ماذا تفعل الزوجة إذا وجدت زوجها يتحدث مع سيدة أخري ويتواصل معها, ويتبادل الأخبار والصور الشخصية عبر غرف الشات المغلقة أو الفيس بوك؟ وهل يجوز للأزواج والزوجات إنشاء صداقات مع الغرباء عبر الانترنت؟ علماء الدين يؤكدون أن استخدام الأزواج والزوجات ل الفيس بوك يجب أن تحكمه ضوابط شرعية, وأن الشرع حرم إفشاء الأسرار الزوجية ونقل ما يحدث داخل البيت, وانه لا تجوز المحادثة الإلكترونية بين رجل وامرأة كل منهما أجنبي عن الآخر إلا في حدود الضرورة, لما في ذلك من فتح لأبواب الشر ومدخل من مداخل الشيطان وذريعة للفتنة والفساد. ويحذرون الأزواج من الوقوع فريسة لمبادرات الصداقة المجهولة عبر الفيس بوك وغرف الشات حتي لا يقعوا فريسة للآخرين. يقول الدكتور سعيد عامر, أمين عام لجنة الفتوي بالأزهر الشريف, لما كانت الحياة الإنسانية لا تستغني عن التعاون بين الرجل والمرأة, لم يمنع الإسلام من محادثة الرجال النساء والعكس ومخالطتهم أحيانا, لضرورة تقتضي ذلك, ولكنه ألزم الرجل والمرأة بعدة توجيهات تهدف إلي حسن التربية علي الأخلاق والآداب التي تحفظ علي الإنسان عرضه وكرامته وتصون العرض والشرف وتبتعد عن مواطن التهمة والريبة, ومن هذه التوجيهات: الجدية في القول, علي أن تكون المحادثة بين الشاب والفتاة( رجل وامرأة) فيما فيه نفع, وأن يكون بلا ترقق في الكلام, خاصة من المرأة للرجل, فيجب أن تكون المرأة حذرة كل الحذر في كلامها وأن تنتقي الألفاظ بعناية, قال الله تعالي:( فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا) والجدية في المظهر والسلوك في أثناء المحادثة, فيجب علي المرأة ستر بدنها أمام الأجانب عنها, وأن تبتعد عن التبرج الذي يؤدي إلي الفساد وهو ما يجب أن تتجنبه المرأة تماما بعدا عن الريبة ومواطن السوء, فالمرأة إذا كانت في غاية التستر لا يطمع فيها أحد, بخلاف المتبرجة, فإنه مطموع فيها, قال تعالي:( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن) كما يجب الحذر من اتباع خطوات الشيطان, فهو عدو للإنسان قال تعالي:( ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) فالشيطان يزين المرأة في نظر الرجل ويزين كذلك الرجل في نظر المرأة, ويخطو بهما خطوات حتي يصل بهما إلي ما لا تحمد عقباه. جائز بشروط أما الدكتور أحمد حسين, وكيل كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر, فيحذر من خدش الحياء وما يحدث في غرف الشات المغلقة ومنها( الإسكاي بي والهوتميل أو الماسنجر) فهي وسائل حديثة, من السهل استخدامها في الخير, أو الشر, وعلينا أن نرشد أبناءنا وبناتنا, وأن نكثف الرقابة من بعيد عليهم, حتي لا تسول لهم أنفسهم أو يغريهم الشيطان فيقعوا في الذنب والإثم. وأكد أن العلاقات الإنسانية بين الناس والتواصل بين بعضهم بعضا أمر مندوب إليه, خصوصا إذا دعت إلي ذلك حاجة أو أدت إليه ضرورة, خصوصا إذا كان في إطار من الآداب والأخلاق, أما ما انتشر بين الشباب من الاتصال وأدوات التكنولوجيا الحديثة, فإن هذا أمر يكتنفه الجواز في إطار الآداب والأخلاق العامة, خصوصا إذا كانت موضوعات النقاش موضوعات علمية أو أدبية أو اقتصادية...الخ) أما إذا تطرق الطرفان إلي صميم العلاقات الشخصية, فإن الحديث في مثل هذه الأشياء التي لا تدعو إليها ضرورة وليس هناك سابق معرفة بين الطرفين قد يؤدي إلي الخروج علي الأخلاق والآداب, أما الحديث في أمور العمل فلا بأس به, ويسمي( الحديث العام) بعكس الدخول إلي الخصوصيات, وتبادل أرقام التليفونات, فهذا لا يجوز شرعا, لما يترتب عليه من مآثم لا تحمد عقباها, والنبي, صلي الله عليه وسلم, حينما نهي عن خلوة الرجل بالمرأة, إنما منع ذلك لما يؤدي إليه من وقوع في الخطيئة وما يجر إليها, فإذا كانت هذه المحادثات تؤدي إلي النتيجة نفسها فإنها تكون محرمة حينئذ. الأسرار الزوجية من جانبه يقول الدكتور صابر أحمد طه عميد كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر, إن الأسرار الزوجية أمانة بين الزوجين, فلا يجوز للزوج أن يخرج أسرار بيته, أو أسرار زوجته للغير, وكذلك الزوجة, لا يجوز لها أن تفعل ذلك, أما ما يحدث الآن من أن بعض الرجال أو النساء يتحدث كل منهم مع الآخر علي غرف الشات المغلقة ويخرج أسرار بيته, فهذا مخالف للشريعة الإسلامية, لأن الإسلام أوجب علي الزوج حفظ الأسرار, كما أنه لا يجوز شرعا أن يتحدث أجنبي مع أجنبية أو بالعكس عبر الوسائل الحديثة, وأن الله عز وجل طلب من الصحابة الكرام حينما يريدون شيئا من زوجاتهم أوجب عليهم أن يكون ذلك من وراء حجاب, والآية القرآنية تقول:( وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب, ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن) فإذا كان هذا في القرن الأول, وهو من أفضل قرون الإسلام فنحن في هذا العصر من باب أولي أن نمنع بناتنا وزوجاتنا أن يتحدث أحد مع الآخر عبر هذه الوسائل, فالدين الإسلامي يحافظ علي حرمة البيوت, ويري قدسيتها ويمنع الاقتراب من ذلك. وفي سياق متصل يؤكد الدكتور شرف الدين أحمد آدم أستاذ الثقافة الإسلامية بكلية الدعوة بجامعة الأزهر الشريف, أن الإسلام لا يعادي العلوم الحديثة أو ينفر منها, فمن يقول ذلك لا يعرف حقيقة الإسلام, بل إنه يجهل أبسط قواعد هذا الدين العظيم, الذي كانت أول كلمة فيه علي الإطلاق هي كلمة اقرأ, فالإسلام يحث علي العلم ويدعو إلي التعلم, ويرفع شأن العلماء, وقد سدت الشريعة كل الأبواب المفضية إلي الفتنة, ولذلك حرمت الخضوع بالقول والمصافحة والنظر, ومنعت الخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبية, وأن هذه المحادثات الخاصة سبب من أسباب الفتنة كما وضحنا من قبل, وسيدنا عمر رضي الله عنه, يقول: رب نظرة زرعت شهوة, ورب شهوة أورثت حزنا طويلا حتي وإن خلت هذه المراسلات من المحرمات, ففي مراسلة الشبان للشابات فتنة عظيمة وخطر كبير يجب الابتعاد عنها, والله تعالي يقول: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر. وينصح الدكتور شرف الشباب بأن ينشغلوا بما هو نافع ومفيد, وفيه المستقبل, وألا يلتفتوا إلي غرائزهم وشهواتهم, حتي لا يخسروا ما حققوه من مكاسب, وأن يوجهوا طاقتهم وجهودهم لعمل الخير والنافع المفيد, والنظر بجدية إلي المستقبل, فمن جد وجد, والنفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل.