أعتقد أن المناخ العام الذي جسده هذا الإقبال الجماهيري علي صناديق الاستفتاء لإقرار الدستور الجديد قد منح هذا الوطن فرصة تاريخية نحو عبور تاريخي لتحقيق حلم مشروع ظل يراود الملايين طيلة السنوات الثلاث العجاف الأخيرة في استعادة الاستقرار والأمن والأمان وإعادة انطلاق عجلة التنمية والاستثمار. إن هذا المناخ الجديد الذي من المتوقع أن يتجدد عند كل اختبار صعب وحاسم تنادي فيه مصر أبناءها هو العنوان الأبرز لمعني الوطنية وهو التوصيف الأصدق لمعني اللحظات الثورية التي تتدفق فيها إرادات الشعوب لتحديد مواقفها دون أن تنزلق إلي مستنقعات الحالة الثورية التي يراد استمرار استغراق الأوطان فيها دون إدراك بأن الثورة وسيلة وليست غاية, ومن ثم فإنها لحظة خاطفة وليست حالة دائمة... وهذا هو سر وقوة وعظمة ثورة 30 يونيو فقد كانت في مجملها لحظة ثورية تحولت في 3 يوليو إلي إرادة فعل ثورية يملكها الشعب وحده ولا مكان فيها للنشطاء وتجار السياسة الذين يريدون أن يظل سرادق الثورة منصوبا إلي ما لا نهاية! والحقيقة أن هذا المناخ الجديد الذي لمسناه أمام صناديق الاستفتاء علي الدستور ليس وليد اللحظة وإنما هو امتداد لمناخ 30 يونيو والفهم الصحيح لمعني وأبعاد اللحظة الثورية التي صنعت كل هذه التطورات الإيجابية بين 30 يونيو 2013 ووقائع ما جري يومي 15,14 يناير 2014 فما بين هذين التاريخين جسر من الوعي الشعبي الذي قرأ الصورة جيدا وأدرك أن أوضاع ما قبل 30 يونيو لا يمكن الرجوع إليها لأن ذلك بات موضوعا لا يقبل المناقشة, كما أن الأوضاع الراهنة لا تسمح بإغفال عنصر الوقت الذي يراهن الفريق الآخر عليه كآخر ورقة متاحة! إن هذا المناخ العام بكل إيجابياته هو انعكاس للرؤية المجتمعية الصادقة لأحوال هذا الوطن علي مدي3 سنوات زاد فيها إحساس الناس بالعجز عن ضمان أمنهم الشخصي مع استشراء الفوضي والتراجع الأخلاقي, ومن ثم أيقن الناس أنه لابد من وضع نهاية لما يجري مستفزا ومرعبا.. ثم إن هذا المناخ هو انعكاس لحقائق جديدة أهمها أن مصر بعد 30 يونيو باتت شيئا مختلفا وأنها أصبحت علي الطريق الصحيح.. والأيام القادمة سوف تثبت صحة هذه الرؤية! خير الكلام: ليس أغبي من قوم لم يعرفوا بعد أنهم أغبياء! لمزيد من مقالات مرسى عطا الله