هزت فضيحة فساد كبري حكومة رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي حيث اعتقلت الشرطة التركية أكثر من49 شخصا أمس, من بينهم أبناء ثلاثة وزراء, للاشتباه في تورطهم في تقديم رشاوي وتلاعب بالمناقصات العامة, فيما اعتبره المراقبون تحديا واضحا لأردوغان. وأثارت هذه الاعتقالات حالة من التوتر والاضطرابات في أسواق المال التركية حيث سجلت بورصة أنقرة هبوطا تجاوز8.2% في بداية جلساتها. وكشفت وسائل الإعلام التركية عن أنه من بين المعتقلين بعد حملة مداهمات واسعة في اسطنبولوأنقرة أبناء وزراء الداخلية والاقتصاد والبيئة بحكومة أردوغان, ورئيس بلدية حي فاتح باسطنبول مصطفي دمير. كما تم اعتقال أحد أقطاب البناء ورجال أعمال وموظفين من وزارتي البيئة والاقتصاد. وكان من أبرز المعتقلين سليمان أصلان الرئيس التنفيذي لبنك تركي هالك بانكاسي المملوك للدولة.وتتضمن الاتهامات التي يواجهها المعتقلون, تلقي الرشاوي والفساد خاصة في عدد من المناقصات المطروحة, وأهمها مشروع مرمراي الخاص ببناء نفق تحت مياه بحر مرمرة ليربط الشطرين الآسيوي والأوروبي, إلي جانب منح الجنسية التركية لعدد من الأجانب مقابل مبالغ مالية هائلة, بالإضافة لتورطهم في أعمال تزوير عدد كبير من الوثائق الرسمية لتقسيم مساحات كبيرة من الأراضي مقابل الحصول علي منافع مادية كبيرة. وأدت هذه الأحداث إلي تراجع كبير لأسعار الأسهم والسندات في تركيا بسبب المخاوف من أن تكون عمليات الاعتقال جزءا من الصراع المتزايد علي السلطة بين الحكومة التركية وأتباع الزعيم الإسلامي المقيم في أمريكا فتح الله جولن بعد سنوات من التحالف بين الجانبين. وأشارت وكالة بلومبرج للأنباء أن بوادر الصراع بين حكومة أردوغان وأتباع جولن تبدت خلال الشهر الماضي, عندما أعلنت الحكومة اعتزامها إلغاء الإعفاءات الضريبية للمدارس الإعدادية الخاصة والتي تعد مصدرا مهما للأموال والنفوذ بالنسبة لمؤيدي جولن. في الوقت نفسه, أصبح حاقان سكر نجم كرة القدم التركي السابق ثاني عضو في البرلمان التركي يستقيل من حزب العدالة والتنمية الذي يقوده أردوغان احتجاجا علي قرار الحكومة بشأن ضرائب المدارس الإعدادية. ومن ناحيتها, أشارت وكالة الأنباء التركية إلي أنه تم إقصاء خمسة من قادة الشرطة علي خلفية احتجاز أبناء الوزراء الأتراك للتحقيق في قضايا فساد. وأوضحت وكالة دوجان التركية دون أن تكشف مصادرها أن رؤساء خمس إدارات في شرطة اسطنبول, من بينها إدارات الجرائم المالية والجريمة المنظمة والتهريب أقيلوا من مناصبهم, إلا أن الشرطة التركية رفضت التعليق علي هذه الأنباء. وفي الوقت ذاته, أشارت مصادر حكومية ومصرفية إلي أن الشرطة نفذت الاعتقالات خلال مداهمات جرت فجر أمس الأول في مدينة اسطنبول كما فتشت مقر بنك خلق الحكومي للاقراض في أنقرة واستدعت المدير العام لأكبر شركة للمشروعات السكنية في تركيا املاك كونوت. وربط معلقون أتراك تلك العملية برجل الدين القوي فتح الله جولن المقيم في الولاياتالمتحدة, والذي تسيطر شبكة من أتباعه علي مواقع مؤثرة في مؤسسات الدولة من بينها الشرطة والخدمات السرية والقضاء وحزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان. ويذكر أن جولن ساعد حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان علي الفوز بأصوات الناخبين في ثلاث جولات انتخابية منذ عام2002, لكن يبدو أن خلافا حادا شب بين الرجلين في الأسابيع الأخيرة قد يشق قاعدة تأييدهما قبيل انتخابات محلية ورئاسية العام المقبل.