ستظل مدينة شرم الشيخ هي درة التاج في مدن مصر السياحية.. فهي التي كانت ومازالت- مع الغردقة- تحمل شعلة سياحة الملايين في مصر, وأسهمت في نقل مصر إلي مصاف دول الملايين من السياح. وفي شرم الشيخ أيضا, كانت منطقة خليج نعمة هي نقطة الضوء المتوهجة التي كان لها الفضل في تسويق شرم الشيخ سياحيا إلي كل دول العالم. من هنا تكتسب منطقة خليج نعمة اهتماما خاصا بضرورة استمرارها بالشكل الجميل المتوهج الذي كانت عليه باعتبارها أحد معالم شرم الشيخ سياحيا, الذي يسعي إليه الجميع رغم وجود منافسة قوية من أماكن بديلة هناك, مثل سوهو سكوير, ذلك المكان العصري الرائع حاليا. من هنا كان اهتمامنا علي هذه الصفحة بمنطقة خليج نعمة, وكان مقالنا في9 مايو الماضي عنها تحت عنوان رقص الرجال.. وفساد الأمكنة, والذي طالبنا فيه بإزالة كل الظواهر السلبية التي تهدد جمال خليج نعمة من تحرش وأصوات وأضواء مزعجة ومخالفات عديدة للكافيهات, مثل رقص الرجال بملابس النساء. وتواصلا مع مقال الخميس الماضي, اتصل بنا عدد من الشباب في خليج نعمة, يشتكون من أن الحملة ضعيفة, ومن أن البعض يعود للمخالفات فور انتهاء الحملة, ويطالبون بضرورة استمرار حملة إزالة المخالفات بكل قوة وبدون تهاون وبدون مجاملة لأحد, فالكل سواء أمام القانون. ونحن بدورنا نناشد السيد المحافظ اللواء خالد فودة بالاستمرار في حملة تطهير خليج نعمة بكل قوة, والاستجابة لهذا الشباب الوطني, لأن الهدف هو إنقاذ سمعة السياحة في خليج نعمة وفي كل شرم الشيخ, وهو ماأكده لنا السيد المحافظ عقب مقال الخميس الماضي من أن الحملة مستمرة في خليج نعمة وكل شرم الشيخ. واستمرارا للاهتمام بشرم الشيخ, وحول القضية نفسها, تلقينا هذه الدراسة من الدكتورة عادلة رجب, المستشار الاقتصادي لوزير السياحة هشام زعزوع والمشرفة علي وحدة الحسابات الفرعية للسياحة, والتي ننشرها حتي يعرف الجميع قيمة شرم الشيخ وأهمية المحافظة عليها.. تقول فيها: السيد الأستاذ/... يطيب لي أن أرفق لسيادتكم دراسة مختصرة عن مدينة شرم الشيخ, المقصد السياحي الجميل في مصر, كرد فعل للمقال المهم والممتاز الذي نشرته في العدد الماضي من صفحتك المهمة سياحة وسفر في جريدة الأهرام, والتي ناقشت فيها موضوعا في غاية الأهمية والتأثير علي مستقبل السياحة المصرية, وهو موضوع التحرش وإساءة المعاملة والفوضي والفساد الذي بدأ ينتشر في المجتمع هناك, مما سينعكس علي الجميع سلبيا. وقد دفعني ذلك لتبني توضيح أهمية وفائدة هذه المدينة الجميلة شرم الشيخ علي العاملين فيها وعلي المجتمع ككل, فقامت وحدة الحسابات الفرعية في وزارة السياحة بعمل رؤية للموقف وأهميته في الوضع الراهن. سيدي الفاضل.. هذا الجهد المتواضع ليس من إنتاج شخص واحد, ولكنه فريق عمل يضم مجموعة من المتخصصين في السياحة والاقتصاد والإحصاء والحسابات القومية بوحدة الحسابات الفرعية بالوزارة. تقول الدراسة.. تعتبر مدينة شرم الشيخ أشهر مقصد سياحي في سيناء, تطور فيها النشاط السياحي بدرجة كبيرة في السنوات الأخيرة, مما جعلها أكثر تميزا في الجذب السياحي. فقد تحولت الصحراء الشاسعة والجبال الشاهقة إلي مدينة عصرية خلال عشر سنوات فقط, ولهذا تأهلت للفوز بجائزة اليونسكو, كما تم اختيارها ضمن خمس مدن سلام علي مستوي العالم من بين400 مدينة عالمية. وعلي الرغم من الأحداث المتتالية منذ ثورة52 يناير1102 والتي كان لها أثر مباشر علي الحركة السياحية في مصر بوجه عام وفي القاهرة بوجه خاص, إلا أن مدينة شرم الشيخ هذه المدينة السياحية الجميلة ظلت تتربع علي عرش المقاصد السياحية الجاذبة في مصر وأيضا محل اهتمام كثير من التقارير الصحفية العالمية والتي تصفها بأنها درة التاج بين المقاصد السياحية في مصر. كما نجد أن الموقعtripadvisor الإلكتروني والذي يعد موقع السفر الأول في العالم, كما أنه حاليا من أول مصادر المعلومات التي يلجأ إليها من يخططون للسفر إلي مقصد سياحي تضمن نحو48645 موضوعا عن شرم الشيخ في نحو2433 صفحة مما يؤكد أهمية هذا المقصد بل واهتمام السائحين به. وغني عن البيان أن مدينة شرم الشيخ تعتمد كليا علي النشاط السياحي, إذ كل مقوماتها الاقتصادية من بنية اساسية, وطرق, وفنادق ومنتجعات وأنشطة سياحية أخري ذات صلة وبنوك وكذلك ما تتمتع به من مقومات ذات طابع اجتماعي كالمستشفيات والمدارس وغير ذلك, كلها تعمل لتوفير متطلبات القطاع السياحي سواء سائحين أو مقدمي الخدمات لهذا القطاع. هذا, وقد أكدت الأرقام ان مدينة شرم الشيخ تستقبل ما يقرب من ثلث حركة السياحة الدولية الوافدة إلي مصر, كما تستحوذ علي نحو23% من إجمالي الطاقة الفندقية القائمة في مصر, وهذه يمكن ترجمتها في صورة فرص عمل إلي نحو172 ألف فرصة عمل مباشرة في الأنشطة السياحية الرئيسية والثانوية في مدينة شرم الشيخ( نتائج الحسابات الفرعية للسياحة), وذلك بخلاف فرص العمل غير المباشرة وهي تلك الأعمال الناشئة في القطاعات المغذية أو المرتبطة بالقطاع السياحي نتيجة زيادة الإنفاق السياحي, كما لاننسي ان كل ما تقدم ينشأ عنه فرص لعمل المستحثة والتي تنشأ في الاقتصاد نتيجة لإنفاق العمالة السياحية علي مستلزمات ومتطلبات الحياة اليومية في سلع وخدمات غير سياحية. ومن ثم تمثل دخلا لقطاع عريض في المجتمع وأي خلل من شأنه حرمان هؤلاء من الحصول علي قوت يومهم. كذلك من ناحية الإيرادات السياحية, فقد لوحظ من المؤشرات المحسوبة طبقا لمتوسطات إنفاق السائح في الليلة أن نحو16% من إجمالي إيرادات السياحة الوافدة إلي مصر تتولد في مدينة شرم الشيخ. وهذا يعني أن هذه المدينة قد ساهمت بما يقرب من4.3 مليار دولار حصيلة الإيرادات السياحية, هذا بالإضافة إلي العائدات الأخري المتولدة من سياحة المصريين خاصة خلال الإجازات والأعياد لما تشكله لديهم من مقصد مرغوب فيه ومحبب للسياحة العائلية. أما من حيث مساهمة هذه المدينة في الناتج المحلي الإجمالي, فنجد ان نشاط السياحة الوافدة في مدينة شرم الشيخ لعام20102, قد ولد قيمة مضافة في الاقتصاد القومي تقدر بنحو7 مليارات جنيه مصري تتوزع كالتالي:(32% أجور ومرتبات العاملين,6% ضرائب علي الإنتاج,62% فائض تشغيل والدخل المختلط) كل ذلك نتيجة لما حققه أصحاب الأعمال من أرباح انعكست علي مستوي معيشة الأفراد في مدينة شرم الشيخ وفي محافظة جنوبسيناء بصفة عامة. وقد أكدت بيانات تقرير التنمية البشرية في مصر لعام2010 الصادر عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة ومعهد التخطيط القومي أن محافظة جنوبسيناء تأتي في المرتبة الثانية في مصر من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي, كما أشار بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك لعام2011/2010 والذي اجراه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء عام.2011 إلي أن محافظة جنوبسيناء جاءت كواحدة من أقل المحافظات المصرية من حيث عدم القدرة علي الحصول علي الاحتياجات الاساسية من المكون الغذائي والمكون غير الغذائي, حيث بلغت نسبة عدم القدرة علي توفير الحاجات الاساسية نحو7% فقط في حين وصلت هذه النسبة في محافظات أخري إلي69%. كل ما تقدم يدل علي أهمية السياحة لهذه المحافظة ولمدينة شرم الشيخ من ناحية, كما يؤكد دور السياحة في توفير فرص عمل وتحقيق معدلات ربحية لأرباب الأعمال تحقق الدولة ضرائب علي الدخل وضرائب مبيعات إذا ما انتعشت السياحة واستعادت مكانتها. فإذا كانت السياحة عانت في شرم الشيخ عقب يناير2 من انخفاض الحركة السياحية انخفاضا ملحوظا من حيث اعداد السائحين الوافدين, حيث تراجعت نسب الإشغال الفندقي من79.5% عام2010 إلي49.4% عام2011, والذي انعكس بدوره علي جميع المؤشرات السياحية النقدية وغير النقدية بالانخفاض بنسبة40% تقريبا خلال عام2011, إلا أن السياحة نتيجة للجهود التي بذلتها وزارة السياحة مع صمود القطاع الخاص السياحي وإصراره علي أن استرجاع معدلات التدفق السياحي السابقة في مدينة شرم الشيخ نجحت في أن تثبت مكانتها بين المقاصد السياحية المنافسة وتستعيد جزءا من الحركة السياحية الوافدة لتصل معدلاتها تدريجيا إلي نحو3 ملايين سائح بزيادة قدرها24% تقريبا كما تؤكده بيانات عام.2012 هذا الأمر الذي تطلب حملات تسويقية وترويجية والوجود في المعارض الدولية وطرق جميع الأبواب التي تجذب السياحة, إلا أن هذا وحده لايكفي إذ يستدعي وجود رسالة إعلامية ايجابية لمصر بوجه عام ولشرم الشيخ بوجه خاص, بالإضافة إلي تضافر جميع الجهود الحكومية, هذا فيما يتعلق للجانب المؤسسي. ويبقي جانب علي درجة عالية من الأهمية وقد تطرقت إليه في مقالكم, وهو الذي يرتبط بالبشر والأفراد في مجتمع شرم الشيخ. إذ ان نجاح أي مشروع يستلزم حب القائمين عليه له ومحافظتهم عليه, كما يستلزم رفع الوعي السياحي لدي المجتمع المضيف وعدم القيام بأي من الممارسات السلبية التي تؤثر علي انطباع السائح وتجربته في زيارة هذه المدينة كما جاء في مقالكم المهم الأسبوع الماضي, فمثل هذه الممارسات التي ذكرتها في مقالك لها تأثير سلبي علي إدراك السائح للصورة الذهنية لشرم الشيخ كأحد أهم المقاصد السياحية المصرية. هذا بدون شك لن يهدد سكان مدينة شرم الشيخ بفقدان المورد الأساسي للدخل في المدينة فحسب ولكن قد يحرمهم من السياحة التي توفر نقدا أجنبيا لمصر ومن حصيلة الضرائب التي تمثل جزءا مهما في إيرادات الدولة. لذا فالأمر يحتاج إلي دعم وتضافر جميع أجهزة الدولة مع المجتمع المضيف لرفع وعيه بخطورة الممارسات التي أشرتم إليها والتأكيد علي أن تبعاتها ستدفع بالهروب من هذا المنتجع السياحي العالمي. د. عادلة رجب المستشار الاقتصادي للسيد وزير السياحة المشرف العام علي وحدة الحسابات الفرعية للسياحة * ليس لدينا ما نعلق به علي هذه الدراسة المهمة سوي أن نناشد السيد المحافظ خالد فودة الاستمرار في حملة إزالة المخالفات وتطهير خليج نعمة وكل شرم الشيخ بقوة واستمرارية ،وكذلك نناشد كل المواطنين والمقيمين في شرم الشيخ ضرورة الحرص علي التعاون مع أجهزة المحافظة والدولة في الحفاظ علي اسم وسمعة شرم الشيخ.