أيام قليلة معدودة علي أصابع اليدين تفصل الشعب المصري عن اللحاق بركب الديمقراطية والحرية, وكأن عام3102 أبي أن يرحل بأحزانه دون أن يترك أثرا طيبا وعملا كريما, كما يقول ماهر إبراهيم المحامي السكندري الذي يؤكد أن ما أشبه الليلة بالبارحة وكأن التاريخ يعيد نفسه فقد أنهت لجنة الخمسين عملها في وضع وتعديل دستور مصر3102 وبقي أيام قليلة للاستفتاء عليه وإقراره... وحكاية دستور3102 تشبه حكاية وضعدستور1923 وما أحاط به من ملابسات شبيهه بما يحدث الآن. فدستورنا الذي سوف يتم الاستفتاء عليه يأتي بعد ثورتين25 يناير و30 يونيو, واللجنة التي شكلت لوضعه مكونة من50 فردا من كافة طوائف الشعب, وقد تم تعديل الدستور تلبية لرغبة غالبية الشعب المصري. ويضيف ماهر أما بخصوص دستور23 فقد جاء نتيجة ثورة1919 الشعبية وعقب صدور تصريح28 فبراير1922 الذي اعترف بمصر دولة مستقلة ذات سيادة وكانت الحكومة قد شكلت لجنة الثلاثين من أهم الشخصيات المصرية المعروفة في ذلك الوقت لوضع الدستور و قد استبعد السلطان فؤاد من هذه اللجنة أهم الشخصيات من حزب الوفد, مما دعا زعيم الحزب سعد زغلول إلي إطلاق وصف لجنة الأشقياء عليها, وإن أصبح الوفد, بعد ذلك, أكثر الأحزاب تمسكا بالدستور ودفاعا عنه, وارتبط اسم الوفد فيما بعد بالصراع مع الملك من أجل حماية الدستور. و أصبح الملك والقصر هو الخصم الحقيقي للدستور. ولذلك لم يلبث الملك أن أقال حكومة حزب الأغلبية وشكل حكومات من أحزاب الأقلية بالمخالفة للدستور, ثم جاء صدقي باشا إلي الحكم وألغي دستور23, وفرض دستور1930 الذي أعاد صلاحيات الملك وقيد الحريات وفي مواجهة إلغاء دستور1923, عرفت مصر في بداية الثلاثينيات فترة من القلاقل والاضطرابات للمطالبة بعودة الدستور, الأمر الذي أصبح مطلبا شعبيا. وهكذا استقر دستور23في الضمير الشعبي باعتباره ممثلا لروح الشعب وضمانا لحرياته. ومع زيادة الرفض الشعبي لدستور صدقي أعيد دستور23 من جديد في53. وقد نص دستور23 علي أن حكومة مصر ملكية وراثية وشكلها نيابيو تكون من170 مادة وقام الملك فؤاد بالتوقيع عليه في سراي عابدين في19 أبريل23 ورغم المواقف الرافضة لتشكيل لجنة دستور23 كما هو الحال مع بعض الفئات التي أبدت اعتراضها علي بعض أعضاء لجنة الخمسين وبعض بنود دستور2013 الذي يتكون من247مادة, إلا أن لجنة دستور23أنهت مهمتها علي أكمل وجه ووضعت واحد من أفضل الدساتير في التاريخ المعاصر علي حد قول الاثري احمد عبد الفتاح الذي قال أن الأعضاء الثلاثون الذين تألفت منهم اللجنة هم وجهاء وخيرة المجتمع المصري في ذلك الوقت وهم يوسف سابا باشا وأحمد طلعت باشا ومحمد توفيق باشا وعبد الفتاح يحيي باشا والسيد عبدالحميد البكري والشيخ محمد نجيب والأنبا يؤانس وقليني فهمي باشا وإسماعيل أباظة باشا ومنصور يوسف باشا ويوسف أصلان قطاوي وإبراهيم أبورحاب باشا وعلي المنزلاوي بك وعبداللطيف المكباتي بك ومحمد علي علوبة بك وزكريا نامق بك وإبراهيم الهلباوي بك وعبدالعزيز فهمي بك ومحمود أبوالنصر بك والشيخ محمد خيرت راضي بك وحسن عبدالرازق باشا وعبدالقادر الجمال باشا وصالح لملوم باشا وإلياس عوض وعلي ماهر بك وتوفيق دوس بك وعبدالحميد مصطفي بك وحافظ حسن باشا وعبدالحميد بدوي بك. وقد استقال عبد الخالق ثروت رئيس الوزراء قبل صدور الدستور ثم جاءت وزارة يحيي إبراهيم باشا التي ألغت الأحكام العرفية وأفرجت عن سعد ورفاقه ليعودوا من المنفي, وقد صدر الدستور ومادته رقم149 تنص علي أن الدين الإسلامي هو الدين الرسمي للدولة, ثم جاءت وزارة زعيم الأمة سعد زغلول بعد عودته من المنفي لتحمي الدستور الذي عابت في واضعيه.... بينما جاء في المادة الثانية لدستور2013 أن الإسلام دين الدولة ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع. فهل يكون دستور2013 ممثلا لروح الشعب وضمانا لحرياته كما كان دستور23