آثارالاتفاق الذي وقعته ايران والدول الست الكبري( الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا والصين وروسيا وألمانيا) المعروف باتفاق جنيف النووي, العديد من التساؤلات حول ابعاده بعدما كشف عن مفاوضات سرية حول هذه الصفقة المشبوهة جرت وما تزال تجري بين طهرانوواشنطن منذ ما قبل انتخاب الرئيس الإيراني حسن روحاني في يونيوالماضي, وكانت تلك المحادثات سببا في إلغاء واشنطن ضرباتها المقررة علي سوريا, وكانت سببا لإحجام الرئيس الأمريكي عن اتخاذ إجراءات حاسمة ضد الأسد وتراجعه عن الضربة العسكرية, وهناك معلومات تفيد بتوسط روسيا في هذه الصفقة التي هي نسخة أكبر من تلك التي تمت مع الأسد في سوريا, وتوسطت فيها روسيا أيضا. وهناك مؤشرات عديدة تؤكد أن هناك صفقة أمريكية إيرانية تشكلت خيوطها وبرزت معالمها منذ ذلك الوقت, وأن اتفاق جنيف هوحلقة مباشرة اتفاق صفقة حافة الهاوية الذي له بعدين رئيسيين: الأول, علني, حول البرنامج النووي الإيراني وبروتوكول التفتيش عليه, ويشمل وقف تخصيب اليورانيوم فوق نسبة5 % مقابل تخفيف محدود للعقوبات المفروضة علي إيران, والثاني, التفاهم السياسي الإقليمي السري( المكتوب أو غير المكتوب) من خلال المحادثات السرية التي جرت حول تقاسم النفوذ في المنطقة وحل القضايا الشائكة وخاصة فيما يتعلق بالوضع في أفغانستانوالعراقوسوريا ولبنان والخليج العربي, كما يحدد هذا الاتفاق طبيعة دور إيران الإقليمي, وتحديد موقف أمريكا تجاه الهلال الشيعي, وبصفة خاصة الصراع بين السنة والشيعة, وتشير المؤشرات من داخل واشنطن إلي أن الرئيس أوباما والعديد من المسئولين بادارته موافقون علي النفوذ الإيراني في المنطقة مقابل هذه الصفقة التي تحفظ ماء الوجه للطرفين وتجنب واشنطن المغامرة بالحرب ضد طهران. وهناك عدة أسباب في تقدير البيت الأبيض دفعته الي ابرام هذه الصفقة مع طهران أولها عدم قدرة الولاياتالمتحدة علي استيعاب أوتحمل تبعات أي ضربة عسكرية لإيران لذا لجأت واشنطن لابرام هذه الصفقة في ظل تصورأمريكي بأن الأطراف المتضررة من هذه الصفقة( دول الخليج ومصر واسرائيل) لن تقدم علي أي عمل يهدد المصالح الأمريكية. وثانيها, أن واشنطن رأت في هذا الاتفاق فرصة جديدة لتحقيق نصرعظيم من وجهة نظرها في الشرق الأوسط مع تلاشي كل الآمال القديمة في الفوضي الخلاقة وخطط اعادة تشكيل خريطة المنطقة, فالصفقة الكبري مع إيران من شأنها أن توقف البرنامج النووي الإيراني غير السلمي, وتدمج إيران في النظام الإقليمي وتضع حدا للأزمة التي أعاقت السياسات الأمريكية في المنطقة منذ انهيار تحالفها القديم مع إيران في عام1979. وبما يضع حدا للمشكلات الأمنية التي تورطت فيها واشنطن بكل من العراقوأفغانستان, ويبدو أن مفاتيح حل تلك المشكلات أصبح بيد إيران بحكم موقعها بين الدولتين وبحكم نفوذها في العراق وقدرتها علي التأثير في أفغانستان. هذا الاتفاق يبدو أنه تعدي حدود الصفقة إلي كابوس مزعج لدول إقليمية عديدة, فهناك قلق كبير لدي اسرائيل ومصر والسعودية من قبول الولاياتالمتحدة لاتفاق نووي يجعل إيران أقرب لامتلاك قنبلة نووية بما يخل بالتوازن الاستراتيجي بالمنطقة لصالح طهران ويضربالأمن القومي لهذه الدول, فضلا عن قلق هذه الدول من البنود غير النووية للاتفاق, الذي وصفته دوائر سياسية وأمنية خليجية أنه يشكل خطرا علي مستقبل المنطقة, بل وصفه مراقبون بأنه سيشكل سايس بيكو أمريكي غربي ايراني لتقسيم النفوذ في الشرق الأوسط بين ايرانوالولاياتالمتحدة, اذ تقوم هذه الصفقة الكبري علي مقايضة الهلال الشيعي مقابل الأسلحة النووية, بحيث تقبل الولاياتالمتحدة بالنفوذ الإيراني في العراقوسوريا ولبنان والبحرين واليمن مقابل اتفاق مقبول بشأن البرنامج النووي الإيراني.