عملية "شبكة العنكبوت"، صور فضائية ترصد خسائر روسيا    مجلس الأمن يصوت اليوم على قرار لوقف دائم لإطلاق النار في غزة    ترامب يضاعف الرسوم الجمركية على الصلب والألومنيوم وسط تحذيرات أوروبية من رد سريع    وزير خارجية إيران: تخصيب اليورانيوم داخل أراضينا هو خطنا الأحمر    زلزال يضرب جزيرة «سيرام» في إندونيسيا بقوة الآن    دوري الأمم الأوروبية، قمة نارية اليوم بين ألمانيا والبرتغال في نصف النهائي    كامل الوزير: انتقال زيزو للأهلي احتراف .. وهذا ما يحتاجه الزمالك في الوقت الحالي    غرفة عمليات الشهادة الإعدادية تسلم أسئلة الامتحانات للجان سير الامتحانات    رابط نتيجة الصف الخامس الابتدائي الترم الثاني 2025 في جميع المحافظات    توافد الحجاج إلى"مشعر منى" لقضاء يوم التروية (فيديو)    سعر الذهب في مصر اليوم الأربعاء 4-6-2025 مع بداية التعاملات    انخفاض أسعار النفط بعد زيادة إنتاج مجموعة أوبك+    اليوم.. السيسي يتوجه إلى أبو ظبي للقاء رئيس دولة الإمارات    كامل الوزير: 70% نسبة تنفيذ الخط الأول من القطار السريع والتشغيل التجريبي يناير 2026    علي الهلباوي يحتفل مع جمهوره بعيد الأضحى في ساقية الصاوي    رشوان توفيق عن الراحلة سميحة أيوب: «مسابتنيش في حلوة ولا مرة»    طقس عيد الأضحى 2025 .. أجواء غير عادية تبدأ يوم عرفة وتستمر طوال أيام التشريق    بكام الطن؟ أسعار الأرز الشعير والأبيض اليوم الأربعاء 4 يونيو 2025 في أسواق الشرقية    النيابة تقرر حبس 5 متهمين بالتنقيب عن الآثار أسفل قصر ثقافة الطفل بالأقصر    ظهور وزير الرياضة في عزاء والدة عمرو الجنايني عضو لجنة التخطيط بالزمالك (صور)    «إنتوا هتجننونا».. خالد الغندور ينفعل على الهواء ويطالب بمنع زيزو من المشاركة مع الأهلي في المونديال    كامل الوزير: تذكرة المونوريل بنصف تكلفة بنزين السيارة    الدولار ب49.62 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأربعاء 4-6-2025    "مايكل وملاكه المفقود" لهنري آرثر جونز.. جديد قصور الثقافة في سلسلة آفاق عالمية    جيش الاحتلال يحذر سكان غزة من التوجه لمراكز توزيع المساعدات    مقتل محامٍ في كفر الشيخ.. ووكيل النقابة: اعتداء وحشي    مصرع وإصابة 17 شخصا في انقلاب ميكروباص بالمنيا    إصابة 14 شخصًا في انقلاب ميكروباص بالطريق الصحراوى الغربى بأسيوط    تنسيق 2025.. هؤلاء الطلاب مرشحون لجامعة "ساسكوني مصر"    رسميا.. رفع إيقاف قيد الزمالك    ليلى علوي تنعى الفنانة سميحة أيوب: "كانت الأم المشجعة دايمًا"    موعد أذان فجر الأربعاء 8 من ذي الحجة 2025.. ودعاء في جوف الليل    «احنا الأهلي».. رد صادم من ريبيرو على مواجهة ميسي    «شعار ذهبي».. تقارير تكشف مفاجأة ل بطل كأس العالم للأندية 2025    دعاء النبي في يوم التروية.. الأعمال المستحبة في الثامن من ذي الحجة وكيفية اغتنامه    «حسبي الله فيمن أذاني».. نجم الزمالك السابق يثير الجدل برسالة نارية    رئيس حزب الجيل: إخلاء سبيل 50 محبوسًا احتياطيًا من ثمار الجمهورية الجديدة    يُعد من الأصوات القليلة الصادقة داخل المعارضة .. سر الإبقاء على علاء عبد الفتاح خلف القضبان رغم انتهاء فترة عقوبته؟    90.1 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال جلسة منتصف الأسبوع    للتنظيف قبل العيد، خلطة طبيعية وآمنة لتذويب دهون المطبخ    تعرف على أهم المصادر المؤثرة في الموسيقى القبطية    الهلال يسعى لضم كانتي على سبيل الإعارة استعدادا لمونديال الأندية    تامر حسني: «زعلان من اللي بيتدخل بيني وبين بسمة بوسيل ونفسي اطلعهم برة»    أبرزهم شغل عيال وعالم تانى.. أفلام ينتظر أحمد حاتم عرضها    مي فاروق توجه رسالة نارية وتكشف عن معاناتها: "اتقوا الله.. مش كل ست مطلقة تبقى وحشة!"    مسلم يطرح أحدث أغانيه "سوء اختيار" على "يوتيوب"    رئيس الأركان يعود إلى مصر عقب انتهاء زيارته الرسمية إلى دولة رواندا    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد شراكة وتطوير لإطلاق مدينة «جريان» بمحور الشيخ زايد    قبل العيد.. ضبط 38 كيلو أغذية غير صالحة للاستهلاك بالمنيا    «الإفتاء» تنشر صيغة دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى    إرهاق جسدي وذهني.. حظ برج الدلو اليوم 4 يونيو    بمكون منزلي واحد.. تخلصي من «الزفارة» بعد غسل لحم الأضحية    رجل يخسر 40 كيلو من وزنه في 5 أشهر فقط.. ماذا فعل؟    "چبتو فارما" تستقبل وزير خارجية بنين لتعزيز التعاون الدوائي الإفريقي    "صحة المنوفية": استعدادات مكثفة لعيد الأضحى.. ومرور مفاجئ على مستشفى زاوية الناعورة المركزي    لأول مرة.. الاحتلال يكشف أماكن انتشار فرقه فى قطاع غزة..صورة    ماهر فرغلي: تنظيم الإخوان في مصر انهار بشكل كبير والدولة قضت على مكاتبهم    هل تكبيرات العيد واجبة أم سنة؟.. أمين الفتوى يُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تاج العلاء
نفيسة المصريين
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 01 - 2014

كلما جاءت ذكري مولد الهادي صلي الله عليه وسلم أطفئ لظي القلب شوقا للصلاة في حضرته الشريفة بالتوجه لمسجد حفيدته السيدة نفيسة من تزامن ميلادها مع مولده الكريم,
فقد ولدت في الحادي عشر من شهر ربيع الأول الموافق الأربعاء سنة خمس وأربعين ومئة من الهجرة النبوية, بل توفيت في مثل عمر رحيله في الثالثة والستين.. أطل من ثنايا شباكها علي ضريحها المغطي بثياب العروس المرصع بزينتها وأدعو الله وأبتهل لنفسي ونسلي وأهلي وصحبي ووطني ومصري.. هنا ترقد نفيسة الدارين.. العالمة الفقيهة الورعة الطاهرة.. السيدة نفيسة بنت حسن الأنور بن زيد الأبلج بن الإمام الحسن بن الإمام علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف.. نفيسة مصر والمصريين, وقرة عين المسلمين أجمعين, من جاءت من نسل قوم عظمت السماء شأنهم, وأعلت الشريعة قدرهم, وخلد القرآن ذكرهم, ونزل الوحي في بيوتهم, وزارت الملائكة رحابهم, وجرت دماء النبي في عروقهم, وقال عنهم الرسول الكريم لسيدنا علي: إدن مني يا علي.. خلقت أنا وأنت من شجرة أنا أصلها وأنت فرعها والحسن والحسين أغصانها, فمن تعلق بغصنها أدخله الله الجنة.. ومن واحد من تلك الأغصان, غصن القرن الأول للهجرة جاءت نفيسة العلم التي قدمت إلي مصر يوم السبت الموافق26 رمضان193 ه, وكان بيتها ندوة قائمة دائمة يحج إليها كبار العلماء وأئمة الفقهاء وشيوخ الزهاد وصفوة العارفين.. و..يستغيث المصريون من ظلم ابن طولون بالسيدة الطاهرة كما ذكر كل من المؤرخين القرماني وصاحب الغرر وصاحب المستطرف فتسألهم عن موعد موكبه فقالوا لها في الغد, فكتبت إليه رقعة ووقفت تعترض في الغد طريقه, فلما رآها عرفها فترجل عن فرسه وأخذ منها الرقعة التي قالت فيها: ملكتم فأسرتم, وقدرتم فقهرتم, وخولتم ففسقتم, وردت إليكم الأرزاق فقطعتم, هذا وقد علمتم أن سهام الأسحار نافذة غير مخطئة لاسيما في قلوب أوجعتموها, وأكباد جوعتموها, وأجساد عريتموها, فمحال أن يموت المظلوم ويبقي الظالم, اعملوا ما شئتم فإنا صابرون, وجوروا فإنا بالله مستجيرون, واظلموا فإنا إلي الله متظلمون, وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.. وبعدما قرأ ابن طولون عريضة السيدة نفيسة عدل لوقته فانزاح القهر عن أهل مصر.. وكانت قد حضرت السيدة نفيسة إلي أرض الكنانة قبل قدوم الإمام الشافعي إليها بخمس سنوات, وعند علمها بقدومه لمصر حرصت علي أن تكون في مجلسه تسمع رأيه في الفقه واجتهاده في فهم نصوص الدين, ولشدة ثقتها به طلبت منه أن يكون إماما لها يصلي بها الفرائض فأجابها, ويأتي رمضان فتطلب منه أن يؤمها في صلاة التراويح فلبي الإمام.
الدار كانت بمثابة الجزيرة الآمنة للإمام وسط بحر متلاطم الأمواج, حتي كان من عادته أن يزور صاحبتها في طريقه إلي حلقات درسه بمسجد الفسطاط, وفي طريق عودته إلي داره.. ولما ثارت الضغينة ضد الشافعي وقام أتباع الإمام مالك يطالبون الحاكم بإخراجه من مصر وإلا كانت فتنة عمياء, وللأسف استجاب الحاكم لطلبهم فأنذر الشافعي بالخروج من البلاد بعد ثلاثة أيام, ووقفت السيدة نفيسة إلي جانبه وأصرت علي بقائه, وهنا تدخلت الأقدار حيث لم تمض هذه الأيام الثلاثة حتي مات الحاكم وبقي الشافعي إماما للبلاد.. وتساءل الجمع فيما إذا كانت هذه إحدي كرامات السيدة؟ أم أنها كانت كرامة للإمام؟!.. وهو الذي كان إذا ما أصابه مرض يمنعه عن زيارتها يرسل رسولا من تلاميذه فيقرؤها سلامه قائلا: إن ابن عمك الشافعي مريض ويسألك الدعاء فتقول: عليه بالسبع المنجيات من آيات الذكر الحكيم, وترفع وجهها للسماء تدعو له فلا يعود رسوله إلا وقد عفي الإمام.. ولما مرض مرضه الأخير أرسل لها كعادته يلتمس الدعاء, فقالت لرسوله: متعه الله بالنظر إلي وجهه الكريم.. فعلم الإمام الشافعي بدنو أجله ليوصي بأن تصلي عليه السيدة نفيسة, ولما توفي في عام204 ه مروا بجنازته علي بيتها فصلت عليه مأمومة بأبي يعقوب البويطي أحد أصحاب الإمام..
ويزدحم بيت نفيسة العلم والدين بوفود الزائرين يرجون دعاءها ويبتغون كراماتها, ويبلغ مسامع ابن الحكم أمير مصر رغبتها في الرحيل للمدينة, فيركب إليها يسألها البقاء فتقول: إني امرأة ضعيفة وقد شغلني الناس عن أذكاري وعبادة ربي, كما أن المكان قد ضاق بالجموع الكثيفة, فيهبها دارا واسعة علي أن تخصص يومي السبت والأربعاء للجموع وتتفرغ بقية الأسبوع للعبادة, وتقبل السيدة التي يحبب لها البقاء في مصر بعد أن رأت في المنام رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول لها: لا ترحلي عن مصر فإن الله متوفيك فيها.. و..تحفر الطاهرة قبرها في حجرتها لتصلي فيه وتنام فيه وتختم القرآن فيه مائة وتسعين ختمة.. وتأتي ساعتها لتستفتح بقراءة سورة الأنعام وتظل تقرأ فيها إلي أن تصل إلي قوله تعالي قل الله كتب علي نفسه الرحمة فيغشي عليها لتفيق لتتشهد بشهادة الحق قبل الغفوة الأخيرة, وكانت قد أوصت بأن يضمها قبرها الذي حفرته بيديها بعد وفاتها.. ويأتي زوجها اسحاق المؤتمن من علي سفر عازما علي العودة بالجثمان الطاهر لدفنه في البقيع إلي جوار أمها الزهراء وأبيها الحسن, فيحول المصريون بينه وبين ما يريد, بل حملوا له الأموال حمل بعير فأبي إلا نقلها, فتشفعوا إليه بالحاكم فلم يقبل شفاعته, وبات الناس حول قبرها حتي الصباح أفواجا ملتاعة تبتهل ألا يريهم الله ساعة فراقها مرتين, وقضي الله أن تظل السيدة نفيسة بركة مصر والمصريين, فقد رأي الزوج رسول الله صلي الله عليه وسلم في منامه قائلا له: دع نفيسة بنت الحسن للمصريين.. وكان يوم دفنها مشهودا ليظل مسجدها علي مدي تاريخه يحظي باهتمام العلماء والأمراء والحكام الذين تعاقبوا علي مصر, فمنهم من جدد المقام, ومن وسع المسجد, ولم يكن كافور الإخشيدي إلا زائرا مستديما لمقامها يهرع لقبرها يسأل الله قضاء حوائجه ويفي بالنذر, ومعروف عن خديو مصر عباس حلمي الثاني أنه من مريدي السيدة نفيسة وهو الذي قام بتجديد مسجدها, ولأن الشافعي كان قد أوصي بأن تصلي عليه بعد وفاته كتبوا فوق مقامها الطاهر قول الإمام: يا أهل بيت رسول الله حبكموا فرض من الله في القرآن أنزله.. يكفيكمو من عظيم القدر أنكمو من لم يصل عليكم لا صلاة له.. الكل جاء لنفيسة المصريين يدعو ويبتهل ويتشفع بها.. رب الدار وفقير الدار.. العالمة المعلمة هدية رسول الله لمصر.. من وجدتها في سيرتها قد أدت فريضة الحج ثلاثين مرة سيرا علي الأقدام.. من طرحوا قناعها علي صفحة النيل عندما غاض فزاد وفاض.. من كان لها أعظم الكرامات فمتي يدعو الداعي في رحابها الطاهر يستجيب الله له فيفرج عنه ضيقه ويقضي حاجته.. السيدة نفيسة.. ساعة أن يذكر اسمها.. هي بالذات.. تتبدل الشفاه العابسة والجباه المنعقدة والقول الجارح والسأم الفاضح.. ما أن تهتف باسمها حتي تتجه الأنظار إلي الاسم وكأنه كائن نوراني له كيان وحده, خلق من أوراق الورد وسقي بماء الكوثر.. السيدة نفيسة.. ساعة أن يذكر اسمها.. ينتفي الإعراض ويتفجر القبول علي جميع المستويات وفي كل الجهات, وتعكس محبتها واليقين من كراماتها إحدي العقائد المصرية الراسخة في النفوس حتي ظلت ملامح الثقة البالغة والاطمئنان الزائد علي الحد بادية علي وجه الابن في مشوار عودتنا من زيارة ضريحها رغم الزحام والاختناق وخطورة الأجواء من أفعال مدعي الدين المخربين الإرهابيين في يوم الجمع بعد الصلاة, فقد ظل ينظر ناحيتي مبتسما من توتري قائلا: اللي جابتنا ترجعنا..
تاج العلاء
لأنهما قمتان عشنا في ظلهما زمنا قال عبدالوهاب عن أم كلثوم: ثومة قدرتها تفرض عليك سماعها.. أم كلثوم ربما تصبح كلاسيكية بعد مائة سنة, لكنك تظل تسمعها تماما كما تشاهد لوحة رائعة, قد لا تكون في بيتك, لكنك عندما تراها لابد وأن تتسمر أمامها.. أم كلثوم الصوت. النبرات. اللفظ. الثقة. الزعامة. الرنين. الصفاء. المسافات. الخبرة. الوطنية.. أم كلثوم عاصمة الأصوات.. و..فاكر لما كنت جنبي.. وما أنا بالمصدق فيك قولا.. وهذه الدنيا كتاب أنت فيه الفكر.. ويارب كثير اللقاء كان قليلا.. يارب هل يرضيك هذا الظمأ.. يارب يد تمتد نحوي كيد من خلال الموج مدت لغريق.. إن مجدي في الأوليات عريق من له مثل أولياتي ومجدي؟.. أنا أم التشريع قد أخذ الرومان عني الأصول في كل حد.. ورصدت النجوم منذ أضاءت في سماء الدجي فأحكمت رصدي.. أي شعب أحق مني بعيش وارف الظل أخضر اللون رغدي.. قد وعدت العلا بكل أبي من رجالي فانجزوا اليوم وعدي.. ما رماني رام وراح سليما من قديم عناية الله جندي.. أنا الشعب أنا الشعب.. قم إنا أعددنا العدة وارسم أنت طريق العودة وتقدم يتبعك الشعب.. ابق فأنت حبيب الشعب.. انت الخير.. وأنت النور. أنت الصبر علي المقدور.. أنت الناصر والمنصور..
مستلزمات قصر الرئاسة
عندما يأتي المساء ببرودته الثلجية في باريس كريستيان ديور وإيف سان لوران ونهر السين وبرج إيفل والكوت دازور وموناليزا اللوفر والمولان روج, ورقصة الكان كان, ولوحات مونيه ومانيه وتولوز لوتريك, وذكريات مسرح سارة برنار, وروايات كوليت, وبارفان كوكو شانيل, وحدائق التويليري, ومرحبا أيها الحزن لفرانسواز ساجان, وعشق سارتر لسيمون دي بوفوار, وسجن الباستيل, وفيكتور هوجو, وجان فالجان, وجاذبية إيف مونتان, ومقاهي مون مارتر والشانزليزيه ومطعم مكسيم... عندما يهبط مؤشر الحرارة ترتجف دماء الحي اللاتيني في عروق فرانسوا هولاند الرئيس الفرنسي الحالي لتدفعه للبحث عن الدفء خارج صقيع قصر الإليزيه, كما دفعت من قبله كل رؤساء فرنسا السابقين: فاليري جيسكار ديستان, وجاك شيراك, وفرانسوا ميتران الذي اعترف بأنه أب للحسناء الصغيرة مزارين التي ولدت من علاقة أقامها خارج إطار الزواج, وكان نيكولا ساركوزي أول رئيس فرنسي تطلق وتزوج خلال ولايته الرئاسية من عارضة الأزياء والمغنية كارلا بروني.... يتسلل هولاند ابن الستين في عتمة الشبورة الثلجية إلي جراج قريب من القصر وقد ارتدي متنكرا الملابس الكاجوال مخفيا رأسه تحت خوذة ضخمة ليركب دراجة بخارية خلف قائدها الذي يرتدي ملابس مماثلة, وبعد عدة بنايات قريبة تتوقف الدراجة في الدائرة الثامنة من باريس ليترجل هولاند وحده علي الرصيف ليمرق داخل جراج إحدي العمارات تجاه الأسانسير الشاغر الذي يصعد به إلي شقة في الطابق الرابع استأجرتها ممثلة شقراء في الثلاثينيات ذات ميول يسارية من نجمات الدرجة الثانية تدعي جولي جاييه كانت قد ساندته في حملته الرئاسية, وقامت ببطولة فيلم فكاهي عنوانه أرواح من ورق قام هولاند بحضور جانب من تصويره.. وقد جرت العادة علي وصول جولي أولا ومن بعدها يأتي صديق موثوق به لدي هولاند لاستكشاف مدخل العمارة وجميع المارة فوق الرصيف ليعطي بعدها الإشارة بأن كل شيء تمام وأن الدار أمان والفرصة مفتوحة متاحة للترحيب بالطائر المغرد ليغرد داخل العش الدافئ.. و..يصدح الصباح بموسيقي الصباح وتصل إلي أنف السيد الرئيس رائحة النسكافيه فيتمطي فوق ريش النعام ليغمس مع جولي فطائر الكرواسون التي حملها المرافق إليهما في السائل الذهبي مع جرعات من الحب الفرنسي الساخن, وبعد ساعة في الأخذ والرد والعهود وأنت أكثر لأ أنا أكثر يهبط المون شير من عند البونبون مرتديا الخوذة إياها حيث يكون قائد الدراجة حاضرا تبعا للتوقيت ليصحبه إلي جراج قريب, وهناك يستقل سيارة من قبيل التمويه تعود به إلي الإليزيه الذي لا يبعد إلا دقائق معدودات.. و..ظل العاشقان غارقين في غيهما حتي أتي هادم اللذات ومفرق الجماعات علي شكل رئيسة تحرير مجلة كلوزر وتدعي لورانس بيو لتكشف المستور في عدد خاص مدجج بالصور الصارخة بالحقيقة التي كانت بمثابة الصدمة البالغة لصديقته فاليري تريرفيلر الصحفية بمجلة باري ماتش التي كانت اعتمادا علي الدعم العاطفي القوي علي مدي عامين من حبيب القلب هولاند قد انتقلت للإقامة بصفة دائمة في الجناح المخصص للسيدة الأولي في القصر الرئاسي, ومن شدة التأثر وألم اللطمة أصابها هبوط مفاجئ استدعي نقلها علي الفور بعربة الإسعاف للمستشفي لتظل في غرفة العناية المركزة تحت مراقبة الأطباء مما تسبب في إحراج شديد للسيد الرئيس, الذي يعيش الآن في حالة من الارتباك الشديد لم يصل معها إلي قرار رئاسي قاطع حول أي من النساء سوف تصحبه في زيارته الرسمية القادمة للبيت الأبيض, ومن المعروف أن فاليري كانت قد سرقت هولاند من سيجولين روايال والدة أبنائه الأربعة التي انفصلت عنه بعد ربع قرن بسبب علاقاته مع فاليري!!
فضيحة هولاند لا تعتمد داخل بلاده علي أنه زير نساء, فالمسألة فيما يبدو قد أصبحت من مستلزمات الرئاسة الفرنسية, وإنما لأن الرئيس الفرنسي لا يربط حزام خوذته وهو علي متن الدراجة النارية, الأمر الذي يشكل مخالفة لإرشادات السلامة المرورية في فرنسا!!.. هذا إلي جانب أن السيد رئيس الجمهورية يعرض نفسه للخروج إلي الطريق في ساعة متأخرة من الليل فوق دراجة غير آمنة في رفقة حارس واحد فقط, وحتي هذا الحارس الوحيد ينصرف تاركا السيد الرئيس في شقة صديقته دون حماية من الأجهزة الرئاسية حتي الصباح.. وأن رئيس الجمهورية الفرنسية المفروض فيه أن يكون مثالا لأناقة الرجال علي مستوي العالم لم يغير حذاءه الأسود أو يلمعه سواء في لقاءاته الأخيرة مع رئيس وزرائه أو مع زعماء عدة دول أجنبية لتزايد مرات ركوبه الدراجة البخارية مع أعياد رأس السنة!!
قصر الحمراء
ليس كمثله قصر في التاريخ.. قصر الحمراء بمدينة غرناطة جنوب إسبانيا الذي شيده أمراء الحضارة العربية في الأندلس وكتب عنه ابن خلدون في مقدمته لم يكن قصرا فحسب بل معرضا خلابا لما وصلت إليه الحضارة الأندلسية في ازدهار, ويحيط به سور تعلوه شرفات للحراسة, وتلقاك بداخله جنة العريف, وهي حديقة كأنها اقتطعت من الفردوس بنافوراتها ومياهها المتدفقة وأشجار البرتقال والرياحين بها, ومن ورائها القصر الفخم وقد فرشت أرضه بالرخام, وازدانت حيطان قاعاته وردهاته وغرفه بالآيات القرآنية والأشعار وآلاف الزخارف, وتلقاك أسود من المرمر الشفاف في قاعة حاملة حوضا من الماء ينسكب من أفواهها, وأنه لسعيد من يستطيع زيارة الحمراء إذ سوف تستيقظ في روحه الأحلام المكبوتة وتحيا الآمال الضائعة.. قصر الحمراء تفوق علي جميع المتاحف قاطبة في إسبانيا بعدد زواره بما في ذلك متحف الملكة صوفيا, ومتحف البرادا والعالمي في مدريد, وكاتدرائية ساجردا فاميليا الأسطورية الشهيرة في برشلونة التي قام بتصميمها المهندس العبقري جاودي شمال شرقي إسبانيا, فقد بلغ العدد الكلي لزوار قصر الحمراء في العام الماضي2013 نحو ثلاثة ملايين و240 ألف زائر, وذكرت مديرة القصر ماريا ديلماربيا فرانكا أن حصيلة دخله من تذاكر الزوار قد بلغت27 مليون يورو, ويعملوها العرب ويغتنوا الإسبان.
وتعتمد إسبانيا اعتمادا رئيسيا في المجال السياحي علي قصر الحمراء, ومن هنا تظل عمليات ترميمه ورعايته قائمة طوال الوقت, إلي جانب الاهتمام البالغ بالدراسات الخاصة حوله هندسيا وتاريخيا وفنيا التي انتهت بمئات من درجات الدكتوراه للمبعوثين من العالم أجمع, وأحدث المؤتمرات التي أقيمت بداخله الشهر الماضي واشترك فيه العديد من المستشرقين الأجانب كانت حول رحلة ابن جبير الأندلسي المولود بمدينة ببلنسيه عام540 م وكان قد خرج من غرناطة عام578 راكبا البحر علي متن سفينة لبعض أهل جنوة قاصدا الإسكندرية ومنها للقاهرة التي وصف فيها القلعة والأهرام وأبوالهول ورسم مشهد الحسين في لوحة باهرة, وأطال في وصفه للمارستان بالقاهرة وما به من خزائن الأدوية والأسرة كاملة الكسوة وبعدها إلي قوص بصعيد مصر, ومنها إلي عيذاب حيث عبر البحر الأحمر إلي جدة قاصدا بعدها مكة, ثم متجها إلي الكوفة فالموصل لينزل بعدها إلي بر الشام وحلب التي تروعه مبانيها وقلعتها وجامعها والمدرسة الملحقة بها, وكأنها في الحسن روضة تجاور أخري, ويصل ابن جبير إلي دمشق جنة المشرق وعروس المدن, وتبهره بساتينها المحدقة بها إحداق الهالة بالقمر, وما يمتد بشرقها من غوطتها الخضراء بحللها السندسية البديعة ويقول وهو الذي لم يقرأ غدها الأليم وما سوف يجري علي أرضها من محن وخراب في القرن الحادي والعشرين في زمن الأسدين أنها جنة الله في الأرض يعيش فوقها أهلها سلام سلام حتي مطلع الفجر, وإن كانت دمشق في السماء فهي تقابلها وتحاذيها ويطيل ابن جبير في وصف المسجد الأموي العظيم وما به من قباب ونقوش وسقوف من الفسيفساء البديعة ومقاصير وغرائب التصاوير!.. ومن الشام يركب الرحالة الأندلسي البحر المتوسط من عكا عائدا إلي وطنه بعد أن قص كل ما شاهده في مذكرات يومية كتبها في أوراق منفصلة جمعها تلاميذه بعد وفاته في كتاب بعنوان تذكرة بالأفكار عن اتفاقات الأسفار ليعيد المستشرقون نشرها في العصر الحديث باسم رحلة ابن جبير وكان قد قام برحلة ثانية لأداء فريضة الحج عام614 بعد وفاة زوجته عاتكة بنت الوقشي وزير أمير جيان التي حزن عليها كثيرا فمكث بمكة بعد الحج فترة يقرأ القرآن علي روحها ليرتحل بعدها إلي الاسكندرية لتدركه فيها المنية في السنة نفسها, ويغلب أن يكون مسجد سيدي جابر بها مسجده, وأن تكون العامة قد حرفت اسمه علي مر الزمان!
طاحونة الكلام
عندما يتحول أمامك المذيع الجماهيري المتألق المتأجج ملك القيادة في دهاليز الحوار, المتمكن من براعة غلق المواضيع وفتحها وتوزيع أدوارها علي السادة الضيوف.. عندما تراه وقد داس عليه الدهر فجأة بكلكله فتحول في لحظات جسام إلي مخلوق متداع غلبان لا حول له ولا قوة, وقد زاغت عيناه, واصفر وجهه, وكان زي الوردة المفتحة, واحول إنسان عينيه, وفتح ببلاهة فمه, وأشرفت تفاحة آدم بعد توترها الملحوظ علي سطح مقدمة رقبته أن تقفز تاركة مجراها بعد طول زهقها من كتم أنفاس الغيظ.. فاعلم.. ولابد أنك تكون قد لاحظت وبلغ من علمك أن صاحبتنا أستاذة جميع العصور والعهود قد هبطت بحكم وضعها الوظيفي السيادي بالباراشوت علي برنامجه الجماهيري لتحوله بقدرة قادر إلي برنامج مقصي مخصي, وذلك عندما أخذت تدلي برأيها المتحوصل المتقعر الهميوني في جميع الأمور الجارية: الانتخابية والدستورية والرئاسية والاقتصادية والشبابية والسياسية والوطنية والدفاعية والعسكرية والقومية والنسائية والثقافية الخ..الخ... ويخرب بيت كده وكان المذيع قد استضافها طوعا أو قهرا وما كاد أن يفتح فمه استهلالا بالسؤال حتي أخذت كالقذيفة تتكلم وتتكلم.. وتتكلم وتتكلم.. وتتكلم وتتكلم.. وتتكلم وتتكلم.. وتتكلم وتتكلم.. وتغير بكامل إرادتك القناة وتعود بعد ساعة ساعتين للاطلالة علي مذيعنا من باب التشفي وتستاهل ما جري لك فنجده لم يزل فاغرا فاه ومستشارتنا لم تزل راكبة علي أنفاس الكلام.. و..والله في نفس الليلة الكبيرة التي كنا فيها نبغي الاستمتاع بأفراح الاستفتاء وجدناها علي جميع القنوات تتكلم وتتكلم.. وتتكلم وتتكلم.. مستأثرة وحدها بنواصي الكلام.. ونداء خالصا لوجه الله: شوفوا لنا سدادة الله يعمر بيتكم!
لمزيد من مقالات سناء البيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.