ألهتنا وشغلتنا مظاهرات قطاع الطرق الإخوان في الجامعات عن الالتفات لواقعة جرت أحداثها في محافظة المنيا, التي شهدت قبل أيام قليلة جلسة صلح عرفية بين قريتي نزلة عبيد غالبية سكانها من المسيحيين , والحوارتة أغلبية مسلمة بعد مقتل4 أشخاص, بسبب بناء قبطي منزلا علي مدخل الحوارتة. والقصة ومكمن الخطورة ليس في التصالح العرفي بين القريتين المتخاصمتين, في وقت نتحدث فيه نهارا وليلا عن تدعيم جذور دولة القانون, وإنما في رفض الاعتراف به من قبل مطرانية المنيا, ومجموعة من مسلمي الحوارتة أطلقوا علي أنفسهم اسم' ائتلاف مسلمي الحوارتة', لأنه لا يحقق سقف توقعات ومطالب كل طرف, وضياع حق الاحتكام للقانون للفصل في النزاع وتوقيع العقاب علي الجاني سواء كان مسلما أو مسيحيا. ثم جاءت الطامة الكبري ذات الدلالات الخطيرة بتصريح للأنبا مكاريوس الأسقف العام لمطرانية المنيا وأبو قرقاص, حذر فيه من أن المنيا مرشحة بقوة لتصبح سيناء الصعيد, وألمح إلي أن المتنازعين تحت أيديهم كميات هائلة من الأسلحة, وأن تمييع الأمور وعدم الحسم والضرب علي يد المخطئ بالقانون سيكون بوابة يعبر منها الانفلات والاقتتال بين طرفي الأمة. ربما تفسر كلام مكاريوس علي أنه مبالغة القصد منها إظهار غضب الكنيسة من هضم حقوق الأقباط, كلما حدثت فتنة طائفية لا يجري معالجة جذورها, لكنه جرس إنذار يؤكد أن النفوس ليست صافية, وأنها علي أهبة الاستعداد للانفجار, إذا لمسها عود كبريت, لتجد الدولة نفسها وسط نسخة صعيدية من سيناء بكل ما فيها من تطرف وغلو وأسلحة متنوعة الأحجام والاستخدامات. الأفدح كيف تسكت الدولة المصرية علي ما تضمنه الصلح العرفي من بنود جائرة, بينها فرض حظر علي سير ومرور أهالي نزلة عبيد بالطريق الغربي الداخلي الرابط بين القريتين, حتي لا تتجدد الاشتباكات والاحتكاكات بينهما؟ والتحجج بأنه يجب مراعاة البعد القبلي المسيطر علي المنيا وغيرها من محافظات الصعيد كان مقبولا, عندما كانت دولة مبارك ضعيفة هشة. إن الخطب عظيم ولابد من الانتباه إليه وتطويقه قبل ظهور سيناء الصعيد, وحينها لن يفيدنا الندم والعويل. لمزيد من مقالات محمد إبراهيم الدسوقي