مشاكل الكلام وأمراضه التي قد تصيب الطفل من الأمور التي تؤرق أي أم, لأنها يمكن أن تؤثر علي شخصيته وتهدد مستقبله, هذا القلق قد يزيد المشكلة تعقيدا أو يؤخر علاجها, فمعظم هذه المشاكل لها حل ولكن المهم معرفة الأسباب والبدء بالعلاج.. والصبر علي انتظار النتائج. د.ياسر أحمد نصر مدرس الأمراض النفسية بكلية الطب جامعة القاهرة يوضح الأسباب وطرق العلاج فيقول إن تأخر الطفل في الكلام وقلة عدد الكلمات التي ينطق بها يعد من أهم أمراض الكلام عند الأطفال, كما أن احتباس الكلام أوعدم القدرة عليه, أو الكلام الطفولي, وعيوب طلاقة اللسان والتعبير( مثل اللجلجة والتهتهه والسرعة الزائدة في الكلام وما يصاحبها من إضغام وخلط وحذف للحروف وللكلمات), وعيوب النطق والكلام مثل الخنف كنتيجة لتشوه خلقي في سقف الحلق, وفقدان القدرة علي الكلام نتيجة الخوف من بعض المواقف الصعبة. وقد يصاحب هذه المشاكل أيضا أعراض حركية مثل تحريك الكتفين أو اليدين أو الضغط بالقدمين علي الأرض وارتعاش رموش العينين والجفون, كما قد يصاحبها أعراض نفسية مثل القلق وعدم الثقة في النفس والخجل والانطواء... وكل هذه الأعراض تمهد لظهور صعوبات في الكلام والنطق, بعضها عضوي وبعضها الآخر نفسي, ومنها مايرجع إلي الوراثة أو إلي التقليد والبيئة. وتتمثل الأسباب العضوية في اضطراب الأعصاب المتحكمة في الكلام, إصابة المراكز الكلامية في المخ بتلف أو نزيف أو ورم, اختلال الجهاز العصبي المركزي المتحكم في عملية الكلام, وأيضا هناك عيوب بالجهاز الكلامي كالأسنان والشفتين والفكين, وكذلك عيوب الجهاز السمعي فهي تجعل الطفل عاجزا عن التقاط الأصوات الصحيحة للكلمات مما يؤثر بالتالي علي طريقة نطقها فيما بعد. أما الأسباب النفسية فهي من أكثر العوامل التي تسبب مشكلات الكلام وتتركز في التوتر النفسي المصاحب للقلق وعدم الشعور بالأمان والخوف المكبوت والصدمات الانفعالية, وأيضا الشعور بالنقص وعدم الكفاءة, ولا ننسي قلق الآباء علي قدرة الطفل علي الكلام والرعاية الزائدة أو التدليل الزائد مع المبالغة في حرمان الطفل من الحنان والجوع العاطفي فهي أمو تؤدي إلي النتيجة نفسها. والأسباب البيئية ترجع عيوب النطق فيها إلي تقليد الطفل للكلام المضطرب والنطق غير السليم من قبل الآباء والأمهات وهو ما قد يؤدي إلي ظهور تلك المشكلة, وأيضا تأخر نمو الطفل بصفة عامة أو ضعفه عقليا, أو تعدد اللغات التي يتعلمها في وقت واحد, والكسل والاعتماد الزائد علي الآخرين, والمشاكل العائلية, والتغير المفاجئ في بيئة الطفل كولادة أخ له أو الالتحاق برياض الأطفال. و يوضح د.ياسر أن التلعثم( اللجلجة) يعد من العيوب الكلامية الشائعة عند الأطفال والكبار علي السواء, وأسبابه معقدة, ولكن يعد الشعور بالقلق النفسي من أكثر العوامل التي تؤدي إلي ظهور هذا العيب, فالطفل القلق نفسيا يكون متوترا في المواقف المختلفة ولذلك قد يتلعثم ويتلكأ في إخراج الكلام بالصورة التامة المطلوبة, وذلك كنتيجة لشدة تخوفه من المواقف التي يخشي مواجهتها. أما التكلم بأسلوب غير ناضج ففيه قد يستمر الطفل في التكلم بأسلوب طفولي كنوع من المحاكاة في تقليد أخيه أو أمه, وكذلك قد تحدث هذه الظاهرة عندما يفقد الطفل أسنان الفك قبل ظهور الأسنان الدائمة, وهذا العيب من أكثر العيوب انتشارا في أطفال ما قبل المدرسة, أما غالبية الحالات التي تعاني من( اللثغ) فترجع إلي أن الكبار ينطقون الكلمات أمام أطفالهم بصورة غير سليمة علي سبيل المداعبة, فيواصل الطفل الكلام بهذه الطريقة الطفولية معتقدا أنه سيلقي استحسانا من الآخرين لأنه خفيف الظل. وعندما يتعرض الأطفال الذين يظهر لديهم هذا العيب إلي قدر كبير من السخرية فإن من يعانون منه لأسباب غير عضوية يتغلبون عليه مبكرا قبل دخول المدرسة, أما اللثغ المستمر وعدم المقدرة علي نطق حروف الكلمات بصورة صحيحة فقد يكون نتيجة للإصابة بصمم جزئي أو خلقي, إذا حدث ذلك فإن الطفل يصبح في حاجة للعلاج. أما إذا عجز الطفل عن النطق بأول كلمة في الجملة فيسمي هذا ب العي ويرجع السبب فيه إلي توتر العضلات الصوتية وجمودها, ويبذل الطفل فيه مجهودا كبيرا حتي يتمكن من نطق أول كلمة في الجملة, لكنه بعد أن يتمكن من ذلك يندفع في كلامه كالسيل حتي تنتهي الجملة, ثم يعود إلي نفس الصعوبة عند بدء الجملة الثانية, وأغلب حالات العي سببها نفسي, وإن كان بعضها تصاحبه أمراض جسمية كاضطراب الجهاز التنفسي أو تضخم اللوزتين وغير ذلك, وتبدأ الحالة علي شكل لجلجة وحركات ارتعاشية متكررة تدل علي معاناة الطفل من اضطرابات انفعالية واضحة, ونجد هذا الطفل تظهر عليه المعاناة والضغط علي الشفتين وتحريك الكفين أو اليدين أو الضغط بالقدمين علي الأرض أو التحرك يمينا ويسارا أو القيام بحركات هستيرية في رموش وجفون العينين. كما نجد أيضا بعض الأطفال يعانون منمضغ الكلام وهذا يرجع إلي قلة نشاط الشفتين أو اللسان أو الفك لسبب أو لآخر, فقد يكون السبب عضويا كعدم نضج وتطور جهاز النطق أو شلل في أعضاء الصوت أو بعض العضلات خاصة عضلات اللسان, وهذا العيب قد يكون لأسباب انفعالية, حيث يندفع الطفل في نطق الكلمات بدون وضوح. أما المعاناه من عدم الترتيب والتشوش أي أن يكون كلام الطفل سريعا مشوشا وغير مرتب, فكثيرا ما يخلط بينه وبين التهتهة, ولكن الفرق بينهما أن هذا العيب يمكن التغلب عليه إذا انتبه الطفل لكلامه وكان يقظا لما يقول, أما التهتهة فإن الطفل تسوء حالته أكثر إذا اهتم بكلامه, ويوجد هذا العيب أساسا لدي الأطفال الذين تأخر تطورهم اللغوي. وعن طرق العلاج يشير د.ياسر إلي أنه ينبغي علي الأم أن تبحث عن السبب وراء اضطرابات النطق عند طفلها, وعليها أن تتحلي بالصبر والتخلي عن القلق, وأن تعرف أنه إذا تعجلت شفاءه فإن المرض قد يستمر طويلا أو قد يفشل العلاج, كما يجب عليها أن تتأكد من أن طفلها لا يعاني من أمراض عضوية, وذلك عن طريق فحص الطفل وتصحيح ما قد يوجد من خلل في الجهاز العصبي أو السمعي وجهاز الكلام, وكل النواحي العضوية التي تتصل بإخراج الصوت, وألا تهمل فحص الطفل نفسيا أو العلاج النفسي للكشف عن الصراعات الانفعالية وإعادة الاتزان الانفعالي والعاطفي له وتقليل شعوره بالخجل والارتباك والانسحاب, والتي تؤثر علي شخصيته وتزيد من أخطائه واضطراباته الكلامية, مع إحاطته بجو من الدفء العاطفي وتحقيق الأمان له بكافة الوسائل, مع استخدام طرق العلاج الجماعي والعلاج باللعب وتشجيع النشاط الجسمي والعقلي لديه وأيضا علاج الطفل عن طريق الاسترخاء الكلامي والتمرينات الإيقاعية في الكلام والتدرج من الكلمات والمواقف السهلة إلي الصعبة, وتدريب اللسان والشفتين والحلق وذلك لتقوية عضلات الجهاز الكلامي وتمرينات التنفس, ولتدريب الطفل المريض بصفة عامة علي تقوية عضلات النطق والجهاز الكلامي لديه بطريقة صحيحه.