أكد استاذ دكتور محمد الهواري أستاذ علم مقارنة الأديان بكلية الآداب جامعة عين شمس أن تاريخ اليهود في منطقة الشرق الأوسط لا يمكن كتابته وعرضه بدقة إلا عن طريق وثائق الجنيزا ، جاء ذلك في الندوة التي نظمها قسم اللغات السامية بكلية الألسن تحت عنوان " الوثائق اليهودية - العربية " و أضاف أن معظم الدراسات والأبحاث في هذا المجال قد تصل في بعض الأحيان إلى نتائج متضاربة . تساعد وثائق الجنيزا في القضاء على هذا التضارب بوصفها وثائق مدون بها كثير من الأمور الدينية والتاريخية اليهودية والتي لا يجوز إهمالها أو إبادتها وفقًا للعقيدة اليهودية ولاسيما إذا ما ورد بها اسم الله ولذلك تم تخرينها وكنزها في حجرات داخل الكنيس اليهودي ، وحجرات الجنيزا موجودة في مصر في معبد بن عزرا بالفسطاط والتي تعتبر مجمع للأديان لوجود الكنيسة المعلقة والمتحف القبطي إلى جانب مسجد عمرو بن العاص ومعبد بني عزرا الذي كان في البداية كنيسة ثم تم تحويله إلى معبد يهودي في عهد أحمد بن طولون .
وأشار إلى أن الجنيزا في بلدان الشرق الأوسط كتبت باللغة العربية ولكن بخط عبري وذلك لاتقان اليهود للعربية بحكم معيشتهم في البلدان العربية آنذاك وأهم أنواعها هي الجنيزا القاهرية رغم وجود وثائق أخرى في بلدان عربية مثل سوريا وليبيا إلا أن الجنيزا القاهرية تعد الأهم لأن الجو في مصر ساهم في الحفاظ على سلامة هذه الأوراق كما أن مصر كانت تعد مركز كبير لوجود اليهود، ورغم ذلك فإن نسبة كبيرة من الجنيزا القاهرية ليست موجودة في مصر حيث تم اخراجها على يد باحثين أجانب في القرن التاسع عشر والنصيب الأكبر منها موجود في مكتبة جامعة كامبريدج البريطانية.
ومن النادر أن نجد مخطوطات الجنيزا تخلو من شواهد من العهد القديم أو التلمود مما يشكل صعوبة على غير المتخصصين في الدراسات العبرية في فهمها إلا أنها لا تقتصر على الموضوعات الدينية والتاريخية بل نجد بعض المخطوطات الملقاة في حجرات الجنيزا تتناول موضوعات تهاجم الديانة اليهودية.
وأشار دكتور الهواري إلى أنه من واقع عمله في دراسة تلك الوثائق أن عدداً كبيراً من الوثائق الطبية اليهودية تم نقله حرفيًا من كتب الطب العربية مثل كتب الرازي وابن سينا إلا أنه لا يوجد دليل يثبت أن ذلك النقل تم بغرض السرقة .
وفي ختام الندوة أكد دكتور الهواري أن كتابة هذه الوثائق تمت منذ القرن التاسع وحتى بدايات القرن العشرين ولكن الأكثر أهمية والأعلى في القيمة التاريخية هي التي تمت كتابتها منذ القرن العاشر وحتى الثالث عشر أي قبل اختراع الطباعة.