كان حكما عادلا الذي اصدره المستشار محمد فتحي صادق رئيس محكمة جنح سوهاج بالسجن سنة للمدرس الذي اجبر تلاميذه في المرحلة الإبتدائية علي أكل البرسيم في الفصل عقابا لهم علي عدم كتابتهم الواجب. ذهب اولياء الأمور وتقدموا بشكوي ضد المدرس حتي وصل الأمر به الي السجن.. كثيرون غيري مازالوا يذكرون اسماء اساتذتهم في المدرسة يوم ان كان المدرس نموذجا في الترفع والأبوة وكاد ان يكون رسولا.. لم يكن هذا وضع المدرس المصري في بلده مصر ولكن في كل الدول العربية تجد كبار المسئولين يتحدثون بحب وتقدير شديد عن اساتذتهم المصريين الذين تعلموا منهم السلوك الراقي والخلق الرفيع.. وهذه النخبة الرائعة من رجال التربية والتعليم في العصر الذهبي للمدرسة المصرية كان كل واحد منهم ينفق من ماله الخاص ويقدم الهدايا للطلاب المتفوقين وغير القادرين.. في آخر العام كان المدرس يجمع التلاميذ بعد نهاية اليوم الدراسي ويعيد معهم شرح المناهج حتي ان بعضهم كان يجمعهم في بيته ولا يتقاضي منهم شيئا ويقدم لهم الشاي والحلوي.. كان المدرس يدخل الفصل وكأننا نؤدي الصلاة في المسجد او الكنيسة حضور طاغ وثقافة رفيعة وتواضع جميل وهيبة يعمل الجميع لها الف حساب كان المدرس المصري راقيا في سلوكه ومظهره وحبه لرسالته كمعلم للأجيال.. ولهذا عاش هؤلاء في ضمائرنا ومازلنا نذكر اياديهم البيضاء.. لقد اشفقت كثيرا علي هذا الشاب الذي قدم البرسيم ليأكله الأطفال الصغار عقابا لهم رغم انه كان يستطيع ان يعاقبهم بشئ غير البرسيم إذا اهملوا واجباتهم.. ولا ادري ما هو احساس الطفل الصغير ومدرسه يصر علي ان يعاقبه بأكل البرسيم وماذا سيبقي في ذاكرة هذا الطفل من ايام الدراسة غير صورة البرسيم.. ان القضية فيها اكثر من جانب هذا المدرس الذي اختار هذه الوسيلة في عقاب تلاميذه.. وهذا المستوي الذي وصل اليه حال التدريس في بلادنا.. وقبل هذا كله لم تعد المدرسة دارا للتربية والأخلاق ولهذا ظهر الحصاد فيما نراه الأن في الشارع المصري.. انها ثقافة البرسيم. http://[email protected] لمزيد من مقالات فاروق جويدة