رحل في صمت, مثلما عمل وناضل وأعطي بلا حدود ولكن بلا ضجيج أو ضوضاء أيضا. لم يهتم الإعلام برحيل المناضل النبيل حسين أشرف القيادي في حزب التجمع وأحد فرسان الحركة الشيوعية المصرية. ومن أين يتأتي لإعلام تسوده السطحية ذلك القدر الضروري من العمق اللازم لإدراك معني أن ينذر بشر حياتهم خدمة لأوطانهم علي أساس المبادئ التي يؤمنون بصلاحيتها لتحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية. كان الراحل حسين أشرف واحدا من هؤلاء البشر الذين يناضلون ويعطون دون أن ينتظروا جزاء ولا شكورا ولا حتي اعترافا بأدوارهم, فيعيشون ويغادرون الدنيا دون أن يعرفهم معظم الناس. وهو يعد أحد معالم ظاهرة الشيوعيين المنحدرين من أصول أرستقراطية وبورجوازية0 فكم من أثرياء انحازوا إلي قضايا الفقراء, وناضلوا من أجلها, وأنفقوا من أجل نصرتها, مثل الراحلين الكريمين محمد سيد أحمد وأحمد نبيل الهلالي وغيرهما. عرفت حسين أشرف في جامعة القاهرة في سبعينيات القرن الماضي. جمعنا إيمان بالاشتراكية والعدالة وحرية الإنسان, رغم اختلافنا في الموقف تجاه السلطة حينئذ. فقد تبني هو موقفا أكثر مرونة من الاتجاه الغالب في الأوساط اليسارية الطلابية في ذلك الوقت. وتعرض بسببه لاتهامات بالمهادنة والانحراف والذيلية, وغيرها من مفردات قاموس التخوين التي يلقيها المتشددون عادة في وجه من يتبني مواقف أدني من السقف الذي رفعوه. وقد نجا أشرف من حملة الاعتقالات التي طالت يساريين في الجامعة وخارجها في يناير1975, فافتقدناه في محابسنا ولم نجد من نسدد إليه اتهاماتنا. ولكنه اعتقل بعد ذلك أكثر من مرة كانت أولاها في يناير.1981 كان الراحل الكريم مثقفا من طراز رفيع وحريصا علي الثقافة باعتبارها وسيلة للتغيير وهدفا لهذا التغيير في آن معا. ولذلك ساهم في تأسيس منابر ثقافية عدة مثل مركز آفاق اشتراكية مع عدد من رواد الفكر الإشتراكي في مقدمتهم الراحلون محمود أمين العالم ومحمد الجندي وبهيج نصار. وكان من أهم ممولي نشاطات هذا المركز ومجلته ونادي سينما آفاق الذي بادر بتأسيسه. وها هو يغادرنا بعد رحلة نضال رائعة كان فيها نموذجا من النماذج المضيئة في الحركة الشيوعية المصرية. لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد