تشهد جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض, اليوم, أعمال مؤتمر مجمع الفقه الإسلامي الدولي والذي يعقد دورته الحادية والعشرين بمشاركة المجامع الفقهية ودور الإفتاء العربية والإسلامية. وتشارك دار الإفتاء المصرية في أعمال المؤتمر ببحث للدكتور مجدي محمد عاشور المستشار الأكاديمي لمفتي الجمهورية عن حكم تجسيد الأنبياء والصحابة في الأعمال الفنية. وقال الدكتور مجدي عاشور, إن مشاركة دار الإفتاء تأتي انطلاقا من حرصها علي التواصل مع كل المؤسسات الإسلامية وتبادل الخبرات والاطلاع علي كل المستجدات في مختلف الأمور, وقناعتها بأن فن التمثيل في العصر الحاضر صار ملامسا لحياتنا اليومية علي قدر كبير, مما جعل له قدرة كبيرة علي التأثير علي قناعات المشاهدين العامة والخاصة واهتماماتهم, وبالتالي فلا بد من وضع أطر وضوابط لكل ما يعترض طريقه من مشكلات شرعية ترشيدا لمسيرته. وأوضح عاشور أن حكم التمثيل من الأساس حكم مختلف فيه بين الفقهاء المعاصرين حيث حرمه البعض علي إطلاقه كالعلامة المحدث أحمد بن الصديق الغماري, وهو ما ذهبت إليه اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية, وبين مبيح له بضوابط يجب مراعاتها شكلا وموضوعا كالعلامة الشيخ حسنين محمد مخلوف مفتي الديار المصرية سابقا, والإمام الأكبر الدكتور عبد الحليم محمود, والإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق, والشيخ عطية صقر, وهو ما ذهبت إليه دار الإفتاء المصرية, ولجنة الفتوي بالأزهر الشريف. وعن حكم تجسيد الأنبياء أكد عاشور أن بحثه توصل في النهاية لعدم جواز تجسيدهم في أعمال فنية مراعاة لعصمتهم ومكانتهم, فهم أفضل البشر علي الإطلاق, ومن كان بهذه المنزلة فهو أعز من أن يمثل أو يتمثل به إنسان, بل إن الشرع الشريف نزه صورهم أن يتمثل بها الشيطان حتي في المنام.. ولفت عاشور إلي أن بحثه بهذا الحكم متبع لقرارات لجان الفتوي الرسمية في فتاواها الصادرة عنها, وكذلك المجامع العلمية الشرعية في قراراتها المنبثقة عن اجتماعاتها, ومنها مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف, وهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية, والمجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة التابع لرابطة العالم الإسلامي, ودار الإفتاء المصرية في عدة فتاوي لها خاصة بهذا الشأن, ولجنة الفتوي بالأزهر الشريف, واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية في عدة فتاوي لها صادرة في هذا الشأن. أما عن تجسيد الصحابة فقال عاشور إن الأمر مختلف فيه, حيث إن هناك مجامع وهيئات إسلامية أفتت بعدم الجواز مطلقا في تجسيد أي من الصحابة, ومنها هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية, والمجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة التابع لرابطة العالم الإسلامي, واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية في عدة فتاوي لها صادرة في هذا الشأن. وفي المقابل يؤكد عاشور أن هيئات ومجامع أخري أفتت بإباحة تجسيد الصحابة رضي الله عنهم بضوابط, ومن هذه الهيئات والمجامع مجمع البحوث الإسلامية مستثنيا من إباحته العشرة المبشرين بالجنة, وأمهات المؤمنين وبنات النبي صلي الله عليه وسلم وآل البيت الكرام, كالسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام, وولديها الحسن والحسين, وابنتها السيدة زينب, فلا يجوز تمثيلهم بحال, لما لهم من مكانة عظيمة وسابقة في الإسلام. وأكد عاشور أن بحثه وافق هذا الرأي لتضافر الأدلة علي عظيم فضل هؤلاء الصحابة, لافتا إلي أن تمثيل أدوار بقية الصحابة جائز بضوابط.