تقول حكاية من الأساطير الإفريقية أن رجلا مسنا كان يمشي بصعوبة في طريق قرب يوبا الحاكم الشاب, فلما رآه الحاكم نزل عن حصانه وقال له: تبدو متعبا يا جدي تعال اركب حصاني وأنا أستطيع المشي. تعجب الرجل المسن وقال: دعني أمشي, أنا لا أستحق هذا الشرف. فقال الحاكم أيها الجد المحترم: يستحق شعرك الأبيض ويداك المنهكتان من قسوة العمل طوال السنين احترام الناس وتقدير الحاكم.. هيا اركب حصاني, وقام برفع قدمه إلي الركاب وساعده علي ركوب الحصان. ومما يؤثر أن شابا رأي رجلا مسنا يسير في طريق مقوس الظهر وأراد أن يسخر منه فسأله: بكم تبيع القوس ؟ فأجابه العجوز: لا تتعجل يا بني فعندما تكبر سوف تأخذه بدون ثمن. وفي بريطانيا يمنح كل مسن لقب سيرsir وتكون له الأولوية في كل أنواع الخدمات. وفي الصين قديما كان المسنون موضع عطف ومودة, فلم يشاهد رجل طاعن في السن وهو يحمل شيئا ثقيلا في الطريق. أما اليوم فنشاهد من هم في الثمانين قد أقبلوا علي الحياة بلا سأم ولا ملل يمارسون الرياضة البدنية في شوارع نظيفة وينالون كل احترام وتقدير. وتحتفل اليابان بعيد احترام المسنين كل عام في21 سبتمبر, ويتطوع المسنون للعمل بمواقع الكارثة في أثناء الزلازل. وذات يوم مر عمر بن الخطاب بيهودي مسن يسأل الناس فأشفق عليه وقال: ما أنصفناه أخذنا منه الجزية شابا وأهملناه شيخا وفرض له راتبا من بيت المال. وفي بلادنا يقول الرجل المسن: رب لا تبقني إلي زمن أكون فيه كلا علي أحد. وبعض الناس يعتبرون أن الشيوخ لا يقومون بعمل ينتفع به المجتمع, فهم أشباه الحاصدين الحاملين حزم السنابل لتسحقها شفرات النوارج فتنثر الحبوب ولايبقي منها إلا القش اليابس. لكن هناك من يعتبرهم أكبر عقلا وأطول صبرا وأكثر رشدا.. أما المرأة فلها رأي آخر, فيقول أحد الشعراء: قالت وقد راعها مشيبي كنت ابن عم نصرت عما, فقلت لا تعجبي لهذا قد كنت بنتا فصرت أما. وإني لأعجب لماذا نفتقد ثقافة الاحترام في بلادنا؟ ولماذا يهان الكبير بيننا؟ ألم نسمع أو نقرأ يوما حديث نبينا؟ ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا نعيب زماننا والعيب فينا, فإلي متي نبقي نعاب؟ محمد مدحت لطفي أرناءوط موجه عام سابق بالتعليم الشرقية