اكتسبت زيارة المشير عبد الفتاح السيسى ووزير الخارجية نبيل فهمى لروسيا أهمية بالغة فى ضوء التطورات الدولية والاقليمية الجارية، كما أحدثت صخبا إعلاميا وسياسيا غير مسبوق فى ضوء ربط تحرك مصر الخارجى بالترشيحات الرئاسية القادمة، واستقلالية القرار المصري. أكدت وسائل الإعلام الغربية أن الزيارة قد تدفع الولاياتالمتحدة الى إعادة حساباتها مع مصر حفاظا على العلاقات الاستراتيجية المشتركة ومصالحها فى المنطقة والتى تعكرت بعض الشيء بسبب دعمها للإخوان المسلمين، وأفردت صحيفة «الموند» صفحات تحت عنوان عملية إغراء بين مصر وروسيا؟ أم تغيير تكتيكى وركلة فى أنف أمريكا؟ فى حين قام تقييم بعض المحللين السياسيين لزيارة السيسى على أنها موجهة للشعب المصرى وانه أراد ارضاء الرأى العام المصرى الذى ضاق من السياسات الأمريكية.. وأبرزت وسائل إعلام أخرى أن بوتين قام بمعاملة المشير السيسى معاملة رؤساء الدول وأن روسيا استقبلته استقبال البطل الذى كبح جماح جماعة الاخوان الارهابية.. ووصفت مجلة «افريقيا آسيا» السيسى بأنه الرجل القوى المخلص، فى حين أكدت «الفيجارو» أهمية محاربة الارهاب فى مصر لأنه تهديد لمعاهدة السلام وكتب خبير شئون الشرق الأوسط «ستانوفيسكي» ان التحول المصرى نحو روسيا أثار مشاعر الغيرة فى الولاياتالمتحدة مما سوف يدفع «الكونجرس» الى توجيه اللوم لأوباما. فى ضوء هذا الزخم الاعلامى الغربى أعتقد ان مصر سوف تحافظ على موازين القوى العالمية وان سياساتها الخارجية وان كانت تتحلى بملامح جديدة وعميقة سوف تحافظ على العقلانية والتأنى والهدوء بعيدا عن أى مخاطر، آخذة فى الاعتبار ابعاد العولمة ومفاهيم العلاقات الدولية وامال الشعب المصرى بعد ثورة 30 يونيو.. كما أن الدبلوماسية المصرية حريصة على تطوير العلاقات مع روسيا الاتحادية فى ضوء التعاون الايجابى بين البلدين على مدى العقود السبعة الماضية.. فمصر لا تنسى لروسيا إنها ساهمت فى ارساء قواعد قلاع صناعية، كما أعادت هيكلة القوات المسلحة التى حققت نصر اكتوبر 1973. بعيدا عن التخلى عن الشراكة المصرية الأمريكية أو المصرية الأوروبية فى ضوء انفتاح الدبلوماسية المصرية على العالم أجمع لمصلحة الشعب المصرى كما تمحورت حول تناول القضايا الثنائية والاقليمية من أجل نجاح المسار السياسي، وخلق مناخ جديد للتعاون الفعال فى المجال العسكرى والاقتصادى والثقافى والأمنى تمهيدا لانعقاد اللجنة الثنائية المصرية الروسية الشهر القادم لترجمة التوافق المصرى الى موقع التنفيذ. ولا شك أن آلية 2 + 2 التى تمت فى إطارها مباحثات السيسى وبوتين. ومباحثات فهمى ولافروف سوف تمكن البلدين من اتخاذ مواقف ازاء القضايا الثنائية والاقليمية لأنها مؤهلة لتقييم الأوضاع فى الشرق الأوسط وتحديد التدابير المشتركة لمعالجة الأزمات وفقا لمبادئ الدولتين الكبيرتين. كما أن روسيا التى ساهمت فى بناء السد العالى مؤهلة وفقا للمراقبين أن تكون وسيطا أمينا فى حل مشكلة سد النهضة حيث ترى روسيا ان قضية المياه التى تمت مناقشتها باستفاضة بين البلدين قضية مصيرية فى مناطق عديدة من العالم، وانها يجب ان تحل وفقا للقانون الدولى والاتفاقيات المشتركة واحتياجات المواطنين فى الموارد المائية. ومن الطبيعى أن يشكل التقارب الروسى المصرى قلقا للولايات المتحدة، وان يطالب الكونجرس والباحثون الرئيس أوباما بضرورة التعاون مع مصر فى محاربة الارهاب، وان يتم انتقاد تعليق المساعدات الأمريكية لمصر انه لابد من منح الجيش المصرى الأدوات الخاصة بمواجهة العنف والتطرف حفاظا على اتفاقية السلام المبرمة بين مصر واسرائيل. إن مجال الارهاب سوف يكون من مجالات التعاون الثنائى بين مصر وروسيا لأنه مصدر قلق لروسيا بقدر ما يمثل قضية مهمة بالنسبة لمصر، وبالتالى سوف يتم تكثيف التعاون ازاء مكافحة الارهاب الدولى بين مصر وروسيا على المستوى الثنائى وفى اطار الأممالمتحدة لأن من أحد أسباب موقف روسيا المؤيد ل 30 يونيو هو معاناة روسيا من الاسلام السياسى المتطرف، فمرحبا ببوصلة الانفتاح على العالم وتوجيهات القيادة الوطنية المتوهجة بالموضوعية، والعقلانية، والإخلاص. لمزيد من مقالات عائشة عبد الغفار