بعد مضي أكثر من عامين علي آخر زيارة لمسئول مصري رفيع المستوي للإمارات, إستقبلت أبوظبيودبي الأيام الماضية, الدكتور حازم الببلاوي رئيس الوزراء يرافقه وفد وزاري كبير يعكس خصوصية العلاقات المصرية الإماراتية التي إستعادت مسارها الطبيعي بعد ثورة30 يونيو, ثم الرئيس عدلي منصور. وتؤكد الأجواء التي أحاطت بزيارة رئيس مجلس الوزاء ورئيس الجمهورية, والنتائج التي أسفرت عنها المباحثات مع القادة الاماراتيين, الاهتمام المشترك ببدء شراكة استراتيجية بين البلدين, تقوم علي علاقات تاريخية متميزة, ومصالح مشتركة بلا حدود. تأكيدات قادة الامارات للمسئولين المصريين أن بين البلدين فضاء رحبا من العلاقات الأخوية بكل ما للكلمة من معني عبرت بوضوح عن ما تحظي به مصر من مكانة لدي الامارات, خاصة مع اشاراتهم الي ثقل مصر ودورها العربي الرائد وعمق حضارتها عبر آلاف السنين. وارتباطا بهذا التقدير الاماراتي لمصر جاء تأكيد الثقة في أن المتغيرات التي تشهدها الساحة السياسية في مصر تبعث الثقة والتفاؤل بأبنائها الأوفياء والمخلصين لبلدهم بما يكفل لها الحفاظ علي دورها الريادي والمحوري وتجسيد عمقها الاستراتيجي بين أشقائها في الوطن العربي. وتأكيدا علي عمق العلاقات المصرية الاماراتية استحوذ الملف الإقتصادي علي الجانب الأكبر من المباحثات حيث جري إستعراض مجالات التعاون بين البلدين في ضوء حزمة المساعدات المالية التي تقدمها الإمارات والتي تتجاوز3 مليارات دولار إضافة إلي المشروعات الاستثمارية التي سيتم تنفيذها خلال الفترة القادمة وتحظي بمتابعة متواصلة من وزير الدولة الإماراتي الدكتور سلطان الجابر, الذي يتولي هذا الملف بشكل مباشر عبر زيارات متتابعة لمصر كان آخرها مشاركته في افتتاح مستشفي الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بمنطقة منشأة ناصر, الذي بلغت تكلفته270 مليون جنيه بتمويل من صندوق أبو ظبي للتنمية. ويشير المراقبون إلي أن مستقبل العلاقات بين مصر والإمارات يبدو واضحا من واقع العلاقات في الوقت الحاضر, فأبوظبي أضافت موقفا تاريخيا جديدا الي مواقفها التاريخية السابقة في دعم ومساندة القضايا المصرية, فموقف القيادة الامارتية في دعم مطالب الشعب المصري التي خرج من اجلها في ثورة30 يونيو, يستدعي من الذاكرة موقفها المشهود خلال حرب اكتوبر, فإلي جانب دعم الاقتصاد المصري, القت الامارات بكامل ثقلها السياسي لدعم ثورة يونيواقليميا ودوليا, فكانت الزيارات الاماراتية رفيعة المستوي الي القاهرة, عنوانا كبيرا لهذا الدعم المطلق وغير المحدود, وانتصارا لما يحمله الشعب الاماراتي الشقيق لمصر من حب صادق وتقدير كبير, باعتبارها الشقيقة الكبري لجميع العرب. وتدرك الإمارات أهمية إستعادة مصر لدورها العربي علي الساحتين الإقليمية والدولية بإعتبارها إضافة الي الأمن القومي العربي, وهو ما أكد عليه الفريق أول الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلي للقوات المسلحة حينما أشار إلي أن الإمارات تشعر بالإرتياح لعودة الأمن والاستقرار لمصر, وتحترم وتقدر خارطة المستقبل التي تؤسس لعهد جديد تواصل فيه مصر دورها المهم إقليميا ودوليا. وفيما يعكس تقدير الإمارات لدور مصر في المنطقة, أوضح ولي عهد ابوظبي ان مصر قدمت الكثير للقضايا العربية والإسلامية, ولم تتوان يوما في تقديم كل أشكال الدعم والمساعدة من اجل الدفاع عن القضايا العربية.. مشيرا إلي أنه ليس من المستغرب ما نراه من تحرك عربي فاعل لدعم مصر والوقوف بجانبها. الإهتمام الإماراتي بآفاق العلاقات المصرية الإماراتية عكس عمق الروابط بين الشعبين الشقيقين, وتحدثت التقارير الاعلامية عن الشراكة المصرية الإماراتية التي تضرب بجذورها عبر التاريخ والمصير المشترك عربيا بين الدولتين. ويؤكد المراقبون أن المستقبل يحمل آفاقا ارحب واوسعمما كانت عليه العلاقات بين البلدين في الماضي, وذلك من حيث بناء سياسات استراتيجية ثابتة وراسخة تعلي من شأن المصالح المشتركة بينهما في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية, وبما يجعلها نموذجا حضاريا للعلاقات بين الدول العربية. ويشير المراقبون إلي ضرورة العمل علي تفعيل اللجنة العليا المشتركة, وكذلك مجلس رجال الأعمال بين مصر والامارات من أجل تحقيق الطفرة المأمولة في العلاقات التجارية والإستثمارية حيث لا يتجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين حاليا1.5 مليار دولار بينما لا يتعدي اجمالي الاستثمارات الامارتية في مصر5 مليار دولار حتي منتصف العام الماضي كما يبلغ عدد الشركات الإماراتية التي تعمل في مصر حاليا حوالي550 شركة. ومن المقرر أن تساهم الامارات في تمويل بناء25 صومعة قمح جديدة في المحافظات المصرية ضمن برنامج مصر القومي وتمويل بناء10 وحدات صحية وخطين لإنتاج اللقاحات والأمصال والمساهمة في إنشاء100 ألف وحدة سكنية إضافة إلي بناء13 ألفا و500 وحدة سكنية للشباب بمدينة الشيخ خليفة والتي سيبدأ فيها العمل قريبا, وكذلك الاستثمار في زراعات القمح وتطوير مجال النسيج والمساهمة في صيانة محطات الطاقة ومشروع إنارة القري إلي جانب المشاركة في مشروع تطوير1000 قرية فقيرة علي مستوي مصر وتطوير وتحديث مزلقانات السكك الحديدية.