مع دخول الرئيس المعزول محمد مرسي ساحة المحاكمة, في قضية الاتهام بالتخابر مع دولة أجنبية, تطرح التساؤلات نفسها, عن مدي أهمية هذه المحاكمة وأثرها علي المشهد المصري والأجنبي لارتباطها بجريمة التخابر, التي قد ترقي الي درجة الخيانة العظمي وإمكانية سقوط الدعوي الجنائية, وعما إذا كانت الإدانة ستؤدي الي توقيع الحد الأدني أو الأقصي للعقوبة علي المتهم, وقابلية القضية لسرية الجلسات أو علانيتها وامكانية طلب أدلة اثبات اضافية خلافا للتسجيلات الصوتية أو المصورة, كان لالأهرام هذا الحوار مع المستشار أمرالله عياد رئيس بمحكمة استئناف طنطا.. كيف تنظر الي هذه المحاكمة وما هي طبيعتها من وجهة نظرك؟ أري أنها إحدي المحاكمات العادية, وان كانت الأهمية التي تكتسبها ترجع الي شخص المتهم, حيث كان يشغل منصب رئيس الجمهورية قبل عزله ولكن أي شخص مهما كان موقعه أو صفته مصريا أو أجنبيا يرتكب جريمة علي أرض مصر يتعين محاكمته وتوقيع العقوبة التي يقررها القانون عليه بشرط أن تتوافر له كل الضمانات والمحاكمة العادلة. ما مدي انطباق ما وقع من أحداث علي توجيه الاتهام بالتخابر؟ والعقوبة التي حددها القانون في هذا الشأن؟ الاتهام بالتخابر تحكمه المادة77 من قانون العقوبات, التي تنص علي أنه يعاقب بالإعدام كل من ارتكب عمدا فعلا يؤدي الي المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها, وهذا الأمر قد يرقي الي درجة الخيانة العظمي, في ضوء ما ترتب عليه من أحداث, وعموما فإن سلطة التحقيق طبقا لما توافر لديها من أقوال ودلائل, هي التي تكيف الدعوي وتنزل عليها الوصف القانوني السليم حسب الثابت من الأوراق, خاصة أدلة الثبوت. هل الفترة الزمنية التي مضت منذ حدوث التخابر حتي اليوم تسقط الاتهام؟ المقرر قانونا حسب نص المادة15 خمسة عشر من قانون الاجراءات الجنائية أن الدعوي الجنائية في مواد الجنايات تنقضي بمضي عشر سنوات اعتبارا من يوم وقوع الجريمة.. فإذا كان التخابر قد تكشف يوم28 يناير2011 وحتي الآن فإن المدة اللازمة لانقضاء الدعوي هي عشر سنوات ولم تنقض بعد علما بأن المدة المسقطة للدعوي الجنائية تنقطع باجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة الصحيحة وهذا الأمر هو الواقع حاليا في هذه القضية. شغل المتهم لمنصب رئيس الجمهورية بعد التخابر.. هل يعفيه من المسئولية والاتهام؟ بالطبع لا يعفيه لأن التهمة وقعت قبل شغل المنصب.. وهناك اجراءات معينة نص الدستور عليها في هذا الشأن ورسم طريق محاكمة رئيس الجمهورية. ما هو توقعك للعقوبة التي تقضي بها المحكمة في حالة إدانة المتهم بالتخابر بحدها الأدني والأقصي؟ العقوبة المنصوص عليها في المادة77 سبعة وسبعون عقوبات لم تضع خيارا للقاضي, إذ نصت علي عقوبة الإعدام فقط ولم تضع حدا أدني أو أقصي لعقوبة في هذه المادة الخاصة بقضية التخابر. المحاكمة في هذه القضية هل تتطلب السرية أم العلانية؟ ما رأيك؟ هذا يرجع الي هيئة محكمة الموضوع فهي التي تقدر السرية أو العلانية في هذه القضية, حسب ما تري من ظروف الدعوي والملابسات التي تحيط بها, وان كنت أري انه لا توجد محاكمة سرية لأي متهم فالعلانية مطلوبة حتي يطمأن أي منهم الي ان المحكمة توفر له جميع الضمانات وخاصة المحاكمة العادلة. ما الموقف القانوني للتسجيلات الصوتية التي تم الاتهام علي أساسها فهل يمكن الطعن عليها؟ نعم يمكن الطعن بالتزوير علي التسجيلات ولكن القاضي له أن يستند الي أي دليل في الأوراق غير التسجيلات, طالما أنه لم يبن حكمه عليها برغم أنها قرينة تساند أدلة الدعوي الأخري, وبطلان التسجيل علي فرض ثبوته لا يحول دون أخذ القاضي بجميع عناصر الإثبات الأخري المستقلة عن التسجيلات والمؤدية الي النتيجة التي أسفر عنها التسجيل. علي ضوء ما ذكرت هل تحتاج القضية الي شهود اثبات أخري؟ القاضي الجنائي له حرية تكوين اقتناعه من أي دليل له مأخذه من الأوراق.. وإذا كان لدي الادعاء شهود فسوف يتقدم بها للمحاكمة لتدعيم الاتهام. ما هي الفترة الزمنية التي يمكن أن تستغرقها المحاكمة؟ هذا يرجع الي المحكمة فقد تستغرق فترة وقد لا تستغرق طبقا للمواعيد التي تحددها هيئة المحكمة لجلسات نظر القضية والتي تتطلب أن تتوافر للمتهم جميع الضمانات التي تكفل له محاكمة عادلة وصحيحة والمسألة في النهاية تتوقف علي ضوء ظروف المحاكمة. تنحي المحكمة عن نظر هذه القضية هل يكون واردا علي ضوء ما حدث في قضايا أخري؟ نعم وارد جدا.. ولكني أعتقد أنه بعد تشكيل دوائر معينة لنظر جميع القضايا الجنائية التي وقعت بعد الثورة فإن فكر التنحي نسبتها ضئيلة إلا إذا جد جديد لأعضاء الدائرة يجعلهم جميعا أو أيا منهم يستشعر الحرج.. وإنني أري أن استشعار الحرج عند بعض القضاة ظاهرة صحية ولا يسأل القاضي عن الحرج الذي استشعره فهو أمر داخلي يجعل القاضي ينظر القضية وهو في حالة صفاء ذهني دون ثمة مؤثرات خارجية أو داخلية. كيف تواجه المحكمة محاولات تعطيل عملها أو الإخلال بنظام الجلسة أو امتناع المتهم عن الإجابة عن تساؤلات المحكمة؟ اذا كانت محاولات إعاقة المحكمة عن أداء عملها من المتهم أو أنصاره, أمرت المحكمة بإخراجهم من القاعة واستمرت في نظر القضية في وجود هيئة الدفاع, وفي حالة امتناعها عن الحضور انتدبت المحكمة محاميا, واذا امتنع المتهم عن الاجابة عن تساؤلات المحكمة, وكذلك عند رفضه تثبت ما حدث في محضر الجلسة مع ندب محام والاستمرار في نظر القضية حتي صدور الحكم. هل انعقاد المحكمة في مكان معين وعدم تغييره أمر يلزمه القانون؟ يمكن انعقاد جلسات المحاكمة في أي مكان وكذلك تغييره من موقع لآخر بناء علي قرار يصدره وزير العدل بتحديد مكان انعقاد المحكمة أو نقلها الي مكان آخر. ما هو الأثر لهذه المحاكمة داخل مصر وخارجها في رأيك؟ سيكون لهذه المحاكمة أثرها الايجابي الواضح في حياة المصريين جميعا وبين شعوب العالم كله وهذا الاثر يتمثل في إعلاء سيادة القانون وتطبيقه علي الجميع دون تفرقة أو تمييز بسبب المنصب أو غيره. كان للرئيس المعزول مواقف ضد السلطة القضائية.. ولذلك قد يلجأ الي رفض المحاكمة أو رد هيئتها استنادا الي ذلك؟ للمتهم الحق في رد المحكمة شريطة أن يستند الي الأسباب القانونية المنصوص عليها قانونا, وللمحكمة أن تقدر مدي جدية طلب الرد وأنه ليس لتعطيل عمل المحكمة أو إطالة فترة التقاضي, ومن المعلوم أنه منذ إنشاء النظام القضائي في مصر لم يقبل طلب أي رد للمحكمة, لان الهدف معروف بمحاولة استهلاك الوقت لحين تغيير هيئة المحكمة, ثم يتنازل المتهم عن طلب الرد للهروب من الغرامة المالية الكبيرة المقررة قانونا. قد يلجأ الرئيس المعزول لطلب شخصيات معينة من الداخل والخارج في محاولة لنفي جريمة التخابر.. فما هو الموقف القضائي في هذا؟ من حقه كمتهم الاستشهاد بمن يشاء ويثبت في محضر الجلسة ما يريد من طلبات, وتستقل المحكمة بتقدير مدي جدية الطلب وأن تقبله أو ترفضه, اذا تبين لها أن اجابة المتهم لطلباته غير مؤثرة في الدعوي أو في الحكم, بمعني أن الاجابة للطلب من عدمه إعمالا لمبدأ حرية القاضي الجنائي في تكوين عقيدته ويمكن للمحكمة الاستناد في حكمها الي عناصر إثبات أخري مستمدة من الأوراق. بماذا تفسر تصريحات المعزول من محبسه بعدم امكانية محاكمته بتهمة التخابر.. أو التدخل الأمريكي لمنعها؟ فيما يتعلق بعدم امكانية محاكمته فهذا شيء يدور في خلجات نفسه ومكنون أسراره التي لا يعلم أحد ولا يمكن التكهن بها وهو الذي يستطيع الاجابة علي ذلك.. وأما عن وقف المحاكمة أو الغائها فلا يستطيع أحد الضغط علي المحكمة داخليا أو خارجيا لتحقيق ذلك نظرا لاستقلال القضاء المصري الذي كفلته كل الدساتير السابقة والحالية وما يتمتع به من حرية وحيادية.