يوم الخميس الماضي توفي واحد من أبرز و أشجع زعماء القرن العشرين: نيلسون مانديلا! وإذا كان العالم قد نعي مانديلا, فإن ذلك أوجب علينا في مصر! فبالنسبة لنا ليس مانديلا فقط شخصية' عالمية' يعرف قدرها العالم كله,وإنما هو أيضا رمز عظيم و مشرف لقارتنا الإفريقية. وهو نموذج لبطل من طراز خاص, ظل يكافح نظام التفرقة العنصرية البغيض في بلده طوال مايقرب من أربعين عاما, قضي منها تسعة و عشرين عاما في السجن! وحسنا فعلت' رئاسة الجمهورية' عندما ذكرت:' أن مصر كان لها دورها الرائد في مساندة نضال الدول الإفريقية لتحقيق تحررها و استقلالها, وفي رفض سياسات التمييز العنصري في جنوب إفريقيا, ولم تتردد في قطع علاقاتها الدبلوماسية بنظام الفصل العنصري الجنوب أفريقي, مستضيفة أحد أوائل مكاتب تمثيل' المؤتمر الوطني الإفريقي' خارج جنوب إفريقيا'. نعم, لقد كانت' الدائرة الإفريقية' التي تحدث عنها عبد الناصر في' فلسفة الثورة' إحدي الدوائر شديدة الحيوية في السياسة الخارجية لمصر بعد ثورة يوليو, ومايزال الجهد الكبير الذي بذله الوزير المصري' الشاب' في عهد عبد الناصر' محمد فائق', متعه الله بالصحة والعافية, في دعم ومساندة كافة حركات التحرر في إفريقيا نقطة مضيئة و مشرفة في تاريخ السياسة الإفريقية لمصر, ومعينا لا ينضب لمكانتها الإفريقية. والواقع أن مانديلا لم ينس أبدا هذا الدور لمصر و لعبد الناصر, وعندما قامت ثورة يناير في مصر, أرسل مانديلا تحيته لها, وأوصاها بالإستفادة من تجربته في التعامل مع' النظام القديم' والاستفادة من الكوادر و الكفايات التي كانت موجودة قبل الثورة طالما لم تكن من العناصرالفاسدة التي أضرت بالحياة السياسية. ذلك هو سر عظمة مانديلا, أي القدرة الهائلة علي التسامح, والجمع بين' الثورة' و'البراجمتية' من أجل المصلحة العليا للوطن, التي لا يعلوها أي اعتبار آخر. لمزيد من مقالات د.أسامة الغزالى حرب