لاشك أن الزيارة التي قام بها وزير الخارجية نبيل فهمي لكل من الهندوالصين وكوريا الجنوبية واليابان أكدت اهتمام مصر بالشرق وان أولويات السياسة الخارجية في تلك الحقبة المصيرية تتطلب تنشيط دورنا ونقل صورة حقيقية لما يجري علي أرض الكنانة, وحث المجتمع الدولي والدول الصاعدة في آسيا علي تقديم الدعم المطلوب لكي تواجه التحديات الحالية. لقد أوضحت الجولة الآسيوية أن مصر دولة محورية وتمثل جزءا مهما من المجتمع الدولي وتتعامل معه بايجابية وشفافية وفقا لمدرستها الدبلوماسية العظيمة, كما ان استقلالية القرار وتعدد الخيارات معناه انتماء مصر الدولي ورغبتها في تعزيز حوارها مع الدول الآسيوية سعيا للمشاركة في النظام العالمي الجديد بعد ان نفضت مصر الجديدة نفسها من غبار التطرف والانفلات في محاولة لانتهاج نظام ديمقراطي سليم. ولم يفوت وزير الخارجية الفرصة لكي يؤكد لنظرائه الدور التنموي للسياسة الخارجية المصرية ورغبتها في جذب الاستثمارات والسياحة الآسيوية وطرح مشروعات مصرية والحصول علي مساعدات مالية وفنية من الشركاء الآسيويين. ولعل نجاح هذه الجولة يعود إلي ان فهمي قام بالاعداد لها جيدا من خلال الاجتماع المسبق بمجلس الأعمال المصري الياباني وجمعية الأعمال المصرية الكورية ومجلس الأعمال المصري, الصيني ورئيس الجامعة اليابانية ورئيس المنطقة الاقتصادية بشمال غرب السويس والتي تضخ فيها الصين استثمارات هامة, بهدف مشاركة القطاع الخاص في تفعيل العلاقات الاقتصادية والتجارية المصرية الآسيوية. ان انفتاح مصر علي الشرق سوف يسهم في تطور العلاقات الثنائية بين مصر والدول الآسيوية التي زارها وزير الخارجية, حيث جاء الملف الاقتصادي والتجاري علي رأس المحادثات الرسمية لتحقيق العيش والحرية والعدالة الاجتماعية للشعب المصري من خلال ترسيخ شراكة حقيقية مع الدول الآسيوية في جميع المجالات. كما كانت جولة فهمي الناجحة فرصة لشرح تطورات تنفيذ خارطة الطريق والانتهاء من الدستور استعدادا للاستفتاء الشعبي, وأهم رسالة وجهها بوضوح كانت ان الانفتاح علي كل القوي الكبري لا تأتي علي حساب علاقات قوية قائمة مع دول أخري. أما زيارته للهند فقد حققت نتائج مبهرة في ضوء البعد التراكمي للإنجازات الدبلوماسية التي حققها مصريون بنيودلهي عبر حقبات زمنية متعاقبة علي دعم التعاون مع مصر في جميع المجالات. لقد استعادت بالفعل مصر اهتمامها بآسيا تحديدا في ضوء تنسيق المواقف ازاء نظام دولي أكثر عدالة وازاء تطوير الحوار بين الحضارات. الرسالة التي بثتها جولة وزير الخارجية للشرق أن المصريين مصممون علي رسم مستقبلهم بايديهم ولم يكن غريبا ان يصفه الإعلام الآسيوي بانه رسول أمين لثورة الثلاثين من يونيو ومحاضر جيد للمتغيرات الدولية ازاء واقع الثورة المصرية وان ترحب الهند بأهمية تأسيس حوار استراتيجي مع مصر في ثوبها الجديد بعد ثورة03 يونيو ولتنطلق مشروعات التعاون الثلاثي الموجه لإفريقيا.. لتسهم في تنقية الأجواء. الواقع أنه يجب أن نستثمر انفتاح مصر علي الشرق, وهذا الانفتاح الاستراتيجي الذي تبني فكرته عالم الاجتماع العظيم د.أنور عبدالملك الذي أثري الأهرام بمقالات تحثنا علي استخلاص الدروس الرائعة والاستفادة من تجربة عدد مهم من الدول الآسيوية.. من أجل تحقيق الرفاهية لبلادنا..!! لمزيد من مقالات عائشة عبد الغفار