كانت حفلاته الأخيرة بدار الأوبرا المصرية كاملة العدد بل وهناك بعض من المقاعد الإضافية.. تلك كانت حفلات الموسيقار عمر خيرت. وكان أن فكرت رئيسة الأوبرا د. إيناس عبد الدايم بتقديم شاشة تعرض أوركسترا عمر خيرت خلال الحفل خارج المسرح الرئيسي ليتسني للمتلقي الاستمتاع بهذه العروض. أهم ما في عمر خيرت وأهم ما في موسيقاه إلي جانب عزفه البيانو وهو أي البيانو الآلة الرئيسية في عروضه بعد ان أضاف إليها عددا من الآلات الأخري ما يميز عمر خيرت أنه ربما يكون أول فنان مصري يجذب المتلقي المصري للموسيقي البحتة أي الموسيقي غير المغناة. لقد تعود الجمهور المصري علي الموسيقي المصاحبة للأغاني.. أما الموسيقي وحدها فهو أي عمر خيرت أول فنان يجذب الجمهور ليس فقط للإستمتاع ولكن لتذوق الموسيقي البحتة أي الموسيقي غير المغناة أو الموسيقي التي لا ترتبط بالأغاني وهو ما يطلق عليه في عالم الموسيقي التلحين. عادة ما أجد جماهير عديدة في حفلات أوركسترا القاهرة السيمفوني ولكن حفلات عمر خيرت هي أول حفلات موسيقية تجتذب هذه الأعداد الكبيرة لها. إنها خطوة أجدها مهمة للغاية ان يتشكل من الجمهور المصري جمهور متذوق للموسيقي وحدها. لدينا بعض من الموسيقي في حفلات الموسيقي العربية تقدم بلا غناء ولكنها قليلة للغاية ولو أنها ربما تزداد هذه الجماهير بعد ذلك. فعلا هي الموسيقي غذاء الروح والوجدان التي نسعي لنشرها.. أي الاستمتاع بها حتي نتحول إلي جمهور ذواق للفن الرفيع.. وبعدها نحصل علي الجمهور الذي يمكن أن نبني من خلاله بلدا خاليا من السلبيات العديدة في سلوكه وفي أخلاقياته وأيضا في تعامله مع الآخر.. ثم في تعامله الحقيقي مع الديمقراطية التي نسعي إليها أو تسعي إليها مصرنا الجديدة. كلمة أوجهها إلي الفنان عازف البيانو عمر خيرت وأنا أعلم كما يعلم الكثيرون أنه ابن شقيق الموسيقار الراحل أبو بكر خيرت أول عميد لمعهد الكونسرفتوار وصاحب عدد من الأعمال الموسيقية الكلاسيكية المصرية التي لا تقدم في مصر فقط ولكنها تقدم ايضا علي مستوي العالم حيث يتذوقها كل من المصري والأجنبي باعتبارها من الأعمال المركبة أو ذات البنيان الذي يخرج من نوت مختلفة.. أي نوتة خاصة بكل آلة موسيقية ليخرج لنا في النهاية ذلك البنيان الكبير. مطلوب من عمر خيرت أن يسعي لهذه الموسيقي وهو قادر عليها.