برغم المناداة والمطالب بضرورة تطوير وتحديث السياسة التعليمية في المدارس بما تضمه من مناهج وغيرها الا ان النصف الاول من العام الماضي شهد فيه قطاع التربية والتعليم تدهورا خطيرا لم يشهده في تاريخه ومن سوء حظ المتعلمين والمعلمين وكل أطراف العملية التعليمية أن كل تركيز الإخوان كان منصبا علي تغيير معالم التعليم وتضمينه أمور ومناهج ومقررات ومفاهيم هدفها الأساسي التأسيس لحكم تلك الجماعة وتربية النشء المصري حسب مفاهيمها وليس حسب ما ينبغي ان تكون التربية والتنشئة السليمة. وبالفعل لجأوا الي تغيير معالم المناهج المقررة, خاصة في التاريخ والتربية الوطنية والدينية وأوقفوا طباعة كتب ليستبدلوها بالتي في خاطرهم وأجنداتهم الخاصة كجماعة لا يهمها بحال من الأحوال مستقبل الأمة بقدر مستقبل أعضائها. ولكي يضمنوا تنفيذ مخططهم الخبيث كان لابد لهم من استبعاد كل القيادات الموجودة وإحلال قيادات جديدة تدين لهم بالولاء. لذلك فإن النصف الاول من عام2013 يعد العام الأكثر تغييرا في قيادات التعليم, سواء علي مستوي الديوان العام للوزارة او قطاع التعليم العام والفني حيث وضع المناهج والإشراف علي مستشاري المواد وإعداد الخطط للتعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي والإدارات المركزية للخدمات التربوية المسئولة عن الأنشطة التربوية التي يمارسها التلاميذ في المدارس. رأي الإخوان ان ضمان قيادة تلك المواقع من شأنه السيطرة علي مفاصل الوزارة وضمان عدم التشهير بخطط الجماعة في أخونةالتعليم وكما فعلت الجماعة ومندوبها في الوزارة بقيادات الديوان العام فعلت نفس الامر علي مستوي المديريات والإدارات التعليمية حيث التوجيه الفني وموجهي المواد المسئولين عن متابعة ما يحدث داخل المدارس والسيطرة التامة علي المعلمين وهو ما نجحوا فيه باقتدار حيث إن الناس في التربية والتعليم كما هو معلوم للجميع علي دين قياداتهم وبمجرد أن يكون مدير المديرية ووكيلها وموجهوها الأوائل من الإخوان كان من السهل أن تنتشر الذقون حتي لو أن معظم من يربون لحاهم لا يعرفون عن الإخوان إلا ترك اللحية!!!!! أما إذا كان مدير المدرسة من المنتمين للجماعة فإن كل مدرسيها سوف ينفذون تلقائيا مبدأ السمع والطاعة طمعا في خطف فصل إضافي أو إسناد مهمة كنترولات المدرسة إليهم أو الفوز بمجموعة تقوية يدرسها المعلم في الفصل في أثناء اليوم الدراسي العادي. أما تسكين الإخوانجية في كنترولات الشهادات المركزية فكان هدفهم السيطرة علي مجري امتحانات الثانوية العامة وفتح الباب علي مصراعيه لدخول طوفان من المعلمين الذين حرموا من العمل بالكنترولات لعدم وجود أي خبرة تؤهلهم للعمل في تلك الأماكن. فعل الإخوان كل ذلك في أقل من ستة أشهر عقب توليها الوزارة مباشرة ونجحوا في تغيير معالم التعليم تماما وظهرت الكتب الجديدة التي حرموا المطابع المشهورة من طباعتها وأسندوها إلي مطابع الإخوانجية لضمان عدم تسريب محتوي الكتب الجديدة قبل وصولها للمدارس, واتضح حجم الضلال والتضليل الذي مارسته الجماعة فأصبحنا لأول مرة نقرأ عن حسن البنا ودوره في التاريخ المصري في مناهج التاريخ كما نقرأ عن فكر الجماعة ومبادئها في دروس الفلسفة ونطلع علي الأفكار الدينية التي لا علاقة للمسلمين بها إلا من خلال فكر الجماعة فقط. ولكن بعد أن انزاحت الغمة وغارت الجماعة بلا رجعة واختفي اتباعها انعكس الوضع تماما وبعد أن كان قطاع التعليم الأسوأ حظا طوال فترة حكم المرشد كان القطاع نفسه هو الأكثر حظا في إزالة آثار الإخوان. كان من حسن الحظ تولي الدكتور محمود ابو النصر زمام الأمور في التربية والتعليم وهو نفسه الشخص الذي كان أول من فكرت الجماعة بالإطاحة به من موقعه كوكيل أول الوزارة رئيس قطاع التعليم والذي عاني الأمرين علي أيدي الجماعة وزبانيها. كان أبو النصر الأنسب للوزارة في فترة مابعد ثورة الشعب المصري ضد حكم المرشد فهو يعلم كل صغيرة وكبيرة ويحفظ عن ظهر قلب كل من يعمل بالتعليم ويعلم تماما حجم الخسائر وفداحة الأفعال الإخوانية, لذلك كان من اليسير عليه البدء فورا في إزالة آثار الإخوان فقام بتغيير القيادات الإخوانية وجاء بآخرين في قيادة الديوان العام وقطاعات التعليم العام والفني والكتب بل وغير مستشاري المواد الذين تآمروا علي الطلاب مع جماعة المرشد ونفذوا رغباتهم فيها وعدلوا المناهج وتغاضواعن المغالطات العلمية والتاريخية من أجل تحقيق الهدف الإخواني وحاول ومازال استبدال مديري المراحل والأقسام في المديريات والإدارات التعليمية واستبعاد مديري المدارس الذين استعان بهم الإخوان. وقام الوزير بجولات مكوكية مفاجئة في مدارس جميع المحافظات في بعض الأحيان لمتابعة سير العملية التعليمية وانتظامها والوقوف علي السلبيات والإيجابيات ومناقشة الطلاب والمعلمين في مشكلاتهم وحلها وتوزيع أجهزة التابلت علي طلاب المحافظات الحدودية للصف الأول الثانوي العام والفني وهو المشروع الذي سيعمم علي كل طلاب المدارس تدريجيا. كما قام بتشكيل لجنة لحصر مدارس الإخوان التي بلغ عددها147 مدرسة وتم استبعاد85 مدرسة منها نظرا لأن أصحابها ليسوا من الإخوان, وكذلك لمتابعة هذه المدارس والمناهج وسير العملية التعليمية بها تمهيدا للتحفظ عليها في حالة وجود مخالفات بها. وقرر الوزير استمرار الشهادة الإبتدائية كما هي وألغي تحويلها لسنة نقل عادية وهو القرار الكارثي الذي اتخذه الإخوان وإن لم يصدر رسميا إلا أن تطبيقه كان سيؤدي إلي التسرب من التعليم. وألغي الوزير قرارمرور الخمس سنوات كشرط لاشتراك المعلمين في أعمال امتحانات الثانوية العامة والذي طبق العام الماضي وأفرغ الكنترولات من الخبرات اللازمة وكادت تحث كارثة, إلا أن الثانوية العامة كانت تقريبا بمثابة سنة واحدة نظرا لزيادة أعداد طلاب المرحلة الثانية وقلة أعداد المرحلة الأولي وهم الطلبة الباقون للإعادة بنسبة لا تذكر مما سهل الأمور.