االسيدة الحديدية.. أميرة الانتقام.. وألقاب عدة كانت من نصيب الشيخة حسينة المرآة لا شك أنها ساهمت هي وأسرتها- من قبلها- في رسم ملامح تاريخ ومستقبل واحدة من أكبر الدول الدول الأسيوية فهي إحدي ابنتين لمؤسس دولة بنجلاديش الشيخ مجيب الرحمن والتي أدت مؤخرا اليمين الدستورية لتولي منصب رئيس الحكومة لفترة ثانية علي التوالي, وذلك بعد فوز حزبها في انتخابات شابتها مقاطعة المعارضة وأعمال عنف كادت أن تشعل نيران الفوضي بالبلاد. ففي حلقة جديدة من الصراع علي السلطة بين حزب عوامي الذي تتزعمه الشيخة حسينة والحزب الوطني البنجالي الذي تتزعمه المعارضة خالدة ضياء الدين والتي بدأت حينما دعت خالدة بمقاطعة الانتخابات التي وصفتها بالمهزلة والقيام بإضراب عام لمدة48 ساعة قبل بدء التصويت, لكن لم يتوقف الأمر عند حدود الإضراب بل مع بداية فتح مراكز الاقتراع أبوابها حدثت اشتباكات بين ناشطين من صفوف المعارضة والشرطة وأضرم محتجون النار في عشرات منها, كما علق التصويت في أكثر من مائة مركز مما جعل نسبة التصويت ضعيفة جدا وضمنت الشيخة حسينة الفوز في الانتخابات في ظل إعلان بعض مرشحي حزبها الفوز بسبب انسحاب المرشحين الآخرين في عدة دوائر انتخابية. وهناك أسباب عدة لرفض قوي المعارضة لتولي الشيخة حسينة ويأتي في مقدمتها إعتقال المئات من الناشطيين السياسيين من الأحزاب المعارضة بالإضافة لوضع الحكومة خالدة ضياء الدين قيد الإقامة الجبرية في منزلها وما سبقها من توتر الأجواء السياسية في ظل إصدار القضاء لأحكام مشددة علي قادة في الجماعة الإسلامية المتحالفة مع المعارضة وإعدام بعضهم بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال حرب الانفصال عن باكستان في أوائل السبعينيات من القرن الماضي, خاصة أنه يؤخذ عليها إصرارها علي الحفاظ علي الهوية العلمانية التي يتمتع بها حزبها وسعيها لتجريف الهوية الإسلامية في بلدة يشغل مسلموها ما يقرب من96% من تعداد سكانها ذلك من خلال الإجراءات الحادة التي تتبناها من حظر قيام أي أحزاب دينية وإلغاء أي مصطلح إسلامي من الدستور, مما أدي إلي حظر عشرات الأحزاب الإسلامية, وفي مقدمتها الجماعة الإسلامية ثالث أكبر حزب سياسي في البلاد, وعلي الجانب الأخر يري البعض أنها تستغل منصبها من أجل تصفية حساباتها مع من تعتقد أنهم قتلة أبيها, كما خالفت القانون وانتزعت أحكاما بالإعدام تم تنفيذها علي عشرات من العسكريين المتورطين في قتل أفراد أسرتها. والشيخة حسنة 66 عاما ولدت بقرية تونجيبارا, وبعد إنهاء تعليمها في مراحله الابتدائية والمتوسطة التحقت حسينة واجد بجامعة دكا التي تخرجت فيها عام.1973 وقد أغتال ضباط بنجاليون جميع أفراد أسرة شيخة حسينة في عام1975 في مذبحة مروعة نجت منها حسينة وشقيقتها ريحانة لوجودهما آنذاك في ألمانيا, ثم اضطرت للعيش في المنفي بين بريطانيا والهند حتي انتخابها رئيسة حزب رابطة عوامي, الأمر الذي يسر لها العودة في عام..1981 واستمرت في بنجلاديش بالرغم من تعرضها لعدة محاولات اغتيال, ففي عام2004 نجت من هجوم بقنبلة أثناء إلقاء كلمة في حشد من مؤيديها, لكنها فقدت السمع جزئيا, بينما قتل23 شخصا وأصيب أكثر من150 آخرين. وفي1996 أصبحت رئيسة للوزراء بعد فوز حزبها بالانتخابات التشريعية لكنها منيت بهزيمة ثقيلة بفشل حزبها' حزب عوامي' في انتخابات2001 علي60 مقعدا فقط بمجلس النواب مقابل200 مقعد لغريمه الحزب الوطني البنجالي بقيادة منافسة الشيخة حسنة وعدوتها اللدودة خالدة ضياء الدين. وفي يناير2007, تم تأجيل الانتخابات بشكل غير محدد وتم إعلان قانون الطوارئ عندما كان الجيش يقوم بدعم الحكومة الانتقالية والتي تهدف إلي إعداد قائمة جديدة من الناخبين وقمع الفساد المنتشر في أنحاء البلاد. وفي العام ذاته وجهت لحسينة تهمة الابتزاز والتحريض علي القتل, بكونها العقل المدبر لقتل أربعة من مناصري حزب سياسي منافس خلال أعمال عنف نشبت في شوارع العاصمة داكا, وأصدر القضاء بطاقة إيقاف بحقها, سرعان ما تم الغاؤها, لتسافر بعدها إلي أمريكا بغرض العلاج. وفي عام2008 عادت إلي بنجلاديش لتقود الحزب في انتخابات رئاسة الوزراء مرة أخري, بعد أن شغلته نحو خمسة أعوام. وحقق الحزب فوزا تاريخيا وحصل علي ثلاثة أرباع مقاعد البرلمان. وبفوز حسينة طوت البلاد فترة عامين عطل فيهما الدستور وغابت الحياة السياسية. وتزوجت من العالم الشهير وازد مياه, عام1968 ورزقا بابن وابنة, يعيشان في الولاياتالمتحدة, وألفت العديد من الكتب منها محنة أطفال الشوارع, وأصل الأوتوقراطية, والقضاء علي الفقر, وبعض الأفكار, والشعب والديمقراطية, والتنمية من أجل الجماهير. وبالرغم من آن عناوين مؤلفاتها توحي بآنها تسعي لنشر الديمقراطية ومحاربة الفقر والفساد ورغبتها في تنمية شعبها إلا آن الحقيقة هي أن أفكارها ومبادئها لم تتعد حدود أغلفة مؤلفاتها.. لكن هل سيتغير الواقع مع فترة ولايتها الجديدة وهل ستسطيع كسب جموع الشعب لها أم لا ؟