم)، التي بدأ حفرها في العام 1981، وتوقف في عام 1984 بسبب تصاعد وتيرة الحرب آنذاك. كما ان أزمة المياه الحالية انطلقت شرارتها الأولى من كينشاسا عاصمة الكونغو الديمقراطية فى اجتماع وزراء مياه دول حوض النيل فى مايو 2009 وخلال هذا الاجتماع طالبت دول المنابع جميعها باستثناء إريتريا التى تتمتع بصفة المراقب وتدعم حقوق مصر فى مياه النيل بأن توقع دول الحوض على الاتفاقية الإطارية لمياه النيل التى أطلق عليها فى ما بعد «اتفاقية عنتيبى»، وتأجيل البنود التى تطالب بها مصر والسودان إلى وقت لاحق، وهى بنود الأمن المائى والإخطار والإجماع، وهى البنود التى تحفظ حقوق مصر والسودان فى مياه النيل... وصُدم وفد السودان من مطالب دول المنابع لدرجة أنه غادر الكونغو بعد ساعة من بدء الاجتماع... وظل الوفد المصرى برئاسة وزير الرى الأسبق الدكتور محمد نصر الدين علام حاضرًا الاجتماع رغم دهشة دول المنابع... وأعلن رفض مصر مطالب دول المنابع... وتم ترحيل الخلافات إلى الاجتماع الذى عُقد فى الإسكندرية فى يوليو 2009، وفى هذا الاجتماع تصاعدت الخلافات بين دول المنابع من ناحية ومصر من ناحية أخرى وسط رفض دول المنابع إدراج البنود الثلاثة التى تطالب بها مصر والسودان، وفشل الاجتماع فى حل الخلافات، وتم ترحيلها مرة آخرى إلى اجتماع شرم الشيخ فى أبريل 2010، وفى هذا الاجتماع فشلت كل الجهود الساعية لتطويق الخلافات بين دول حوض النيل، وأصدرت دول المنابع -وكان من بينها الكونغو- قرارًا بأنها ستوقع على الاتفاقية الإطارية لمياه النيل منفردة دون مصر والسودان، وهى الاتفاقية التى لا تعترف بحقوق القاهرة والخرطوم فى مياه النيل، وقد تم بالفعل التوقيع عليها فى 14 مايو 2010 فى مدينة عنتيبى الأوغندية حيث وقّع كل من إثيوبيا وأوغندا وراوندا وتنزانيا... ثم تبعتها كينيا بعد أسبوع... وبوروندى بعد 7 أشهر.. وأعلنت الكونغو أنها مع دول المنابع وأن توقيعها على الاتفاقية مسألة وقت ليس إلا... ومن ثَم فإن الكونغو الديمقراطية إحدى دول منابع النيل التى تسهم بالجزء الأكبر من مائية نهر الكونغو كغيرها من دول المنابع لا تعترف بحقوقنا فى مياه النيل، فكيف توافق على نقل مياه نهر الكونغو إلى نهر النيل؟. [email protected] لمزيد من مقالات رانيا حفنى