محافظ بني سويف يلتقي وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان    مجلس النواب يقر زيادة قيمة التأمين للترشح فى الانتخابات القادمة    رئيس النواب: قاض على كل صندوق في الانتخابات البرلمانية المقبلة    القوات المسلحة تنظم زيارات ميدانية لوفد من الشباب المصري والأجنبي لعدد من المنشآت العسكرية    القوات المسلحة تفتتح نادى وفندق "6 أكتوبر الحلمية" بعد إنتهاء أعمال التطوير الشامل    موعد امتحانات الصف الثالث الإعدادي الترم الثاني 2025 محافظة القاهرة.. وجدول المواد    مجلس النواب يوافق على تقسيم الجمهورية إلى 4 دوائر لنظام القائمة الانتخابية    بسام الشيخ.. تحية لكل يد تبني!    مسرحية الشرق الأوسط التعيس    المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: الاحتلال يفرض سيطرته على 77% من القطاع عبر التطهير العرقي    رئيس البرلمان العربى يهنئ قادة مجلس التعاون الخليجى بذكرى التأسيس    موسم تاريخي وهوية ملكية مع ليفركوزن.. مسيرة استثنائية لتشابي ألونسو مدرب ريال مدريد الجديد    الأهلي يترقب وصول عرض رسمي من الخلود السعودي لبيع أليو ديانج    منافس الأهلي.. ماسكيرانو: أبلغت اللاعبين أننا في ورطة أمام فيلادلفيا.. وأتحمل مسؤولية النتيجة    مصطفى يونس: محمد صلاح لم يحصل على الكرة الذهبية بسبب «العنصرية»    سيكون جاهزاً لكأس العالم للأندية.. ريال مدريد يكشف تشخيص إصابة فالفيردي    14 صور ترصد اليوم الثالث من امتحانات صفوف النقل    تجديد حبس طرفي مشاجرة استخدموا فيها الأسلحة النارية بعين شمس    «التضامن» تؤسس معسكرا لتأهيل مدربين في تعزيز التواصل الأسري بين الآباء وأبنائهم    رسميًا.. السعودية تحدد موعد استطلاع هلال ذي الحجة لتحديد أول أيام عيد الأضحى 2025    السجن 6 سنوات لربة منزل قتلت ابنها بعد تعذيبه بالقليوبية    انطلاق برنامج "كلام في العلم" مع دكتور سامح سعد على شاشة الأولى قريبا    بالدموع تحرك جثمان سلطان القراء إلى المسجد استعدادا لتشيع جثمانه بالدقهلية.. صور    عاشور يشهد إطلاق المرحلة التنفيذية لأضخم مشروع جينوم في الشرق الأوسط    الصحة العالمية تشيد بإطلاق مصر الدلائل الإرشادية للتدخلات الطبية البيطرية    محافظ أسيوط يتفقد مستشفى الرمد بحي شرق ويلتقي بعض المرضى    رئيس جامعة سوهاج يفتتح فعاليات المؤتمر الأول لأمراض الأوعية الدموية المخية    تمهيداً لانضمامه لمنظومة التأمين الصحي.. «جميعة» يتسلم شهادة الاعتماد الدولية لمركز «سعود» بالحسينية    عيد الأضحى 2025.. هل تصح الأضحية بخروف ليس له قرن أو شاه؟ «الإفتاء» تجيب    عاجل- مجلس الوزراء يوضح موقفه من جدل "شهادة الحلال": تعزيز المنافسة وإتاحة الفرصة أمام القطاع الخاص    فور ظهورها.. رابط نتيجة الشهادة الإعدادية الأزهرية بالاسم ورقم الجلوس 2025 الترم الثاني    صلاح يترقب لحظة تاريخية في حفل تتويج ليفربول بالدوري الإنجليزي    محافظ بني سويف يلتقي وفد القومي لحقوق الإنسان    خطوة بخطوة.. إزاي تختار الأضحية الصح؟| شاهد    ضبط 11 قضية مواد مخدرة وتنفيذ 818 حكما قضائيا متنوعا    مصرع ربة منزل في سوهاج بعد تناولها صبغة شعر بالخطأ    رئيس وزراء باكستان يتوجه إلى تركيا أولى محطات جولته الآسيوية    قبل التفاوض على التجديد .. عبد الله السعيد يطلب مستحقاته المتأخرة من الزمالك    إيرادات السبت.. "المشروع x" الأول و"نجوم الساحل" في المركز الثالث    الكشف عن مبنى أثري نادر من القرن السادس الميلادي وجداريات قبطية فريدة بأسيوط    ساهم فى إعادة «روزاليوسف» إلى بريقها الذهبى فى التسعينيات وداعًا التهامى مانح الفرص.. داعم الكفاءات الشابة    كاف يكشف عن التصميم الجديد لكأس الكونفدرالية    مبعوث ترامب: الحكومة السورية توافق على التعاون لكشف مصير المفقودين الأمريكيين    ميلاد هلال ذو الحجة وهذا موعد وقفة عرفات 2025 الثلاثاء المقبل    خلال زيارته لسوهاج.. وزير الصناعة يفتتح عددا من المشروعات ضمن برنامج تنمية الصعيد    محافظ الشرقية: 566 ألف طن قمح موردة حتى الآن    ارتفاع أسعار البيض في الأسواق اليوم 25-5-2025 (موقع رسمي)    وزير الخارجية يتوجه لمدريد للمشاركة فى اجتماع وزارى بشأن القضية الفلسطينية    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    استعدادًا لعيد الأضحى.. «زراعة البحر الأحمر» تعلن توفير خراف حية بسعر 220 جنيهًا للكيلو قائم    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه اليوم الأحد 25 مايو 2025 في 4 بنوك    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    اليوم.. نظر تظلم هيفاء وهبي على قرار منعها من الغناء في مصر    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 25 مايو    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. مرتضى منصور يعلن توليه قضية الطفل أدهم.. عمرو أديب يستعرض مكالمة مزعجة على الهواء    هل يجوز شراء الأضحية بالتقسيط.. دار الإفتاء توضح    إلغوا مكالمات التسويق العقاري.. عمرو أديب لمسؤولي تنظيم الاتصالات:«انتو مش علشان تخدوا قرشين تنكدوا علينا» (فيديو)    استقرار مادي وفرص للسفر.. حظ برج القوس اليوم 25 مايو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زكي طليمات.. الرائد المسرحي في ذكري الرحيل
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 12 - 2013

قبل رحيله بسبعة أعوام منحه أنور السادات الدكتوراه الفخرية مع عبد الوهاب ويوسف وهبي وتوفيق الحكيم, وأثناء الأستراحة وقف السادات في بهو قاعة سيد درويش يتحدث معهم, فقال له طليمات:( الذي يستحق التكريم سيادتك,
لأنك ممثل أحسن مننا كلنا).. هنا ضحك البعض, وصمت آخرون توجسآ, ولم يعلق الرئيس ليمرر ليلة التكريم بهدوء. فقد كان طليمات يمسك دومآ بجمر النار مضيئآ به الطريق, وهو الجمر الذي كان كثيرآ مايحرقه ويوجعه, رغم إنجازاته التي حققها في مصر والعالم العربي.
كان هذا الموقف فاصلا بين ما مضي من سنوات عمره الثمانية والسبعون بكل ضجيجها وإنجازاتها وصراعاتها وحروبها الشرسة, وبين هدوء السنوات التي تلت هذه الواقعة, حتي رحيله عنا في الثاني والعشرين من ديسمبر عام.1982
عرف طليمات طريقه إلي المسرح عن طريق آل تيمور, وقد عمل سكرتيرا في حديقة الحيوان, مما جعله يبتدع نظرية جديدة في فن التمثيل يربط فيها بين سلوك الحيوان والممثل علي خشبة المسرح, فحركة الأسد وطريقته تلائم الممثل الذي يلعب أدوار الملوك, كما أن حركة القرد البهلوانية, تناسب شخصية المهرج علي خشبة المسرح, وهذا ما ينطبق علي بقية الحيوانات. أوفدته وزارة الأشغال عام1924 إلي باريس لدراسة التمثيل لسنوات أربع, تتلمذ فيها علي يدي' دني دينس' و'فيرمان جيمييه'. وفي العام التالي لعودته, افتتح معهدا للتمثيل في نوفمبر عام1930, وهو المعهد الذي قوبل بهجمة شرسة من قبل التيارات الدينية المتشددة, وعلي رأسهم الشيخ محمود أبوالعيون الذي رفض ذهاب الفتيات إلي معهد رسمي يتعلمن فيه الرقص الخليع, وقد أغلق المعهد بعد تسعة أشهر في أغسطس1931 بسبب مخالفته للعادات والتقاليد, حسبما رآت وزارة المعارف آنئذ. وعلي الفور هنأ بعض المتشددين من التيارات الدينية الشيخ أبو العيون, الذي انتصر- من وجهة نظرهم- للأخلاق الإسلامية, وكان بعضهم قد كتب في الصحف عن أخطار ما ينشأ من اختلاط الذكور بالإناث عند الاستحمام في بحر الأسكندرية, وأظهروا مصائب الأخلاق.
وفي مقال له بجريدة الأهرام, كتب الشيخ محمود أبوالعيون عن أعظم النكبات علي المجتمع الإسلامي, والتي تكمن في خروج المرأة للعمل, الذي يفقدها وظيفتها الجنسية, معاندة لطبيعتها البشرية, وكان أبوالعيون لايري في المرأة غير موضوع جنسي. ورغم شراسة الحرب الجاهلة, إلا أن طليمات ظل يمسك بجمر النار, مضيئا الطريق, ومناضلآ ضد هذه القوي الظلامية, حتي أعاد افتتاح المعهد عام1944, ليكون نواة حقيقية لأكاديمية الفنون.
كان الرجل هو أول من أخرج لفرقة المسرح القومي حين أنشئت عام1935, وبعد عامين كان أول من خطط لتأسيس المسرح المدرسي, وكون مسرح الأقاليم الذي أصبح فيما بعد نواة للثقافة الجماهيرية, وبعد عشر سنوات أسس فرقة المسرح الحديث من تلامذته خريجي المعهد, وقد ضم الفرقتين تحت مسمي( الفرقة المصرية الحديثة). وبعد أن قامت ثورة يوليو عام1952 بشهرين تقريبا, يتآمر عليه أثنان من تلامذته من القتلة الجهال الذين قاتلوه, وهم من صنيعته, بكتابة مذكرة ضده إلي مجلس قيادة الثورة, وعلي أثر الصدمة الأخلاقية, يستقيل طليمات من الفرقة التي ضم إليها تلميذيه وهم من خانوه, ويستقيل من عمادة معهد التمثيل, الذي علمهم فيه, وهو الذي ناضل ليؤسسه, ومن المسرح المدرسي, ومن بقية مسئولياته, ثم ينفصل عن زوجته الثانية الممثلة إحسان الشريف- كانت الأولي روزا اليوسف- ويعكف في بيته عامين متصلين, حتي تستدعيه تونس ليقيم نهضتها المسرحية, وبعد سبع سنوات تطلبه الكويت ليعيد التجربة ذاتها, وبعدها يرحل إلي الأمارات.
والحكاية كما يرويها فتوح نشاطي في مذكراته, كان إثنين من الممثلين قدما إلي إدارة الشئون العامة للقوات المسلحة مفكرة خاصة بالمدير- يقصد زكي طليمات- سرقاها من داره التي كانا يقيمان فيها ويطعمان بوصفهما من تلامذته وأصفيائه, لكنهما خانا الأمانة والصداقة وطعناه في ظهره طعنة دنيئة, وقدما المفكرة إلي المسئولين ليقرأوا مافيها, كما قدما تقريرا مطولا عنه, وذكرا وقائع ضده, وحين وصلت المذكرة إلي إدارة القوات المسلحة, أقالته من إدارة المسرح الحديث وتولي مكانه دريني خشبة.
وفي الواقع يعكس هذا المشهد طبيعة أمراض المشهد الثقافي الإبداعي, خاصة في ظل التحولات الكبري التي يستغلها بعض الانتهازيين خلال الفوضي العارمة التي تحدث إثر الثورات, كما حدث بعد ثورة يوليو1952, وماحدث واضحا وجليا بعد ثورة25 يناير و30 يونيو, وهو مالخصه الراحل لطفي الخولي ب( مخاطر إغتيال العقول), عبر محاولات تصفية المختلف معه بطرق رخيصة مدفوعة الأجر, وهذا الذي حدث مع طليمات, كان قد تكرر ويتكرر مع رموز الوطن أمثال طه حسين الذي قدمت ضده بلاغات للنائب العام إثر نشر كتابه( في الشعر الجاهلي) عام1926, وكاد نجيب الريحاني يقتل حين أنتج أوبريت العشرة الطيبة لسيد درويش وعزيز عيد, بسبب دعاوي فاسدة, بكونه دسيسة إنجليزية, وقد قطعت رقبة نجيب محفوظ نتيجة لفتاوي تكفيره علي يد بلطجي لم يقرأ روايته, ولقد مات نصر أبوزيد ممرورا بعد أن كفرته قوي الظلام, وهكذا قتل فرج فوده.
وفي دمشق طرد خليل القباني بعد حرق مسرحه, لأن نصيب الشيخ سعيد الغبرا من الأرباح التي كان يوزعها القباني عليه وعلي زملائه, لم تكن ترضيه, فحرض عليه السلطان عبد الحميد, وحرض الصبية لإحراق مسرحه, متخفيا وراء ستار الدين والفضيلة.. إنه الفيروس الخطير الذي ينخر في جسد الوطن بشراسة, مغلبا المصلحة الشخصية مدفوعة الثمن علي المصلحة العامة, حتي لوكان الثمن جثة الوطن, وهو ما يجب كشفه وفضحه ومقاومته.
لمزيد من مقالات د . احمد سخسوخ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.