فى البدء كانت الكلمة أداة فعل الإله لخلق العالم، وبقيت نوراً ونبراساً ومنحة للشعراء أمراء الكلام. الشعر تلك الجذوة المقدسة التى ظلت مشتعلة فى قلوب المؤرقين بها، المفتونين بسحر حلاوتها رغم الألم، لا تعرف حدوداً ولا تمنعها حواجز ولا قيود منذ اختار أهلها القابضون عليها أن يكونوا لسان حال العالم ومحبيه ومستضعفيه، ومن شعر نبطى وعامى وحديث وفصيح فى جنادرية الرياض إلى الشعر بكل لغات العالم وأشكاله فى جرينادا أو غرناطة، ورغم اتساع المسافة ونسبية القيود التى تشكل ملامح المشهدين ما بين السعودية الواقعة فى إطار شبه الجزيرة العربية فى آسيا ونيكاراجوا فى أمريكا الوسطى إلا أن هناك أملا بأن الشعر مثل الحب الذى نتمنى أن يغمر العالم ما زال قادراً رغم القيود على أن يجد له مساحة فى هذا العالم مهما استحكمت قيوده. جرينادا نيكاراجوا تصدح بالشعر لمدة أسبوع تبدأ اليوم الأحد فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان الشِّعر العالمى السنوى فى جرينادا (نيكاراجوا)، الحدث الثقافى الأهم فى الدولة الأكبر مساحة بين دول أمريكا الوسطى، والتى تحدها من الشمال هندوراس، ومن الجنوب كوستاريكا، ومن الغرب المحيط الهادي، ومن الشرق البحر الكاريبي، ولغتها الرئيسية الأسبانية. تأسس المهرجان فى عام 2005، وينعقد سنوياً فى النصف الثانى من شهر فبراير، وذلك لمدة أسبوع تتحول فيه جرينادا إلى عاصمة الشعر فى العالم، حيث تنعقد فيه الأمسيات الشعرية لعشرات الشعراء من مختلف القارات، ويتم تخصيص واحدة منها للنساء الشاعرات، فضلاً عن ندوات نقاشية حول شاعر العام، ويأتى هذا مصحوباً بمعرض للكتاب وحفلات راقصة وعروض موسيقية ومسرحية وفولكلورية يشاهدها الآلاف من الجمهور فى الميادين العامة، والأسواق، والمؤسسات التعليمية من جامعات ومدارس، بالإضافة إلى كنائس المدينة ومراكز الشرطة الكبرى أيضاً فى عشر مدن مجاورة لمدينة جرينادا التى تأسست عام 1524 ميلادية. وجرينادا –التى هى تحوير أسبانى لنطق كلمة "غرناطة "- هى أول مدينة كولونيالية يشيدها الإسبان المستعمرون فى أمريكا اللاتينية. يرأس المهرجان لهذا العام الشَّاعر النيكاراجوى فرانسيسكو دى أسيس فرنانديز، الذى أكد استمرار التقليد المتبع من جانب اللجنة المنظمة والممولة للمهرجان برفع الستار عن تمثال شاعر العام المكرم، وذلك فى حديقة الشعر بالمدينة لينضم إلى صحبة من التماثيل التذكارية التى تم الكشف عندها فى دورات المهرجان السابقة، والتى كان من بينها أسماء بارزة على رأسها: أرنستو كاردينال ، خواكين باسوس ، خوسيه كورنيل أوتيخو ، بابلو أنتونيو كودارا ،فرناندو سيلفا، مانولو كودارا ، سالمون دى لا سيلفا ، ألفونسو كورتيس، آزيرياس بالياس ، وكلاريبل ألجريا، و لهذا العام "روبن داريو" أو أمير أدب الحداثة الناطق بالأسبانية، ويعد من أهم شعراء أمريكا اللاتينية وأكثرهم شعبية وتقديراً فى وسط وجنوب أمريكا، والذى تضم المكتبة العربية ترجمات لأعماله قام بها مترجمون عرب، منهم المترجم المصرى "طلعت شاهين"، والشاعر "أحمد يماني". ومن بين المشاركين العرب لهذا العام الشَّاعر أحمد الشَّهاوي، الذى سبق له المشاركة مرتين إحداهما فى 2009، والثانية فى 2012، ومن المقرر أن يقرأ مختارات من شعره فى أربع أمسيات تقام فى عدد من مدن نيكاراجوا الصغيرة المحيطة بمقر المهرجان. وسيقرأ الشهاوى هذا العام مختارات من كتابه الشعرى " سماء باسمى " الذى صدر فى طبعته العربية الأولى فى فبراير 2013، والذى ستصدر طبعته الثانية فى هذا الشهر, وذلك بعد وصول الديوان إلى قائمة جائزة "الشيخ زايد" للآداب، المخطط إعلانها فى مايو القادم، وقد ترجم الديوان إلى الإسبانية الدكتورة عبير عبدالحافظ أستاذ الأدب الإسبانى بكلية الآداب جامعة القاهرة.