يكتمل العام الأول لثورة 25 يناير في نهاية يناير 2012, وهو عام زاخر بالتطورات والتحديات, مليء بالانجازات والتضحيات, ويتطلب وقفة مع الذات من جانب شباب الثورة ومن أيدوها ودعموها ووقفوا معها في مراحلها الاولي, ثم اتخذوا موقفا متوازيا وانتقاديا في معظم الاحيان, أو ممن يحملون الثورة والثوار مالا دخل لهم به, ولا ذنب لهم فيه. وإن أبرز ما حققته ثورة يناير, والذي سيظل أثره ممتدا لفترة غير قصيرة, أولا: كسر حاجز الخوف الذي كان مخيما علي الساحة المصرية بكثافة تحجب إشراقة الغد الافضل, وثانيا: كسر حاجز السلبية الذي أصاب حركة المجتمع بالتوقع علي مدي عقدين من الزمان, وثالثا: إنهاء حالة الهوس الامني التي سيطرت علي كيان وأطراف نظام الحكم وجعلت كل ما دون ذلك ثانويا, ويهون أمره سواء كان متصلا بالثروة البشرية أو الثروة المادية. هذا ما تحقق علي مستوي العقل والوجدان والحالة النفسية الجماعية التي كانت سائدة, بالإضافة إلي إنجازات أخري نابعة, وتابعة لثلاثية المتغيرات المشار إليها, وأهم هذه الانجازات: إنهاء أطول فترة رئاسية مصرية منذ محمد علي, وقد امتدت نحو29 عاما, وكان محتملا أن تمتد علي مدي حياة الرئيس السابق. إنهاء خطة توريث رئاسة الجمهورية بانتخابات صورية ووفقا لشروط محددة ومضمونة النتائج سلفا. جعل مدة رئاسة الجمهورية أربع سنوات بدلا من ست, وبحد أقصي فترتين متتاليتين, إعادة تنظيم العمليات الانتخابية علي أسس جديدة يكون للقضاء اليد العليا في مراقبتها, وتيسيرا علي الناخبين الإدلاء بأصواتهم بالرقم القومي, وإلغاء المبدأ المغلوط بأن البرلمان سيد قراره. فتح المجال واسعا أمام كافة القوي السياسية بكل أطيافها, وإخراجها اما من الحجرات المغلقة بالنسبة للأحزاب التي كانت قائمة, وإما من دائرة الحظر والتحريم, واما من دائرة الاستبعاد والتهميش. ومن أهم التحديات التي تواجه الثورة والثوار, المنافسة الي حد الصراع بين مطالب التغيير وسرعته ودرجة شموله, وبين ما كان قائما, وتحويل الثورة إلي حركة إصلاح تبني علي ماتحقق من الانجازات السالف بيانها, ان الذين سعوا ولا يزال سعيهم لتحويل الثورة إلي حركة إصلاح من داخل النظام أو حتي من خارجه يطالبون الثوار بالهدوء والتريث, وذلك تحت ظلال مقولة ان سرعة التغيير أحدثت ارتباكا واضطرابا علي المستويات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية, وفتحت شهية فئات عدة علي مطالب فئوية, وان كانت قائمة من قبل ومشروعة, الا أن تصاعدها وحدتها تثير المزيد من الارتباك ويصعب الاستجابة لها مرة واحدة. الخلط بين الثوار وغيرهم من فئات أخري لا علاقة لها بالثورة, وضرب الاثنين بيد قوية لدرجة العنف والقسوة, وإلقاء مسئولية عدم استقرار الأمن عليهم. كل هذا يتطلب من الثوار وقفة مع الذات محكومة بالعقلانية والمشاركة الايجابية والفعالة في تنفيذ برنامج التغيير المطروح من استكمال انتخابات الهيئات التشريعية, سواء لمجلس الشوري, إلي أن يتم الحسم الدستوري في أمره, إما بإلغائه, أو تدعيم سلطاته التشريعية. وفي صياغة الدستور الجديد ليعبر عن روح ومطالب الثورة في إرساء قواعد دولة مدنية حديثة, ونظام رئاسي جديد. المزيد من مقالات السفير:رخا أحمد حسن