احزن عندما تنتهي قصص الحب والهيام والغرام بالطلاق.. وعندما تتحول الأحلام والرومانسية إلي سراب وتنقلب جنة المحبين إلي ساحة للعراك.. وتنقلب نجومهم التي تعبوا من كثرة عدها وقمرهم الذي أطالوا النظر إليه إلي مجرد كلمات بغيضة مبعثرة هنا وهناك. وهذا ماينطبق تماما علي حالة الآنسة سمر الجميلة ذات الحسب والنسب, عندما تعبت من كتابة الشعر في حبيبها وأنهكها البكاء علي الأغاني العاطفية بداية من الأغاني العربية لأم كلثوم حتي الأغاني الأجنبية ماعتقتهاش وتشهد عليها أغنيةifyougoaway إذا ذهبت بعيد الشهيرة التي كانت تبكي عليها ليل نهار, وعندما رفض أهلها زواجها من هذا الحبيب لحداثة سنه وعدم استقراره في عمل, حاولت الانتحار وأصرت علي الزواج منه دون انتظار, وفرحت لأنها تحدت الدنيا من أجله وفازت به, وماهي إلا سنوات قليلة بعد الزفاف حتي تحولت تلك الرومانسية إلي واقع مرير, عندما وجدته فقيرا وجيوبه خاوية حتي من حق العشاء, ولايقدر علي شراء الملابس حتي في موسم التخفيضات ولم تجد منها مايدفئها في عز الشتاء.. عندها جن جنونها وتحول عش الحب الهاديء إلي ساحة للشجار, وراحا يتبادلان الاتهامات ويتحاسبان من الرابح في هذه الزيجة ومن الخاسر؟! ولأن المسألة صارت بالحساب وراحت السكرة وجاءت الفكرة كما يقولون في الأمثال, ولأنها راحت تصيح في وجهه وتشده من ياقته, ومن غير حنيه قالت له: أنا تناءلت كتير, وأبدا ماكنش ليه الجوازة ديه.. رحت أتسائل أين الحب الذي كان يجمع بينهما؟!.. وهل لما الكلام القاسي إللي من غير حنان يدخل من الباب.. يخرج الحب من الشباك؟ د.أحمد خيري حافظ أستاذ علم النفس جامعة عين شمس يؤكد أن هناك حقيقة واقعة يجب أن يؤمن بها كل حبيبين مقبلين علي الزواج هي أن الحب لايكفي لإقامة عش زوجية أساسه متين لاتعصف به الرياح, والحب وحده لايكفي لاستقرار الحياة الزوجية ولايضمن استمرارها طول العمر, ولكنه أمر يحتاج لكثير من الفهم والصبر وإنكار الذات, والأهم من كل ذلك يحتاج لقدر وافر من الحنان الذي يجب أن تغدقه الزوجة علي زوجها بما منحها الله سبحانه وتعالي من هذه الهبة بقدر أوفر من الرجل بعشرات المرات, ومن الطبيعي أن يبادلها الزوج حنانها بحنان, فكم من امرأة أحبت زوجها ولكن لأنها فقيرة في إظهار حنانها, ولأنه فشل في تحريك مشاعرها, كان الأمر الطبيعي ألايشعر بحبها ويفشل هذا الزواج التعس البارد الخالي من الحنان- برغم استمراره في بعض الأحيان, فمن المعروف أن استقرار العلاقة بين الرجل والمرأة لايتحقق إلا بنجاح المشاعر في التواصل الحميم والاحترام المتبادل والفهم المشترك والقدرة علي تخطي الأنانية حتي يصلا إلي درجات عالية من العطاء العطاء الذي لاحدود له, ومن شروطه الأساسية أن يكون هناك توافق بين الزوجين خاصة في القيم والمباديء وفي الحياة عموما والتي نعرف بالجمال الإنساني. والزواج الذي يحميه الحنان ويحكمه المشاعر الحميمة القائمة علي القبول التام للآخر يستمر طول العمر مهما كانت نواقصه وعيوبه, والحنان يجعل من العلاقة الزوجية علاقة أبدية وتاريخية ومستمرة, ويكفي أن تجد إمرأة في سنوات عمرها المتأخرة ومع ذلك تلحظ ملامحها الجميلة المريحة لم تتغير, وذلك لأنها تغدق بحنانها علي زوجها وعلي من حولها, فمشاعر الحب وحدها لاتكفي, فهي مشاعر غير محكومة لايوجد استقرار لها.. بينما الحنان مشاعر عميقة وحميمة ومستقرة تنطق بها العين واليد وتجسدها ملامح الوجه. وأهم من الجمال..!! ويؤكد د. أحمد خيري: كما أن الحنان ليس أهم من الحب فقط في إنجاح الزواج, هو أيضا أهم من الجمال, فالجمال قد يدفع البشر إلي التجاذب وتبادل الإعجاب في بدايات التعارف, وقد يدفع كثيرا من الرجال إلي الزواج من النساء بمجرد الانبهار بجمالهن الأخاذ, ولكن معظم هذه الزيجات التي تعتمد في الاختيار علي الجمال وحده يكون مصيرها الفشل ولاتستمر طويلا, فالجمال الخالي من الحنان لايصلح أن يكون أساسا سليما أو قويا في العلاقات الزوجية الناجحة التي تبني علي عمق الشخصية وثرائها الإنساني, وعندما تتم مثل هذه الزيجات يكون أصحابها أشبه بالذين يعيشون في واحة جرداء لازرع فيها ولاماء, فهم دائمو الشكوي من العذاب الذي يعيشونه ومن افتقادهم الحنان والعطاء, وعند النظر إلي حياتهم نجدهم يفتقدون المواقف الإيجابية ودائمي الشكوي من الوحدة النفسية, بل يبكون ندما علي خطئهم في الاختيار, فجمال الحسناوات اللاتي اقترنوا بهن غالبا مايكون دون أساس روحي وبلا تفاهم أو تواصل, لذلك فهو غير قادر علي العطاء أو إغداق الحنان الذي يحتاجه الإنسان في كل مرحلة عمرية أكثر من التي قبلها, لذلك فقد عرف العلماء الجمال بأنه حالة خارجية مظهرية غالبا مايتم تجاهلها بعد فترة من الزمان تتفاوت مدتها من فرد إلي آخر, والعادة والتعود غالبا ماتقللان من قيمة كل الأشكال المظهرية وترسخ وتقوي كل ماعاداها, وماقد نراه جميلا قد يختلف في الرؤية من شخص إلي آخر, ومانعتاد رؤيته اليوم لايصبح جديدا علينا وقد نراه غير ذلك في الغد, والدليل علي ذلك أنه كثيرا مانجد امرأة في غاية الجمال لايشعر زوجها بجمالها الأخاذ بعد فترة من الزواج, فيتركها ويتزوج بإمرأة أقل منها جمالا في الشكل وربما لاتكون جميلة علي الإطلاق ولكن لديها جمالا من نوع آخر وهو جمال الروح المغلف بطاقات من الحنان, ويكون زوحها في غاية السعادة معها لدرجة تثير دهشية الآخرين.. ليتساءلوا: لماذا ترك الجميلة واختار التي تقل عنها جمالا وبدرجة ملحوظة؟, والإجابة: أن الحنان هو شيء نابع من عمق الشخصية ويمكن أن نعتبره أقوي رباط يستطيع أن يربط بين البشر بشكل عام والأزواج بشكل خاص, وهو أقوي أساس يمكن أن تبني عليه معظم الزيجات الناجحة السليمة, ولذلك غني عبد الوهاب من قبلنا عشق الروح مالوش آخر.. لكن عشق الجسد فاني. وأهم من المال..! ويؤكد د. أحمد خيري أن الزواج الذي يكون أساسه الحنان أقوي وأرسخ من الزواج الذي يعتمد علي الطمع في المال, فكثير من الأزواج الذين ارتبطوا بزوجات لاتربطهم بهن أي عواطف طمعا في مالهن, نجدهم في المقاهي مع أصدقائهم لوقت متأخرمن الليل هاربين من بيوتهم الباردة التي يغلفها الصقيع والخالية من دفء وحنان الزوجات, وهو نفس ماينطبق علي حال الزوجات, وليس أبلغ من تحذير أجدادنا لمثل هذا الزواج عندما قالوا: ياواخد القرد علي ماله.. يروح المال ويفضل القرد علي حاله, فالمال قد يكون له جاذبيته الأولي في اختيار الرجل لزوجته أو العكس, وقد يكون مهما في مرحلة عمرية ما, ولكنه لايقيم بيوتا زوجية ناجحة ولايوطد عمقا في التواصل بين الأزواج, لذلك نجد معظم الزيجات التي تقوم علي الطمع في المال غالبا ماتنتهي بالفشل والانفصال بمجرد إشباع الحاجة الاقتصادية للزوج أو للزوجة. ومن هنا يوصي د. خيري النساء فيقول: إجعلون بيوتكن مفرخة كبيرة للحنان يسودها المحبة والمودة والهدوء والتوافق, ولأن المرأة أجمل مخلوقات الله بحنانها وعطائها فيجب أن تعطي بقدر أكبر مما تأخذ, من أجل ذلك خلقها الله, ولتعلم أن أسرتها هي قلعتها الحصينة فلتحافظ علي قلعتها حتي لاتسقط في أيدي الأعداء والمغرضين.. ولايوجد حماية لها أفضل من احتضان أسرتها وبذل مزيد من الحنان والاهتمام, فحين يتحول المنزل إلي واحة من الحنان يصبح البيت جاذبا ويصبح العالم الخارجي طاردا, ويكفي أن يقول الزوج لأصدقائه ومعارفه: أصبحت لاأجد راحتي إلا في بيتي, وهناك معادلة تعرفها كثير من الزوجات اللاتي يتسمن بالذكاء تقول: زوجة حنونة في بيت دافي= حياة زوجية سعيدة تستمر طول العمر.