نجحت قمة دول مجلس التعاون الخليجي التي اختتمت أعمالها منذ أيام بالكويت في تخطي عقبات مهمة, لكن الجدل سيظل مستمرا حول سبل تطوير المجلس الذي يعد رغم أي ملاحظات أنجح الأشكال الإقليمية للتعاون العربي, بعد فشل مثيليه الاتحاد المغاربي ومجلس التعاون العربي وباقي التجارب الوحدوية الأخري. ومن القضايا التي اثارت جدلا فكرة تحويل المجلس إلي وحدة كاملة فجأة, وهو ما عارضته علنا سلطنة عمان قبيل قمة الكويت عندما أعلن يوسف بن علوي الوزير المسئول عن الشئون الخارجية في السلطنة إن بلاده تعارض مشروع إقامة اتحاد بين دول مجلس التعاون الخليجي, موضحا:لن نمنع الاتحاد لكن إذا حصل لن نكون جزءا منه, إن موقفنا ايجابي وليس سلبيا فنحن ضد الاتحاد لكننا لن نمنعه, وإذا قررت دول المجلس الأخري إقامة هذا الاتحاد فسننسحب. ورغم ذلك فإن السلطنة أكدت حرصها علي دعم مسيرة التعاون المشترك, وأكد السيد فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشئون مجلس الوزراء الذي شارك في القمة نيابة عن السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان, ان السلطنة تجدد تأكيدها علي دعمها الكامل لإنجاح كافة الجهود الرامية إلي الارتقاء بالمسيرة الخليجية من خلال المنظومة القائمة للمجلس, وذلك وصولا لإنجاز كل ما من شأنه تحقيق طموحات شعوب المنطقة, والمصالح العليا المشتركة لدول المجلس. وقال إن تلك المسيرة حفلت بعدد من المنجزات الاقتصادية والاجتماعية أدت إلي الترابط بشكل أوثق بين أبناء دول المجلس, إلا أنه في ظل التطورات التي تشهدها الساحتان الإقليمية والدولية وما تلقي به من ظلال علي كافة دول المنطقة, فإن هذا يستوجب تضافر كل الجهود للتعاطي مع تلك المستجدات والحد من مؤثراتها علي الأمن والاستقرار. والحقيقة أن سلطنة عمان لم تكن الوحيدة التي عارضت فكرة الانتقال المفاجئ إلي الوحدة, وإن كانت الوحيدة التي جاهرت بذلك علنا, فداخل الكواليس كانت هناك بعض أصوات متحفظة أيضا من الكويت, وقد حاول وزير الدولة الكويتي لشئون مجلس الوزراء وزير الصحة الشيخ محمد العبدالله الصباح الذي شارك في معظم القمم الخليجية السابقة توضيح مايحدث بالقول إن ما شهدته قمة الكويت قبل انعقادها من تصريحات متباينة حول مسائل الاتحاد ومسيرة المجلس ليس جديدا علي الإطلاق أو شيئا استثنائيا, فقد كان مستوي المصارحة في كواليس بعض القمم مرتفعا إلي درجة كبيرة وهو أمر طبيعي داخل البيت الواحد, مشيرا إلي وجود نية صادقة ورغبة واضحة لدي الدول الخليجية في الحفاظ علي تماسك الموقف وتوسيع الطريق أمام تقدم المشاريع الاقتصادية والتنموية المشتركة علي حساب التباينات السياسية, لأن الجميع مقتنع بأن التكامل الاقتصادي يمكن أن ينعكس إيجابا علي الوضع السياسي. وهو ما أكدته مصادر خليجية ل الأهرام موضحة أن الاتحاد هو تتويج لسلسلة اتفاقات, فهل كل دول الخليج نفذت تماما كل الاتفاقات؟ إن الاتفاقية الأمنية مثلا التي أقرت لم يوافق عليها مجلس الأمة الكويتي حتي الآن, فكيف نقفز إلي اتحاد ونحن ما زلنا في طور التوافق علي الاتفاقات, الأمر ذاته ينطبق علي العملة الموحدة والمصرف المركزي الخليجي والسوق المشتركة وغيرها. وأعربت تلك المصادر عن أهمية دراسة نموذج الاتحاد الاوروبي في هذا الصدد, وقالت ان دول الاتحاد الاوروبي اتفقت في المجال الامني والاقتصادي والتشريعات الموحدة قبل أن تبحث شروط الدخول في الوحدة الاوروبية, وهذه الأمور لم تصل اليها دول مجلس التعاون كي تنتقل الي مرحلة الاتحاد.