هل يجوز الصرف من مال الزكاة لمساعدة الشباب غير القادرين الراغبين فى الزواج ؟ أجابت دار الإفتاء المصرية، قائلة: كفايةَ الفقراء والمساكين جاءت فى صدارة مصارف الزكاة الثمانية فى قوله تعالي: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة: 60]؛ وذلك للتأكيد على أولويتهم فى استحقاقها، وأن الأصلَ فيها كفايتُهُم وإقامةُ حياتهم ومعاشهم؛ إسكانًا وإطعامًا وتعليمًا وعلاجًا ونحو ذلك مِمَّا يحتاجون إليه، وخَصَّهم النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم بالذِّكر فى حديث إرسال معاذٍ رضى الله عنه إلى اليَمَن: »فَإن هم أَطاعُوا لَكَ بذلكَ فأَخبِرهم أَنَّ اللهَ قد فَرَضَ عليهم صَدَقةً تُؤخَذُ مِن أَغنِيائِهم فتُرَدُّ على فُقَرائِهم« متفقٌ عليه. وإخراج الزكاة مساعدةً لمن أراد الزواج وهو عاجزٌ عن تكاليفه أمرٌ جائزٌ شرعًا كما ذهب إليه جماعةٌ مِن العلماء مِن المالكية والحنابلة؛ حيث قالوا: إنَّ مِن تمام الكفاية التى يُشرَعُ إعطاءُ الفقير مِن الزكاة لِيَصِلَ إلى حَدِّها ما يأخُذُهُ ليتزوج به إذا لَم تكن له زوجةٌ واحْتَاجَ للنكاح. » وفى الأثر عن عمر بن عبد العزيز أنه أَمَرَ مَن ينادى فى الناس: »أين المساكين؟ أين الغارمون؟ أين الناكحون -أي: الذين يريدون الزواج-؟«، وذلك ليعطيهم مِن بيت مال المسلمين. ويجوز شرعًا الصرف مِن زكاة المال فى تزويج الشباب غير القادرين الراغبين فى الزواج ومساعدتهم فيما يحتاجون إليه، ويكون ذلك فى صورة مالٍ نقديٍّ يُدفع للمحتاج منهم، وإذا أُريدَ إعطاؤها إياه على هيئةٍ عينيةٍ فيجب أن يُراعَى فى ذلك ما يحتاجه الفقير حاجةً حقيقيةً، لا أن تُشتَرَى أيُّ سلعٍ رخيصةٍ لتُعطَى للفقراء كيفما اتفق، أو أن تُشتَرى سلعٌ غاليةٌ لا حاجة لهم إليها، وهذا يتحقق بدراسة احتياجات الفقراء فى كُلٌّ على حِدَةٍ لمعرفة ما ينقصهم مِن السلع الضرورية؛ لأن مالَ الزكاة حقٌّ خالصٌ للفقير، فالأصل أن يُعطَاها مالًا ليشترى بها ما يحتاجه هو؛ وعلى ذلك فالمُنفِقُ على زواجِ المحتاجِ مِن زكاة ماله هو فى الحقيقة كالوكيل عنه فى توفير ما يحتاج إليه، فإذا تحول الأمر إلى إلزامٍ للفقراء أن يأخذوا ما لا يحتاجونه، أو إلى نوع مِن إثبات الحالة على حساب الحاجة الحقيقية لدى الفقير، أو إلى التفاخر والتظاهر بين الناس: فهذا كله يجعل الإنفاق على الزواج بمَنْأًى عن مقصود الزكاة، بل يكون حينئذٍ مِن الصدقات والتبرعات. كل ذلك مع وجوب التحرز الكامل عما قد يشوب عملية جمع الأموال مِن مخالفاتٍ قانونيةٍ أو شرعيةٍ؛ كجَمْعِ الأموال مِن قِبَل غير المأذونين مِن الجهات المختصة، أو أخذ التبرعات دون إعطاء أصحابها إيصالاتٍ تُثْبِتُ تبرعَهم.