اما الاول فكان جمال عبد الناصر حكم18 عاما بدأ في الثلاثينات من عمره ولم يأت بارادة شعبية ولكنه حكم بانقلاب عقبته تغيرات سياسية واجتماعية واقتصادية, فاصبح ثورة ونال تأييد الاغلبية من المصريين. وكان اشتراكيا قام بتمليك الدولة مصادر الانتاج وقضي علي الاقطاع الزراعي وحدد الملكية الزراعية ومصر المؤسسات والشركات الأجنبية وأمم المتاجر الكبري والمصانع وأقام العديد من الصناعات الاستراتيجية كالحديد والصلب. وكان منحازا للفقراء والعمال والفلاحين. وزع الارض الزراعية علي المعدمين من الفلاحين وبني المساكن الاقتصادية وحدد ايجارات المساكن واصدر قانون التأمين الصحي وحدد نسبة50% عمال وفلاحين اعضاء في مجلس الشعب. اما ثاني الرؤساء فكان انور السادات وحكم11 عاما وهو في اوائل الخمسينات من عمره ولم يأت بارادة شعبية ولكنه حكم بالصدفة عقب وفاة جمال عبد الناصر وكان نائبه فلم ينافسه احد. ولا غرابة في انقلابه علي رموز حكم عبد الناصر فلم يسبق لرئيس اي دولة ان حكم برجال الرئيس الذي سبقه. وكان رأسماليا يؤمن باقتصاد السوق وفتح باب الاستيراد لتمتليء البلاد بمنتجات المصانع العالمية من سيارات واجهزة كهربائية واجهزة الكترونية وملابس ومنتجات غذائية. واصدر قانون الاستثمار بحوافز( لاستصلاح واستزراع الاراضي والانتاج الداجني والسمكي والنقل الجماعي والخدمات البترولية وانشاء المستشفيات والمراكز الطبية). واحدث انفراجة سياسية باقامة منابر لليمين واليسار. وقد بدأت هذه السياسات بعد نصر اكتوبر واحلال السلام والبحث عن الاستقرار. اما الرئيس الثالث فكان حسني مبارك وكان في اوائل الخمسينات من عمره وجاء ايضا بالصدفة لمقتل السادات وكان نائبه ولم ينافسه احد. وفي الواقع ان تولي الحكم بالصدفة يجعل الحاكم يشعر في قرارة نفسه انه غير مدين للشعب ويصبح ميالا للتسلط والانفراد بالرأي خصوصا مع وجود المنافقين حوله. قام مبارك بتركيز السلطة والنفوذ في دائرة تتكون منه ومن عائلته وكبار رجال الحزب الوطني وبعض رجال الاعمال ثم اخذ الجميع في البحث عن الثروة وكان الطريق الوحيد للحصول عليها لا يتم إلا عن طريق دائرة السلطة التي سيطرت علي الحكم ثلاثة عقود مستمرة بواسطة قانون الطوارئ ومباحث امن الدولة وانتخابات مزورة, وتمديد فترة الحكم. واتاح تعطيل اجهزة الرقابة وصدور قوانين الخصخصة واتباع سياسات صندوق النقد الدولي وفتح الباب للاستثمار بدون ضوابط, شيوع جميع انواع الفساد واختفاء العدالة الاجتماعية. وفي25 يناير خرجت طلائع الشباب المثقف وتبعها جموع الشعب المصري تنادي بسقوطه وفي موقعة الجمل تم هزيمة الشرطة نهائيا وانسحبت من كل مكان بعد ان استخدمت جميع الاسلحة من غازات وقنابل ورصاص وكان حصيلة مصابي الثورة نحو من1000 قتيل و6000 مصاب وكان ان سقط مبارك في ثورة شعبية في11 2 .2011 اما الرئيس الرابع فهو المجلس الاعلي للقوات المسلحة الذي تولي ادارة شئون البلاد بقرار مبارك الذي اعلن فيه تخليه عن منصبه للمجلس الاعلي للقوات المسلحة. واتصف قرار مبارك بالعناد والشر فلم يتخل عن منصبه لنائبه او لرئيس المحكمة الدستورية ولكنه تخلي للمجلس الاعلي لتوريطه في محاربة الثوار ولضمان حمايته هو واسرته ولكن الجيش لم يطلق رصاصة واحدة. وحينما طالب الثوار بمحاكمة مبارك أحاله المجلس للقضاء المدني التي تطول اجراءاته ويحكم بالادلة المادية التي لا تتوافر في جرائم قتل المتظاهرين, بدلا من احالته للقضاء العسكري الذي يحكم بالوقائع وبسرعة. وبهذا انتقلت السلطة مباشرة من مبارك الذي سقط الي المجلس الاعلي ولم تنتقل للثوار الذين اسقطوا مبارك وبعد ذلك حصل المجلس علي موافقة الشعب علي توليه السلطة في الاستفتاء علي التعديلات الدستورية في2011/3/9 وبمرور الوقت وضح وجود فروق طبيعية بين رغبة الثوار واداء المجلس العسكري, فالثوار يريدون تغير كل شئ بقرارات ثورية اشبه بما حدث في ثورة يوليو1952 التي قادها شباب الضباط فطالب الثوار بسرعة تغير الاشخاص والقوانين واجراء محاكمات رموز العهد السابق والقضاء علي التفاوت الشديد في الدخول والمرتبات ولكن المجلس العسكري بطبيعته العسكرية يلتزم بالقانون والضبط والربط واطاعة الاوامر, والنظام العسكري لا يمارس السياسة وليس فيه تعدد الاراء والديمقراطية طالما ان واجبه الاساسي مواجهة الموت دفاعا عن الوطن. ومع ذلك ولايمان الجميع من المجلس العسكري الي جموع الشعب بان الديمقراطية هي الحل اقبل الشعب علي انتخابات نوابه في2011/11/28 بصورة لم تحدث من قبل. ولا غرابة في تقدم احزاب اليمين واليمين المتطرف ولا اقول التيار الاسلامي لان الاسلام ينص علي الشوري اما هم فقد اقسموا علي السمع والطاعة لكبيرهم وهو مبدأ فاشي يتنافي مع الاختيار الحر والشوري. اما تقدمهم في الانتخابات فهو رد فعل لما لاقوة من الاضطهاد والتهميش في مصر لعقود طويلة. وعموما فان الشعب المصري ينتصف للمظلوم ثم يحاسبه علي ادائه. فالشعب يختار نوابه ليحققوا مصالحه وينفذوا ارادته اما اذا خيل لاحد انه جاء ليفرض رأيه علي الناس فمآله السقوط في الانتخابات القادمة, بعد ان اصبحت السيادة للشعب وليست لفرد او جماعة وليفهم النواب اننا في مجلس الشعب معنيون بامور دنيانا اما ديننا فلا شأن لاحد به. المزيد من مقالات د.الصاوى محمود حبيب