لأول مرة في تاريخ السينما المصرية، قرر مجلس الوزراء تشكيل لجنة عليا مكونة من ستة وزراء ومندوبي وزارتين اخريين لتطوير صناعة السينما. وعلي العكس من كل اللجان التي شكلتها الدولة في العصور السابقة، بدت أن هناك ارادة سياسية هذه المرة للقيام بتغيير حقيقي ينقذ صناعة السينما التي تلفظ أنفاسها. ورغم تشكيل اللجنة في 19 سبتمبر من العام الماضي، فقد ظلت تفاصيل ما دار في اجتماعاتها بعيدة الي حد كبير عن أعين الاعلام حتي استطاع الأهرام رفع اللثام عن أسرار اللجنة. صفحة السينما التقت د.خالد عبد الجليل منسق عام اللجنة الوزارية ومستشار وزير الثقافة لشئون السينما والانتاج الثقافي. وكان هذا الحوار: ما هو الدافع الحقيقي وراء استجابة مجلس الوزراء لانشاء لجنة بهذ الحجم بالقرار رقم 1136 لعام 2013؟ مع تشكيل حكومة د. حازم الببلاوي، تفاقمت مشاكل السينما وتعالت الأصوات أكثر مطالبة بتدخل الدولة، فتقدم د. محمد صابر عرب وزير الثقافة بطلب لمجلس الوزراء لتقوم الدولة بدورها تجاه السينما. استجاب المجلس مشكورا وشكل اللجنة المذكورة مكونة من وزراء: الاستثمار، المالية، الاعلام، التجارة والصناعة، التخطيط والتعاون الدولى بالاضافة لمندوبي وزارتي الدفاع والداخلية وبرئاسة د زياد بهاء الدين نائب رئيس مجلس الوزراء المستقيل حديثا. ووزير الثقافة مقررا.وتم تكليفي بدور منسق اللجنة وباعداد جدول الأعمال. فتوجهت للاجتماع مع مجلس ادارة نقابة السينمائيين ومجلس ادارة غرفة صناعة السينما. والحق أن الأخيرقد أعد ملفا ضخما بدراسة موسعة عن أغلب مشاكل السينما والتي تم حصرها في الملفات التالية: تسهيل تصوير الأفلام الأجنبية والمصرية، القرصنة، الانتاج والتوزيع، أصول السينما، السينماتيك ومتحف السينما. البعض يري (ربما عن خطأ) أنه لا يمكن أن يقوم من هم أصل المشكلة بايجاد الحل. وهذا الاتهام موجه لغرفة صناعة السينما بل ولك شخصيا. كما أن الملفات المطروحة تمت مناقشتها مرارا وتكرارا. فماذا ستقدمون من جديد؟ شئنا أم أبينا، غرفة صناعة السينما هي الكيان الشعبي المنتخب ديمقرطيا الذي يعبر عن الشركات العاملة بالصناعة، والغرفة الان تؤدي دورها حقا. وعادة ما كانت اللجان التي تشكل في الماضي بمعزل عن الجهات المسئولة في الدولة. أما هذه المرة فقد حضر الوزراء بأنفسهم بالاضافة لتمثيل عدد من السينمائيين المساهمين بقوة في الشأن السينمائي مثل المخرج خالد يوسف ، والفنانة ليلي علوي وفاروق صبري عن الغرفة والمنتج محمد العدل ود. أحمد عواض رئيس الرقابة علي المصنفات الفنية. واستمع الوزراء منذ أول اجتماع لملخص واف عن كل مشكلات الصناعة والخطوط العريضة لكل ملف خاصة أن بعض المشكلات تخص أكثر من وزارة. وتم تصنيف المشكلات الي نوعين، الاولي منها يمكن حلها باجراءات ادارية وقرارات وزارية لا تصطدم بتشريع والأخري تحتاج الي تعديل تشريعي سيتم طرحه علي مجلس النواب المقبل. ومن ضمن ما تم انجازه في الأولي التصريح بدخول معدات تصوير الأفلام الأجنبية الي مصر بنظام الافراج الجمركي المؤقت وذلك بضمان المركز القومي للسينما بدلا مما كان مطلوبا من قبل من الشركات ايداع خطاب ضمان بنكي بقيمة المعدات قبل التصريح بالموافقة علي التصوير بمصر. ألم تنجح لجنة بهذا الحجم خلال خمسة أشهر بإصدار قرارات وزارية مهمة لحل أي من المشكلات المستعصية بالصناعة؟ هناك مشروع قانون تمت صياغته بالفعل بين وزارتي الثقافة والتعاون الدولي وهدفه فتح شباك موحد لتسهيل اجراءات تصوير الأفلام الأجنبية والمصرية ويكون مكانه داخل المركز القومي للسينما. وتلتزم الرقابة باعطاء تصريح التصوير بالفيلم خلال 72 ساعة، وتم تسهيل الاجراءات فلن يكون علي الفيلم الاجنبي تقديم السيناريو كاملا بل مجرد ملخص له والمشاهد التي سيتم تصويرها بمصر فقط.واذا ما أراد الفيلم العرض بمصر يتقدم صاحبه فيما بعد بالفيلم كاملا. وسيكون الحد الاقصي للحصول علي كل تصاريح التصوير 15 يوما. أحد أهم مشاكل السينما بمصر الان هي القرصنة. فالأفلام تعرض علي الانترنت بدون تجريم لمن يعرضها. وهناك اكثر من 40 قناة فضائية تعرض الافلام المصرية بدون شراء الحقوق من أصحابها. واي شخصين يذهبان للشهر العقاري ويدعيا أنهما بائع ومشتر اي فيلم بدون رادع كل ذلك يخصم من ايرادات الفيلم المصري ويدمر الصناعة ككل. تم ارسال خطاب من وزير الثقافة للمستشار وزير العدل بطلب انشاء وحدة للشهر العقاري داخل غرفة صناعة السينما كمنفذ وحيد للتنازل عن حقوق الافلام بالبيع والشراء. ويدرس وزير الثقافة اصدار قرار بضروة الحصول علي موافقة غرفة صناعة السينما قبل الحصول علي اي ترخيص من وزارة الثقافة علي تعاملات الأفلام. وفي نفس الوقت شكل د صابر عرب لجنة لاعداد مشروع لهيكل مؤسسي لحماية الملكية الفكرية وحق المؤلف والحقوق المجاورة. وبدأت اللجنة أعمالها برئاسة د. محمد نور فرحات رئيس المكتب الدائم لحقوق المؤلف وبعضوية د. حسام لطفي أحد أهم المتخصصين في هذا الشأن وتم اعداد مشروع قرار جمهوري بإنشاء هيئة للملكية الفكرية تفعيلا للدستور الجديد، وتمت مناقشة المشروع المقترح ووضع العديد من الملاحظات البناءة عليه لتعديل المشروع ليكون مكتملا قانونيا وفنيا خاصة ان مصر موقعة علي كافة اتفاقيات حقوق المؤلف الدولية مثل الوايبو وغيرها. وكمرحلة انتقالية استجابت اللجنة لاقتراحي بعمل دراسة لكيفية توحيد الجهات المعنية بالملكية الفكرية داخل وزارة الثقافة ودمجها في كيان واحد أصول السينما في مصر هي أربع: مجموعة استوديوهات. و24 دار عرض. و159 فيلم.وأرض مدينة الفنون. ومعامل الطبع وعدة أراض. كثر الكلام حول هذا الملف بشكل عبثي. ما الذي ستستفيده السينما المصرية من نقل الأصول من وزارة الاستثمار الي وزارة الثقافة؟ الأصول بالفعل مملوكة حتي الان للمجلس الأعلي للثقافة. وتدار بواسطة شركة مصر للصوت والضوء.وهذا ما جعل صناعة السينما لا تستفيد بشكل مباشر من هذه الأصول. وهل سنعود لعصر القطاع العام في السينما إذا ما أدارت وزارة الثقافة هذه الأصول؟ بخبرته الاقتصادية الكبيرة، أخذ د. زياد بهاء الدين علي عاتقه تقديم صيغة متطورة وعصرية لادارة تلك الأصول واستفادة السينمائيين بها. وهل أعمال اللجنة الوزارية توقفت الان بعد استقالة د. زياد بهاء باعتباره رئيس تلك اللجنة؟ تم قطع شوط لا بأس به في أغلب الملفات. ومازال د.زياد موجودا بخبرته كمثقف ومهتم بالشأن العام. وعلي المستوي الرسمي مازالت اللجنة منعقدة ومازال وزير الثقافة مقررها. وهناك الجهود الدءوبة المستمرة للمخرج خالد يوسف باعتباره مقرر لجنة السينما بالمجلس الأعلي للثقافة لتفعيل أعمال اللجنة الوزارية. خاصة أن السينمائيين يعولون عليها الكثير لتنفيذ ما تم التوصل اليه. ما الذي يضمن استمرار أعمال تلك اللجنة إذا ماتغير وزير أو أكثر في الفترة القادمة أو حتي تغيرت الوزارة بأكملها؟ السينمائيون مجتمعون هذه المرة علي قلب رجل واحد لحل كل مشكلات صناعة السينما. ليس فقط علي مستوي أهم العاملين بالصناعة، لكن هناك توافق وتنسيق وتفاهم بين نقابة السينمائيين وغرفة صناعة السينما ولجنة السينما بالمجلس الأعلي للثقافة ومجلس ادارة المركز القومي للسينما باعتبارهم أهم الجهات المختصة بصناعة السينما. وكلهم عازمون علي استكمال مسيرتهم مع اللجنة الوزارية لاستمرار الدور المطلوب منها. يبدو لي أنه رغم أهمية الملفات التي تناقشها اللجنة، الا أنه ليس هناك اهتمام حقيقي بالمنتج الصغير، والذي كان له الفضل في تطور السينما المصرية علي مدي عصورها. وليس الشركات الضخمة. وأين موضوع الاحتكار في أجندتكم؟ تم طرح فكرة احياء صندوق دعم السينما بوزارة الثقافة بفكر جديد، ويقوم علي حصول المنتجين علي مبالغ لانتاج الافلام من خلال قروض ميسرة بفوائد بسيطة. كما أتمني أن نستفيد من تجارب شباب المنتجين المستقلين لتقديم مشروع لكيفية الاستفادة من أصول السينما في حال استعادة وزارة الثقافة لادارتها، في حل ما يواجههم من مشاكل في التوزيع والعرض.