ترفض الرئيس فيكتور يانوكوفيتش التوقيع علي وثيقة انضمام بلاده الي الشراكة الشرقية مع الاتحاد الاوروبي لاسباب كثيرة, منها ما عزاه البعض الي ما وصفه بالضغط المبالغ فيه من جانب الرئيس فلاديمير بوتين. ورغم كل المظاهرات التي خرجت الي شوارع كييف علي نحو يعيد الي الاذهان الكثير من مشاهد الثورة البرتقالية في عام2004, فقد تمسك يانوكوفيتش بموقفه, مفسرا ذلك بان بلاده ليست مستعدة بعد للانضمام الي هذه الاتفاقية, في الوقت نفسه الذي اقدمت فيه كل من جورجيا ومولدوفا السوفيتيتين السابقتين علي توقيعها. لم تفلح محاولات الاتحاد الاوروبي في اثناء اوكرانيا عن تحفظاتها تجاه توقيع اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي في قمة فيلنيوس التي اختتمت اعمالها يوم الجمعة الماضي. وكان الرئيس الاوكراني فيكتور يانوكوفيتش اعلن عن رفض بلاده لما يطرحه الاتحاد الاوروبي من شروط رغم استمرار مظاهرات المعارضة في كييف للاسبوع الثاني علي التوالي, تاكيدا للرغبة في الانضمام الي الاسرة الاوروبية بعيدا عما تصفه بالضغط الذي تمارسه روسيا ضد اوكرانيا. وقد اعلن يانوكوفيتش صراحة عن اسباب معارضته لما يطرحه الاتحاد الاوروبي من شروط قال انها لا تناسب بلاده وهي التي تتعلق ب إصلاح قوانين الانتخابات والمنظومة القضائية والحيلولة دون حالات العدالة الانتقائية, بما فيها الوضع المتعلق بيوليا تيموشينكو رئيسة الحكومة الاوكرانية السابقة المسجونة في قضايا تتعلق باهدار المال العام. وكان يانوكوفيتش قد سبق ورفض ايضا تدخل الاتحاد الاوروبي في الشئون الداخلية لبلاده وكذلك محاولات الضغط علي كييف الرسمية من اجل الافراج عن يوليا تيموشينكو او السماح لها بالسفر الي المانيا للعلاج. وقالت مصادر اوروبية ان التخلي عن هذه الشروط المبدئية سيؤدي الي تجريد اتفاقية الشراكة ومنطقة التجارة الحرة من معناها.واضافت: إن هذه الاتفاقية معنية ليس بالاقتصاد ورفاهية الشعب الأوكراني فحسب, بل وبالقيم الأوروبية المشتركة أيضا. وكان عدد من القيادات الاوروبية قد انتقد ما وصفه بضغط روسيا علي اوكرانيا ومنهم كارل بيلدت وزير الخارجية السويدي الذي كتب علي صفحته في موقع تويتر: أن أوكرانيا رفضت التوقيع علي اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي بسبب الضغوط التي تمارسها روسيا عليها, علي حد تعبيره. ومن جانبها انتقدت الرئيسة الليتوانية داليا غريبوسكايتي التي استضافت قمة فيلنيوس, مواقف يانوكوفيتش بقولها ان القيادة الأوكرانية اختارت طريقا نهايته مجهولة, فيما اشارت الي إن هذه الاتفاقية معنية ليس بالاقتصاد ورفاهية الشعب الأوكراني فحسب, بل وبالقيم الأوروبية المشتركة أيضا, وهو ما تلوح به المعارضة الاوكرانية التي تواصل حشد المؤيدين لها وبتمويل سافر من الخارج في اطار محاولاتها الاطاحة بالنظام القائم. ولعل ذلك ما يدركه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي كان اكثر وضوحا وحسما في موقفه من هذه التوجهات.وكان بوتين اعلن عن ادانته لسياسات الاتحاد الاوروبي تجاه اوكرانيا, فيما اتهم الدوائر الاوروبية بممارسة الضغوط عليها وابتزازها من خلال تاليب الجماهير وبذل المحاولات لدفعها الي التظاهر والاحتجاج. وتعليقا علي ما يقال بشان ضغط موسكو علي كييف قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ختام مباحثاته مع انريكو ليتا رئيس الوزراء الإيطالي:ان فتح الحدود الأوكرانية مع الاتحاد الأوروبي في ظل التجارة الحرة مع روسيا يمكن أن يدمر قطاعات كاملة للاقتصاد الروسي كصناعة السيارات وصناعة الطائرات والقطاع الزراعي.واضاف قوله ان بلاده لا تستطيع أن تدفع هذا الثمن لتنال إعجاب الاتحاد الأوروبي, فيما اكد ان روسيا ليست مستعدة بعد لفتح ابوابها أمام السلع الأوروبية دون تحفظات.وفيما انتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وعود الغربيين بمساعدة المعارضة وتمويلها ومحاولات اشعال نيران ثورة برتقالية جديدة, اعترف رئيس الحكومة الاوكرانية نيكولاي ازاروف ان قرار حكومته حول تعليق الانضمام إلي التجارة الأوروبية الحرة أخذ في الاعتبار القلق الروسي. وكانت مصادر روسية كشفت عن عدم ترحيب القيادة الروسية بتوقيع مثل تلك المعاهدة بين اوكرانيا والاتحاد الاوروبي, نظرا لاحتمالات انهيار الاقتصاد الأوكراني الذي يعتمد استقراره علي التعاون الاقتصادي مع روسيا, تحت وقع تدفق السلع الأوروبية الرخيصة, التي لابد ان تتدفق عبر الحدود الأوكرانية الروسية المفتوحة.ومن جانبه اكد فلاديمير تشيجوف مندوب روسيا الدائم لدي الاتحاد الاوروبي في تصريحاته لوكالة انباء ايتار تاس عدم جواز تقرير الاتحاد الأوربي لشكل الحكومة في اوكرانيا, في الوقت نفسه الذي تحاول فيه مصادر غربية تصوير الاوضاع هناك وكانما هي, اي اوكرانيا, علي اعتاب خيار فارق بين ما تسميه بمؤسسات اعلاء القانون والحضارة من جانب في اشارة الي الاتحاد الاوروبي, وحضارة التعسف والضغوط الخارجية التي تقول ان الرئيس بوتين يجسدها من جانب آخر, حسبما اشارتواشنطن بوست. وبغض النظر عن تباين وجهات النظر ازاء تقدير سياسات كل من الاتحاد الاوروبي وروسيا حيال الجمهوريات الست التي اعربت عن رغبتها في الانضمام الي اتفاقية الشراكة الشرقية, فان الواقع يقول اننا امام صراع حقيقي حول النفوذ وملء الفراغ, تخوضه موسكو مع الدوائر الغربية منذ انهيار الاتحاد السوفييتي السابق. واذا كانت روسيا استطاعت وأد مخططات الناتو العسكرية التي استهدفت التوسع شرقا نحو حدودها الشرقية والجنوبية علي حساب مصالحها الوطنية, مثلما فعلت في ردها الحاسم علي محاولات جورجيا غزو اوسيتيا الجنوبية في الثامن من اغسطس2008, واعترافها لاحقا بكل من اوسيتيا الجنوبية وابخازيا اللتين اعلنتا انفصالهما من جانب واحد عن جورجيا, فان ما تنتهجه دوائر الاتحاد الاوروبي من سياسات وما تطرحه من وعود حول المكاسب الاقتصادية لرفاق الفضاء السوفييتي السابق, يضر عمليا بالمصالح الاقتصادية للدولة الروسية, فضلا عما قد يتبعه من متاعب عسكرية تهدد امنها القومي.ولعل ذلك ما يفسر تراجع ارمينيا شأنها في ذلك شأن اوكرانيا, عن التوقيع علي مثل هذه الاتفاقية خشية فقدان الكثير من الامتيازات التي تتمتع بها في اطار علاقاتها مع روسيا وبلدان الاتحاد الجمركي الذي يضم كلا من روسيا وقزخستان وبيلاروس التي سبق واعربت عن استعدادها لبحث الطلبات المقدمة من ارمينيا وعدد آخر من بلدان الفضاء السوفييتي السابق للانضمام الي هذا الاتحاد. وكانت دولتان فقط هما جورجيا ومولدوفا وقعتا اتفاق الشراكة الشرقيةمع الاتحاد الاوروبي, علي الرغم من مشاركة ست من الجمهوريات السوفيتية السابقة في اعمال هذه القمة, وهي اوكرانيا وبيلاروس وأرمينيا وأذربيجان الي جانب كل من جورجيا ومولدوفا.